icon
التغطية الحية

الموت المبكر ووفيات الرضع في سوريا.. أرقام جديدة تكشف كارثة قادمة

2024.08.13 | 06:26 دمشق

جسر "الرئيس" في دمشق، نيسان 2024 ـ AFP
جسر "الرئيس" في دمشق، نيسان 2024 ـ AFP
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • ارتفاع معدلات الوفيات المبكرة بين الشباب: استمرت معدلات الوفيات بين فئة الشباب (20-40 عاما) في سوريا بالارتفاع، حيث وصلت إلى 14 لكل 1000 مقارنة بـ 4 لكل 1000 قبل عام 2011.

  • أسباب الوفيات المبكرة بين الشباب: الأسباب الرئيسية للموت المفاجئ والمبكر بين الشباب تشمل الضغوط النفسية، والغذاء غير المنضبط، وغياب الرقابة على بيع الأدوية، وانتشار المخدرات وخاصة الكبتاغون.

  • زيادة وفيات الرضع: الحرب السورية تسببت في وفاة نحو 4500 رضيع إضافي خلال الفترة من 2011 إلى 2019، مما يعكس حجم الدمار والتأثيرات الصحية الكارثية على الأطفال.

  • ارتفاع معدلات وفيات الرضع: قبل الحرب، كان من المتوقع أن ينخفض معدل وفيات الرضع إلى 16 لكل 1000 ولادة حية، ولكن نتيجة للحرب، ارتفع المعدل إلى 21.5 لكل 1000 ولادة حية في عام 2019.

  • التقزم وسوء التغذية بين الأطفال: وفقًا لتقديرات اليونيسيف، أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون التقزم في سوريا، مما يزيد من خطر الوفاة والاضطرابات الصحية المزمنة


تراجعت وتيرة العمليات العسكرية في سوريا لكن نتائجها ما زالت مستمرة وانعكست على نسبة الوفيات المبكرة بين الشباب والرضع، حيث بقيت نسبة الوفيات بين فئة الشباب بين 20 إلى 40 أعلى من معدلاتها مقارنة بالأعوام قبل 2011 في مناطق سيطرة النظام السوري، وكانت عام 2010 لا تشكل سوى 4 من كل ألف، وصلت اليوم إلى 14 بالألف، وذلك بحسب معلومات حصل عليها موقع تلفزيون سوريا من مصدر في مكتب دفن الموتى بدمشق والذي أكد أن "الضغوط النفسية والمعيشية التي يعيشها المجتمع بأكمله يتحمل الجزء الأكبر منها فئة الشباب كونهم المعنين برعاية الطبقات الأصغر منهم وكذلك فئة المسنيين، يضاف لها ظروف النزوح والدمار وحالة من فقدان الأمل".

وأضاف المصدر لموقع تلفزيون سوريا أن "الطبابة الشرعية التي تعمل بالتوازي مع مكتب الدفن عزت أسباب الموت المفاجئ والمبكر الذي شكل العامل الأول لوفاة الشباب يعود إلى الضغوط النفسية الهائلة وعوامل ثانوية مثل الغذاء غير المنضبط، وغياب الرقابة على بيع الأدوية، وتفشي المخدرات وإدمان الكبتاغون".

ويشير المصدر إلى أن الأرقام لا تشمل الوفيات الناتجة عن جرائم القتل أو الحوادث أو القتل تحت التعذيب في سجون النظام السوري.

وبحسب تقارير أممية درست بلدانا خاضت حروبا طويلة على غرار الحرب في سوريا، كان من المفترض أن تنخفض الوفيات خارج الأعمال العسكرية بين الشباب في سوريا لكنها ازدادت، ما يدق ناقوس الخطر مستقبلا عن الموت "العميم" الذي ينتج عن انهيار القطاع الصحي والاقتصادي وانهيار المنظومة الغذائية، إضافة إلى العواقب الصحية والنفسية الناجمة عن الصراع مثل النزوح والتهجير.

