تتربع أكلة المعاجيق أو مايعرف "بالمعجوقة" على رأس قائمة الطعام في المطبخ السلموني، لما لها من مكانه رفيعة في نفوس أهالي المنطقة، فهي أكلة تراثية تنفرد بها مدينة سلمية عن غيرها، وتنتج جميع مكوناتها محليا، كما أنها تقترن بالمناسبات والأفراح، إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية لكثير من العوائل جرد موائدهم من هذه الفطيرة المفضلة.
المعجوقة.. فطيرة تشبه البيتزا
تعتبر شمس (طلبت عدم ذكر اسمها) "المعجوقة" هذه الفطيرة المصنوعة من اللحم المفروم، أكلتها المفضلة وقد اعتادت أن تتناول فطيرة على الأقل في كل أسبوع منذ أن كانت طفلة، لكنها تضيف في حديث لتلفزيون سوريا بأن تراجع القدرة الشرائية للكثير من السكان حال دون ذلك، فهي اليوم لا تكاد تراها إلا في العزائم أو المناسبات، وعلى بعض الموائد الخيرية.
وتقول أيضا: "مؤخرا بدأنا نأكلها بلحم الفروج بعد أن كانت تصنع من لحم الغنم وهو ما كان يميزها صراحة عن غيرها من فطائر العجين المصنوعة من اللحم، لكننا مضطرون أكثر من أي وقت مضى أن نتحايل على الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها خاصة مع ارتفاع تكلفة المعيشة للفرد والأسرة".
تستكمل أم شمس الحديث وتقول : إنه "وبعد الغلاء الفاحش في الأسعار أضحت تصنع هذه الأكلة التراثية في منزلها رغم صعوبة تأمين الكهرباء والغاز لإيقاد الفرن، لكنها تؤكد أن طبخها منزليا في المناسبات أقل تكلفة وأكثر بركة ويمكن أن تتحكم ربة المنزل بحجم المكونات فتزيد من كمية العجين على حساب اللحم والخضار".
كيف تصنع "المعجوقة" وما هي مكوناتها؟
وعن كيفية صنع المعجوقة يوضح أبو هشام لتلفزيون سوريا وهو صاحب فرن وملحمة في المدينة " أعرف أن هذه الأكلة قديمة جدا والدي أيضا كان يعمل في هذه المهنة ويصنع المعاجيق إلى جانب فطائر أخرى، وهي ماتزال الأكلة المحببة لأهالي المدينة، سابقا كنا نصنع يوميا ما يزيد عن 10 كغ، أما الآن فقد تقلصت الكمية إلى نحو 1 كغ أوأثنين".
تعتمد هذه الأكلة في قوامها الرئيسي على لحم الغنم العواس الذي يربى في البادية القريبة والقرى المحيطة في المدينة، ويضاف إليه بعض الخضار (فليفلة حمراء وخضراء وبقدونس) زائد دهنة الخروف والتوابل، تعجن هذه المكونات مع الطحين وتوضع على وجه العجينة قبل إدخالها الفرن لتنضج بشكل شبيه بقرص البيتزا المعروف عالميا.
يتابع أبو هشام بشكل مفصل "نقوم بفرم ما يقارب 200 غرام من اللحمة أو يزيد على السكين قطعا صغيرة بحجم رأس العصفور نضيف لها بعض الدهنة، ثم نقوم بفرم القليل من الفلفل الأخضر والأحمر مع البقدونس، نخلط هذه المكونات مع بعضها وتسمى هذه العملية تحضير الحشوة، ثم نبدأ المرحلة الثانية وهي تقطيع العجين وتمديده بشكل دائري، تعجن الحشوة بداخل العجين وهي الحركة التي تميزها عن غيرها من الفطائر قبل أن تمدد العجية مرة أخرى ويغطة وجهها باللحم والمكونات الأساسية ثم ندخلها الفرن وهكذا وبعد 15 دقيقة تكون جاهزة للأكل".
يباع الكيلو الغرام من هذه الفطيرة اليوم بنحو 180 ألف ليرة سورية بعد أن كان سابقا لا يتجاوز ألفين ليرة، لذلك عمد معظم أصحاب الأفران لتعديل المكون الرئيسي في هذه الاكلة من اللحوم الحمراء إلى اللحوم البيضاء بسبب ارتفاع الأسعار، وباتت تنتج المعجوقة اليوم بلحم الفروج ويقدر الكيلو غرام الواحد منه بنحو 90 ألف وهو مايزال بعيد عن متناول الكثرين.
أكلات تراثية اختفت من الموائد
لم تكن أكلة المعجوقة الوحيدة التي اختفت من موائد أهالي المدينة، رغم أنها كانت في رأس قائمة الطعام المحبب لديهم، الكثير من أصناف المأكولات خرجت من القائمة خاصة تلك التي تحتوي في قوامها على اللحوم، ومن هذه الأكلات "الهريسة" أيضا والتي تصنع من حبوب الحنطة ولحم الفروج وتعد أيضا من ضمن الأكلات الشعبية المفضلة في المنطقة، التي تفتقر معظم العوائل فيها للحصول على غذاء صحي، في ظل ارتفاع الأسعار المتسارع وانعدام الدخل.