عاد مسلسل "الكبير أوي" في الموسم الرمضاني الأخير مع موسمه السادس بعد انقطاع استمر نحو ستة أعوام، مثبتًا أنه واحد من الأعمال الكوميدية التي لا تزال تتمتع بشعبية كبيرة ليس في مصر فقط، بل تمتد هذه الشعبية إلى العالم العربي عمومًا، حيث وصل فيها إلى تصدّره قائمة الهاشتاغ الأكثر تغريدًا على تويتر، وذلك على الرغم من التعديلات والوجوه الجديدة التي أضيفت إلى العمل، إلا أنه ما بدا واضحًا أنها حققت إضافة جديدة لهذا المسلسل الذي أعلن صُناعه في نهاية الحلقة الأخيرة عن عودته مرة أخرى في الموسم الرمضاني المقبل.
الكبير أوي.. وعودة أحمد مكي
بداية أود التطرق إلى نقطة أرى أنها مهمة في سياق عودة أحمد مكي الناجحة في الموسم الجديد من "الكبير أوي" بعد انقطاع طويل، والمتوقّع هنا أن هناك سببًا ساهم بهذه العودة، بطريقة أو بأخرى، نظرًا لأن المسلسل كان من أنجح الأعمال الكوميدية منذ انطلاقته الأولى في عام 2011، قبل أن يتوقف بشكل نهائي في عام 2015، أي بعد عام واحد من وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في مصر، والواضح أن عودة "الكبير أوي" جاءت مرهونة بمشاركة مكي نفسه في مسلسل "الاختيار2" المدعوم إنتاجه من المؤسسة العسكرية في مصر، والذي قدم في هذا الجزء الرواية الرسمية لإدارة السيسي حول أحداث فض اعتصام رابعة العدوية.
وعلى عكس المواسم السابقة، يعود أحمد مكي (يؤدي أدوار الكبير أوي، حزلقوم، جوني) في هذا الموسم مقدمًا قصصًا كوميدية متصلة – منفصلة، بعدما كانت المواسم السابقة تقدم في كل حلقة أو حلقتين على أبعد تقدير قصة مختلفة عن التي سبقتها، وتميزت هذه العودة بتقديم مجموعة من الوجوه الجديدة التي انضمت إلى الموسم السادس، بما في ذلك حاتم صالح (نفادي) الصديق المقرب من الكبير أوي، رحمة أحمد فرج (مربوحة) زوجة الكبير أوي، مصطفى غريب (العترة)، عبد الرحمن طه (جوني الصغير)، وهما ولدا الكبير، بالإضافة إلى عبد الرحمن حسن (طباظا).
كتّاب جدد لـ حلقات الكبير أوي
وكذلك، بخلاف المواسم التي بدأت فكرتها من مكي، فإن هذا الموسم الذي أخرجه أحمد الجندي، كتبت حلقاته بإشراف من الكاتبين مصطفى صقر ومحمد عز الدين، بينما ضمت ورشة الكتابة سارة هجرس، بالاشتراك مع كريم يوسف وإبراهيم خطاب، فضلًا عن تكرر ظهور محمد سلام بدور هجرس، وكذلك بيومي فؤدا بدور الدكتور ربيع، بالإضافة طبعًا إلى هشام إسماعيل بدور فزاع، وحسين أبو حجاج بدور أشرف.
ما كان واضحًا في الموسم السادس – على الرغم من استمرار القصة لأكثر من حلقتين – هو التنوّع في المواقف الكوميدية والحوارات الساخرة التي كانت حاضرة في الحلقات جنبًا إلى جنب مع اللمسة الكوميدية التي اعتدناها من مكي سابقًا، علمًا أن المسلسل غير مخصص للفئة العمرية ما دون الـ16 عامًا، لما يتضمنه في بعض المواقف من إيحاءات جنسية وردت في حوارات بعض المشاهد، ويمكن القول هنا إن هذه المواقف لم تنقص من قيمة العمل الفنية أولًا، وهي فعليًا لا تخرج عن سياق سواء المواسم السابقة أو الأعمال الأخرى التي قدمها مكي خلال مسيرته الفنية ثانيًا.