جدير بالذكر أن واشنطن أكدت أن العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري لا تستهدف توفير السلع الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والإمدادات الطبية والأغذية إلى سوريا، مشيرة إلى أن برنامج العقوبات الأميركية على النظام السوري يوفر التصاريح والإعفاءات والتراخيص العامة للمساعدات الإنسانية.

موت الرضع في سوريا

لم يتوقف الموت المبكر على قطف الشبان في سوريا فقط، بل وصل إلى الأطفال والرضع، وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة، ولم يلق انتشارا إعلاميا، فقد تسببت الحرب في الفترة من 2011 إلى 2019، في نحو 4500 وفاة إضافية للرضع، مما يعكس درجة غير مسبوقة من الدمار والخسائر على السوريين واقتصادهم.

وفيما يتعلق بوفيات الرضع في سوريا، تشير التقديرات إلى أن الحرب السورية تسببت في زيادة كبيرة في معدلات وفيات الرضع.

قبل الحرب، كانت سوريا تشهد اتجاها تنازليا مستمرا في معدلات وفيات الرضع، وكانت التوقعات تشير إلى أن المعدل كان سيصل إلى 16 وفاة لكل 1000 ولادة حية ونتيجة للحرب، ارتفع المعدل إلى 21.5 وفاة لكل 1000 ولادة حية في عام 2019.

وتشير التقديرات إلى أن عدد وفيات الرضع الإضافية الناتجة عن الحرب بلغ نحو 95 في السنة الأولى، وارتفع إلى 357 في السنة الثانية، و516 في السنة الثالثة، مع وصول العدد إلى 633 وفاة في عام 2017، إجمالاً، يُقدر العدد الإجمالي لوفيات الرضع الإضافية الناتجة عن الحرب بنحو 4574 وفاة خلال الفترة من 2011 إلى 2019.

وكشفت النتائج عن تأثيرات سلبية كبيرة ودائمة على الاقتصاد السوري والمجتمع. وتشير التقديرات إلى أن انخفاضا كبيرا في التنمية البشرية يعززه انخفاض ضخم في متوسط العمر المتوقع وزيادة كبيرة في معدل وفيات الرضع.

ووفقا لتقديرات اليونيسيف، فإن أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون التقزم في سوريا. وينجم التقزم عن نقص التغذية المزمن ويسبب أضرارًا بدنية وعقلية للأطفال لا يمكن التعافي منها. ويؤثر ذلك على قدرتهم على التعلم وإنتاجيتهم في مرحلة البلوغ.

وعندما يعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد، يضعف جهاز المناعة لديهم، ويكونون عرضة للوفاة بمعدل 11 مرة أكثر من الأطفال الذين يتمتعون بتغذية جيدة، وفق اليونيسيف.

منظمة الصحة العالمية قدرت أن 0.70٪ من العبء العالمي للمرض في عام 2000 كان بسبب الصراعات العسكرية، وعلى المستوى العالمي، تبلغ نسبة سنوات العمر المفقودة بسبب الوفيات المبكرة الناجمة عن الصراع إلى سنوات العيش مع الإعاقة الناجمة عن الصراع 4.75.

وتضيف التقارير أن عواقب الصراع غالبا ما تكون طويلة الأمد، وتمتد إلى ما هو أبعد من صحة ورفاهية الضحايا إلى المجتمعات والأجيال القادمة.

وبالمقارنة مع البلدان النامية الأخرى، فإن سكان البلدان المتأثرة بالصراعات مثل سوريا هم أكثر عرضة للإصابة بنقص التغذية بأكثر من الضعف، ومن المرجح أن يموت أطفالهم قبل سن الخامسة بأكثر من الضعف، ومن المرجح أيضا أن يفتقروا إلى المياه النظيفة بأكثر من الضعف، وأن يكونوا أكثر من ثلاث مرات عرضة للافتقار إلى المياه النظيفة، ووجد تقرير أممي عام 2003 أن العواقب الصحية للصراع تكون أكثر خطورة بالنسبة للنساء منها بالنسبة للرجال.

