انعكس الحظر الجديد الذي فرضته الحكومة التركية لمدة 18 يومًا بسبب فيروس كورونا بشكل أساسي على اللاجئين السوريين في تركيا، وخاصة مع توقف قطاعات اقتصادية واسعة ما تسبب بحرمان آلاف الأسر من مصدر عيشها، وزاد من معاناتهم انهيار قيمة الليرة التركية وارتفاع أسعار السلع الغذائية وعدم وجود جهات إغاثية ومنظمات إنسانية تغطي احتياجاتهم.
اتخذت الحكومة التركية إجراءات للحد من انتشار فيروس "كورونا" وانسحبت على الجميع سواء من المواطنين أو المقيمين بصفة لاجئين وغيرهم، إلا أن الضرر الأكبر يقع على اللاجئ السوري، حيث يستفيد المواطن التركي من حزمة القرارات التي اتخذتها الحكومة التركية لمساعدة مواطنيها وبشكل خاص الذين تضرروا من حالات الحظر وتوقف أعمالهم، إلا أن العامل السوري خسر عمله ومصدر دخله إلى جانب الإجراءات القانونية التي تكبله وتحرمه من التحرك في هذا الوقت.
وفي الصدد، يرى الصحفي المختص في شؤون اللاجئين السوريين عبد الله سيلمان أوغلو أن وباء كورونا ألقى بظلاله على سكان الأرض كافة، وتسببت بأزمة اقتصادية واجتماعية تنوء بحملها كبرى الدول، وسيكون تأثير ذلك مضاعفاً على اللاجئين الذين في غالبيتهم يؤمنون لقمة عيشهم بعملهم اليومي.
وأضاف سليمان أوغلو في حديث مع موقع تلفزيون سوريا أن، السوريين بمعظمهم يعملون بشكل غير قانوني ولا يملكون تصريحات عمل، وهذا يحرمهم من الدعم الذي تقدمه الحكومة التركية للعمال في ظل أزمة كورونا، من يترك عمله اليوم لن يكون قادراً على الحصول على أدنى تعويض، فلا إن بقي في منزله سلم ولا إن غادره، فلا عمل يغنيه ولا مال يسد احتياجاته ويلبي متطلباته من دفع الإيجار إلى مصاريف الطعام والشراب."
البحث عن حلول
العامل السوري في تركيا لا يحصل على معاش عال، فلا يكاد معاشه يكفيه لتأمين احتياجاته الأساسية وعلى هذا الحال لا يمكنه ادخار بعض المال لمواجهة مثل هذه الأزمات في حال الانقطاع عن العمل، يقول أحمد الأحمد: "أعمل في ورشة خياطة وأحصل على مبلغ 2400 ليرة تركية في الشهر وهو لا يكفي حتى نهاية الشهر، حيث يصل إيجار المنزل مع فواتير الكهرباء والماء إلى 1000 ليرة شهريا، وما يتبقى يقسم بواقع 350 أسبوعياً كمصاريف طعام وشراب عدا المواصلات والاتصالات."
وتابع الأحمد: "ما يزيد من مخاوفي هو أن أصبح عاجزاً عن تأمين احتياجات منزلي أكثر من خوفي من الفيروس، فإن لم نمت نتيجة الإصابة بكورونا سنموت من الجوع، لا أعرف كيف سأجيب مالك منزلي إن طالبني بالإيجار، فلا يمكنني أن أدفع هذا الشهر وإن أمهلني حتى الشهر المقبل فسيكون من المستحيل سداده."
وطالب الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي أو المعني بتمويل بعض المنظمات بتقديم مساعدات والبحث عن حلول تعين العامل على تغطية احتياجاته مع اقتراب عيد الفطر، حيث يرى أن أصحاب رؤوس الأموال يمكن لهم تقديم الدعم والمساعدة في هذا الظرف العصيب.
أما أيمن الخالد العامل في مصنع لإنتاج الأكياس البلاستيكية، فلم يتمالك نفسه وانهمرت دموعه عندما أخبره رب العمل بأنهم سيتوقفون عن العمل لمدة 18 يوماً، ويقول في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "صدمت بخبر توقف المنشأة عن العمل، فهذا يعني أنه لن أستطيع شراء ربطة خبز لعائلتي، ما أتقاضاه هو الحد الأدنى للأجور أي 2300 ليرة شهرياً، وبما أن إجراء الإغلاق يطول جميع قطاعات العمل فلم يعد باستطاعتنا العمل في قطاع آخر، وهذا يعني أنه ليس بإمكاني الاستدانة من أحد."
وأضاف أن بعض العائلات السورية تحصل على بطاقة المساعدات المقدمة من الاتحاد الأوروبي "كرت الهلال الأحمر"، بالطبع لا يكاد يغطي الإيجار لكنه يبقى أفضل من لا شيء، تقدمت مرات عدة للحصول عليها لكن طلبي قوبل بالرفض ولم أستطع أن أحصل على المساعدة التي يجب أن تكون حقا لكل عامل."
ضيق في الحال
توقف النشاطات الاقتصادية أثر بشكل سلبي على العمال وأرباب المصالح والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحول ذلك يقول سالم أحمد صاحب ورشة تصنيع أحذية تضم 20 عاملاً "مع بداية وصول فيروس كورونا إلى تركيا، انخفض معدل إنتاج الورشة حيث جاء بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية، وأصيبت الأسواق بالجمود، ومع تأزم الأوضاع خفضنا ساعات العمل إلى أن توقف بعدها بشكل كامل."
ويضيف أن جميع العمال تأثروا بهذه القرارات ونحن أيضاً، فعلينا الاستمرار في دفع إيجار المنشأة وهذا يزيد العبء علينا ونحن لا نعمل، بعض من العمال لدينا وضعهم المادي سيئ وليس لدي القدرة على الاستمرار في دفع أجورهم، علما أننا لن نعود للعمل من جديد حتى انتهاء فترة الحظر التي ستستمر 18 يوما، وهذا ما أسهم في تأجيج المشكلة."
يعيش في تركيا أكثر من 3.5 ملايين سوري بحسب الإحصائيات الصادرة عن إدارة الهجرة التركية يتوزعون على عدة ولايات ويتركز معظمهم في إسطنبول وغازي عنتاب وأورفا، ويذكر أن دائرة الهجرة التابعة للحكومة التركية أتاحت الفرصة مرات عدة للاجئين السوريين ممن هم بحاجة إلى المساعدات التسجيل عبر رابط إلكتروني، والعديد من المنظمات والجهات المعنية تعمل على تقديم الخدمات بحسب قدرتها.