التأثر بعالم مارفل السينمائي
يظهر تأثر مكي في هذا المسلسل بعالم مارفل السينمائي إلى حد ما، يمكننا هنا الإشارة إلى قصة تحول العترة من طفل صغير إلى طفل كبير، وهي مقتبسة من قصة عالم الفيزياء بروس بانر الذي تحوّل إلى الرجل الأخضر "هولك" في قصص مارفل المصوّرة، وبعدها "لعبة السبيط" التي قدم فيها محاكاة ساخرة لمسلسل نتفليكس "لعبة الحبّار" (squid game) الذي تحوّل إلى ظاهرة عالمية، وهو هنا يعيد تقديم هذه القصص من وجهة نظره الخاصة بالثقافة الشعبية مع لمسة بعيدة عن عالم الجريمة والعنف.
يعتمد "الكبير أوي" في جزء من حلقاته على المرويات الشفهية في الثقافة الشعبية السائدة، كما الحال مع الحلقات التي يتقمص بها أحد الجان، العترة ابن الكبير، وهو في طريقة ما عندما يغضب يحول الكبير إلى قرد صغير، وهذا ليس غريبًا على مكي الذي عمل سابقًا على قصة مشابهة في فيلم "طير أنت"، وقبلها أيضًا فيلم "الحاسة السابعة"، حيثُ شارك في العمل الأول في كتابة السيناريو إلى جانب دور البطولة، بينما تولى مهام الإخراج في العمل الثاني.
في العودة إلى ذلك، نلمس في الحلقات الخاصة بـ"مهرجان المزاريطة السينمائي الدولي" سخرية من المهرجانات السينمائية بشكل عام، من أحداث مهرجان الجونة السينمائي إلى حادثة الصفع التي شهدها حفل توزيع الأوسكار الأخير، وأيضًا لدينا سخرية أخرى من شخصية هجرس التي تحولت إلى ظاهرة في مصر، وظهور محمد سلام بشخصيته الحقيقية في المهرجان ناكرًا شخصية هجرس، قد تبدو القصة مكررة لكن هجرس أضفى عليها لمسته الخاصة عندما هدد سلام بالقول: "مثل ما صنعتك هاصنع غيرك"؟
من هي الوجوه الجديدة في "الكبير أوي"؟
ولا بد هنا من الإشارة إلى تميز الوجوه الجديدة في العمل، حيثُ حظيت شخصيتي مربوحة ونفادي بتفاعل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، الأولى بمواقفها الكوميدية التي أضفت لمستها الخاصة بخروجها في بعض المشاهد عن النص، أما الثاني فقد قدم في غمزته الشهيرة رؤية "الكبير أوي6" الخاصة لشخصية حمدي الوزير الذي اشتهر بحركة الفم والغمزة عندما قدم شخصية فيومي أبو ركبة في فيلم "قبضة الهلالي"، والتي تحولت إلى تريند "المتحرش" على الرغم من أن الوزير كان ينظر في المشهد إلى ضابط الشرطة لا إلى ليلى علوي.
ما نود الإشارة إليه هنا في حديثنا أن مكي في الأعمال التي قدمها بالاشتراك مع الأسماء المتميزة دائمًا ما يستند إلى السخرية من الثقافة الشعبية، أو ما يعرف "بالمحاكاة الساخرة" (parody/Spoofs)، وهو نمط يسخر من جميع الأعمال الفنية والأدبية، وحتى المشاهير أيضًا، بعيدًا عن مضمون القصة لأن الهدف من هذه الأعمال الضحك والكوميديا فقط، والتي تحتاج إلى شخصيات متنوّعة غير مقتصرة على مكي وحده، بل يحتاج إلى شخصيات تساعده على نجاح هذه السخرية، حيثُ غالبًا ما نجد مكي شخصية مساعدة للشخصيات التي تروي النكات الساخرة في المشاهد.
لذلك، ليس غريبًا أن يحقق "الكبير أوي6" هذا النجاح الجماهيري على المستوى العربي، وهو فعليًا ما يدل على ابتعاد الجمهور عن الأعمال الاجتماعية أو الدرامية التي أصبحت تكرر نفسها بالقصة ذاتها كل عام أولًا، وأن القصص والمواضيع المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي بطريقة ساخرة ثانيًا، لأن "الكبير أوي6" حتى السخرية نفسها يستمدها من الدردشات اليومية على هذه المنصات، وهي دردشات ساخرة تحظى بتفاعل في الثقافة الشعبية، كما الحال مع حظر نقيب المطربين المصريين هاني شاكر لأغاني المهرجانات، على الرغم من شهرتها التي تتجاوز شهرة شاكر نفسه في يومنا الراهن.