وأضاف أن الصراعات تفاقم خطر الوفاة والعجز مع زيادة جرائم القتل وحوادث النقل والإصابات الأخرى وسرطان عنق الرحم لدى النساء.وأكد تقرير آخر عام (2017) على تفشي الأمراض في مناطق النزاع.

يحاول التحقيق بعد أن كشف زيادة في عدد وفيات الشبان بعيدا عن الأعمال العسكرية، تسليط الضوء على بعض مسببات هذه الوفيات المبكرة، باعتبارها أثرا مزمنا للحرب يزداد وضوحه مع تراكم الوقت، ويعرض جداول لنسب الوفيات كما وردت من المصدر. على أن نُعد لاحقا تقريرا يركز على مناطق سيطرة المعارضة السورية وخاصة إدلب باعتبارها لم تكن مشمولة في الجداول.

1.38%

مرض السرطان.. مدينة سلمية مثالاً

تنوعت أساليب الموت الذي ألِفه السوريون وتعودوا ذكره منذ أكثر من 13 عاما، فتارة يأتيهم راكبا جياد الحرب التي شنها النظام السوري والميليشيات التابعة له، ومرة يأتيهم مرتدياً عباءة الكورونا، واليوم يزورهم مجددا عبر بوابة المرض الخبيث والجلطات القاتلة الدماغية والقلبية.

تشهد مدينة سلمية بريف حماة الشرقي انتشارا واسعا لمرض السرطان والجلطات المفاجئة، لكن ما يجعلها مختلفة هو ارتفاع نسبة الإصابات فيها عن النسب الموجودة في باقي المناطق بشكل ملحوظ، وهو الأمر القديم الجديد في تاريخ هذه المدينة، فهو قديم من حيث وجود المرض في المدينة، وجديد من ناحية ارتفاع أعداد المرضى بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب منها النفايات النووية التي دفنها النظام في البادية السورية شرقي المدينة، الأمر الذي سبب تلوثا إشعاعيا في المنطقة وبالتالي ارتفاعا في نسبة الإصابة بين السكان بالأمراض الخبيثة كالسرطان وغيره.

اقرأ أيضا: مرضى الكلى يصارعون الموت.. مشافي حماة الحكومية تجمع التبرعات لمواصلة عملها

هذا ما تقوله مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا، أما من جهة النظام فقد صرح أعضاء مجلس الشعب في الجلسة التي عقدها عقب انشقاق عبد الحليم خدام عن النظام السوري في عام 2006، عن قيام الأخير بدفن تلك النفايات وما نتج عن ذلك من تلوث ومخاطر بيئية وصحية.

حماة

زيادة عدد المصابين بالسرطان.. 6 حافلات تقل المرضى

مصادر محلية من قلب المدينة أكدت لموقع تلفزيون سوريا أن أعداد المرضى ازدادت منذ رأس السنة الفائت بشكل كبير جدا، حيث يخبرنا حسين (طلب عدم ذكر اسمه) وهو ابن أحد المرضى أن (المجلس الإسماعيلي الأعلى) في المدينة يقوم بتجميع الأشخاص المصابين بالسرطان كل يومي أحد وخميس أسبوعيا، وينقلهم إلى المشافي المختصة بمعالجة الأورام السرطانية في دمشق كمستشفى البيروني، بحيث يتعاون المجلس مع إدارة المشفى على تسريع إجراءات العلاج للمصابين القادمين من مدينة سلمية وإنهائها والعودة في اليوم نفسه.

ثم يكمل حسين أن (المجلس الإسماعيلي) في بداية العام كان ينقل المرضى عبر حافلتين فقط مع مرافق لكل مريض، في حين ارتفع عدد الحافلات اليوم ارتفع إلى 6.

ارتفاع أسعار الجرعات والأدوية

يكون العلاج المتعلق بالأورام السرطانية مجانيا وتتكفل به الدولة، إلا أنه في كثير من الأحيان لا تتوفر الجرعات في المشفى المختص، الأمر الذي يدفع المريض الذي لا يستطيع الانتظار إلى شرائها من الصيدليات، وقد يصل سعر الجرعة الواحدة بين المليون والمليون ونصف المليون ليرة سورية، وهو ما لا يطيق تحمله المواطن العادي.

والعام الماضي، قال مدير مشفى البيروني في دمشق، محمد قادري إن نحو 9235 مريضاً جديداً بالسرطان دخلوا مشفى البيروني، منذ بداية العام 2023 وحتى الأول من شهر تشرين الثاني الفائت.

يذكر أنه في عام 2009، احتل السرطان المرتبة الثالثة بين أكثر 10 أمراض رئيسية تسبب الوفيات في البلاد، ومع مرور الوقت أصبح الوصول إلى الأدوية المنقذة للحياة أكثر صعوبة في سوريا.

الحسكة

أمراض الضغط والجلطات المفاجئة بين الشباب

يتحدث الإعلام الرسمي التابع للنظام والمحلي، عن أنظمة التغذية والأمن الغذائي والبدائل في ظل الحرب والأزمة الاقتصادية، في حين يسقط السوريون في الفجوة الكبيرة التي تفصل بين الواقع المعيشي وتلك النظم الأقرب "للخيال"، والتي تنتشر على الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

في كانون الثاني الماضي، كشف رئيس الأطباء في مشفى حماة الوطني، محمد الحامد، ازدياد تواتر حالات الوفيات بالأزمات القلبية لدى الشبان مؤخراً، وتكرار الحالات الناتجة عن الضغط النفسي والذي يؤثر بشكل مباشر على الشرايين الإكليلية، ويؤدي للأزمات القلبية.

وقال الحامد إن من بين الأسباب الأخرى المسببة للأزمات القلبية بين الشبان التدخين والأركيلة وتناول الأطعمة الدسمة، وفقاً لإذاعة "شام إف إم" المقربة من النظام السوري.

درعا

وكشف "زهير السهوي" مدير الأمراض السارية في وزارة الصحة التابعة للنظام في 26 من أيار الماضي لموقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري عن ارتفاع أعداد المصابين بالأمراض المزمنة مثل الربو والسكري وأمراض الدم والضغط والقلب.

مضيفاً أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى إصابة أكثر من 115،300 شخص بأمراض" الضغط الشرياني" خلال العام الفائت فقط. وإلى ازدياد أعداد مرضى القلب من  85,965  مريضاً عام 2022 إلى 115,213 مريضاً عام 2023، ومرضى الربو فقد تزايد عددهم من 14,245 عام 2022 إلى 25,113 عام 2023.

أما مرضى السكري فقد ذكر "السهوي" إن أعدادهم قد تراجعت من 209.430 مريضاً العام 2022، إلى 199،340 مريضاً عام 2023، دون أن يذكر أين ذهب هذا النقص في أعداد مرضى السكري، وهل تعافوا أم فارقوا الحياة!.

ولكنه ذكر أن الأوضاع الاقتصادية المترّدية والضغوط النفسية التي تُواجّه السوريين. تؤدي إلى تزايد الأمراض وتفاقم الأزمات الصحية.

السويداء

وكان "محمد سمير بركات" عضو الجمعية السورية لداء السكري قد تحدث في شهر شباط الفائت أنّ عدد المصابين بمرض السكري في سوريا تجاوز الـ 200 ألف مريض، وأكد أن الأعداد بتزايد وخاصة عند الأطفال، مبيناً أن الأسباب تكمن وراءها سوء التغذية والوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ والذي يؤدي بطبيعة الحال إلى أزمات نفسية وصحية مزمنة.

وتقول خبيرة التغذية "حلا الخطيب" لموقع تلفزيون سوريا؛ "لم يعد العلاج كافيا لوقف التراجع الصحي وازدياد الأمراض المزمنة عند السوريين، وحتى اختيار الحد الأدنى من الوقاية أو التغذية المناسبة والتي تحتوي على الاحتياجات الأساسية للحفاظ على الجسم والوقاية من الأمراض.. فالأمر يتعدى هاجس طرق العلاج والوضع المعيشي السيئ وسوء التغذية، إلى أزمات تلوث البيئة، ونقص المياه عموماً وتلوثها في العديد من الأماكن، وكذلك اعتماد العديد من المزارعين على مياه الصرف الصحي في سقاية الخضار والفواكه، وإلى جانب هذا يظهر تخلف جهاز الرقابة الصحية عن متابعة كل الصناعات الغذائية وبالأخص ما يتناوله الأطفال واليافعون من أصباغ ومواد كيماوية"، مشيرة إلى أن كل ذلك يؤدي إلى انتشار الأمراض وربما الوفيات المبكرة في البلاد.

وبحسب تقديرات اليونيسيف، فإن سوء التغذية الحاد بين الأطفال في ارتفاع مستمر. فقد ارتفع عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-59 شهرًا والذين يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 48 في المئة من عام 2021 إلى 2022.

الأدوية الإيرانية والأمراض في سوريا

يكافح الأطباء في المستشفى الوطني بحماة لتأمين الأدوية اللازمة لإنقاذ الطفل صهيب من استئصال جزء من رئته "فص رئوي" وذلك بسبب مضاعفات نتجت لانعدام أدوية الالتهاب التي تم استخدامها لعلاج مرض ذات الرئة.

يقول الدكتور ناصر محمد المشرف على صهيب: "راجعنا صهيب في المستشفى قبل نحو شهر وكان يعاني من التهاب ذات الرئة، ووصفنا له أدوية التهاب والتي من شأنها أن تكون كافية للتعافي في غضون بضعة أيام أو ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير، لكن عندما راجعنا صهيب تبين لنا أن أحد الفصوص الرئوية فيه خلل واضح، وهو ما دفعنا للتأكد من والد صهيب بأنه فعلا أعطى صهيب الأدوية الموصوفة من قبل".

دمشق

ويضيف الدكتور ناصر لموقع تلفزيون سوريا أن الأدوية الإيرانية غزت الصيدليات لكنها للأسف منخفضة الفعالية، وأن ما حصل مع صهيب يظهر أنها عديمة الفعالية.

ويعرّف الدكتور ناصر الالتهابُ الرئوي (pneumonia) بأنه عدوى عميقة في الرئتين؛ تشتمل العدوى على الجيوب الهوائية الصغيرة في الرئتين (الحويصلات)، ويختلف الالتهابُ الرئوي عن عدوى الممرَّات الهوائية (القصبات الهوائية) في الرئتين، حيث تُسمَّى عدوى الممرات الهوائيَّة التهاب القصبات، ويمكن شفاؤها بسهولة باستخدام المضادات الحيوية.

أما عملية استئصال جزء من الرئة يقول الدكتور ناصر: "هي عملية جراحية تجرى لإزالة واحد من فصوص الرئة، قد يتم تنفيذ هذا الإجراء عندما يتم الكشف عن وجود خلل في جزء محدد من الرئة، عند إزالة الفص المصاب فقط من الرئة، تبقي الأنسجة السليمة بمنأى للحفاظ على الوظائف الكافية للرئة".

يقول الدكتور ناصر إن حالة صهيب تعتبر الأخف من بين حالات أخطر تم تشخيصها نتيجة انخفاض أو انعدام الفعالية الدوائية والتي أدت بالأطفال إلى حالات فشل كلوي أو آفات قلبية وقسم لا بأس به كانت نتيجته وفاة المرضى.

بدأ الاعتماد على الأدوية الإيرانية في سوريا منذ عام 2013  عبر الخط الائتماني الإيراني ـ السوري، ومنذ لك الوقت فإن معظم المرضى بدؤوا يستشعرون بتراجع المفعول العلاجي لمعظمها، وبات واضحاً في الأدوية المسكنة للآلام التي تُعد الأكثر حاجة واستهلاكا للأمراض الموسمية والآنية، حيث أصبح بيع معظم الأدوية والتي كانت تتصف بمفعولها القوي المصنعة محلياً دون وصفة طبية مثل "الترامادول" و"السيتاكودائين"، وبات معظم المرضى يُعانون عدم نجاعة الأدوية المسكنة والعلاجية، والعديد من الصيادلة ينصح بمضاعفة كمية العلاج تلقائياً، ودون مراجعة الطبيب، ما قد يسبب مضاعفات تؤدي للوفاة.

طرطوس

ويوضح الصيدلاني غيث (اسم وهمي) لموقع تلفزيون سوريا، "يضطر معظم الأهالي للاعتماد على الدواء ذي المصدر الإيراني لأنه أقل كلفة فهو معفي جمركيا، في حين تضطر ما تبقى من شركات تصنيع الدواء السوري لشراء الأمصال بالقطع الأجنبي، فتكاليف استيرادها مرتفعة، ما يخلق فرقاً في الأسعار بين الدواء الإيراني والسوري".

ويلفت غيث إلى أن الدكتور محمود الحسن، طالب بوقف استيراد الدواء الإيراني أو على الأقل فرض رسوم جمركية ودعم شراء الأمصال بالعائد المادي، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل وزارة الصحة، وشغل الدكتور الحسن منصب نقيب صيادلة سوريا، وتوفي في نيسان 2024.

اللاذقية

ويختم غيث كلامه بالقول: "بعد أن وصل إنتاجنا المحلي من الأدوية حد الاكتفاء الذاتي، بدأنا بتصدير الأدوية إلى أكثر من 44 دولة عربية وأجنبية، جاءت إيران اليوم لتقضي على صناعة الأدوي المحلية في سوريا وتستعيضها بأدوية عديمة الفعالية، وكنا نملك مصانع أدوية قاربت الـ60 مصنعًا تركزت في حمص وحلب وريف دمشق، في حلب وحدها كان هناك نحو 25 مصنعا بمواصفات عالمية، وبلغت قيمة إنتاجها الفعلي آنذاك قرابة 500 مليون دولار أميركي، واليوم بات الحصول على مضاد حيوي حقيقي أشبه بالمعجزة".

كان نحو 90٪ من الأدوية والمستلزمات الطبية ينتج في سوريا في مصانع الأدوية في حلب، وريف دمشق وحمص قبل بداية الحرب، ولكن معظم هذه المصانع لم تعد تعمل اليوم.

موت مبكر.. شعب هرم

تشير الأرقام الحالية والدراسات الأممية التي أنجزت عن سوريا، إلى أن الحرب كان لها تأثير مدمر ودائم على مؤشرات التنمية البشرية، حيث زادت معدلات وفيات الرضع بشكل كبير وانخفضت متوسطات العمر المتوقع بشكل كبير أيضا، إضافة إلى زيادة الموت المبكر بين الشباب.

وأدت الأعمال العسكرية التي شنها النظام ودعمها حلفاؤه الروس والإيرانيون، إلى تدهور غير مسبوق في جودة المؤسسات، مما انعكس في تراجع حكم القانون وزيادة الفساد بشكل واسع.

وأظهرت الدراسة الأممية أن تأثير الحرب الأهلية على مسار النمو الاقتصادي كان مؤقتًا. حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بشكل كبير خلال السنوات الأولى من الحرب، لكن هذا الانخفاض كان مؤقتًا، وبدأت سوريا في التعافي الاقتصادي التدريجي بعد عام 2013. مدعوما بالمساعدات الإنسانية الدولية والأممية.

وبحلول عام 2019، كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد في سوريا أقل بنحو 974 دولارًا (نحو 14%) مقارنة بالدول المشابهة التي لم تتعرض للحرب.

في المقابل كان للحرب تأثير دائم وكارثي على التنمية البشرية، إذ سجلت الدراسة انخفاضا كبيرًا في مؤشرات التنمية البشرية مثل متوسط العمر المتوقع ومعدل وفيات الرضع.

وانخفض متوسط العمر المتوقع في سوريا من 74 عاما قبل الحرب إلى نحو 69 عاما خلال الحرب، مما يشير إلى خسارة عام واحد في متوسط العمر لكل سنة من سنوات الحرب.