اعتبر رئيس حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي فجر الإثنين، قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة "انقلابا على الثورة والدستور"، وشدد على أن الشعب التونسي وأنصار "النهضة" سيدافعون عن الثورة.
وفي وقت سابق من مساء الأحد أعلن سعيد، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
وتعقيبا على ذلك، قال الغنوشي: "ما قام به الرئيس سعيد هو انقلاب على الثورة والدستور ".
وأضاف الغنوشي، في تصريحات إعلامية أن "أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة"، وحذر من أن قرارات سعيد "خاطئة وستُدخل تونس وشعبها في ظلمات وسلطة الرأي الواحد".
وحول ما صرح به سعيد من أنه استشار رئيس البرلمان ورئيس الحكومة في قراراته، نفى الغنوشي ذلك، وقال: "الرئيس سعيد استشارني فقط في إجراءات طارئة، وقد اعتاد الاستشارة حول الطوارئ، ولم يُعلمنا مسبقا بقراراته" التي أعلنها مساء الأحد، وشدد الغنوشي على أنه يعتبر أن "البرلمان في حالة انعقاد دائم والحكومة ما زالت قائمة"، داعيا النواب إلى "الصمود والدفاع عن شرعيتهم أمام الإجراءات الباطلة التي اتخذها رئيس الدولة".
وتابع أنه "اتصل بالأمين العام للاتّحاد العام التونسي نور الدين الطبوبي (أقدم منظمة نقابية في تونس) من أجل استعادة الديمقراطية"، داعيا في الوقت نفسه بقية المنظمات الوطنية "إلى الدفاع عن الشرعية" .
وأضاف الغنوشي بأنه بصدد الاتصال برئيس الحكومة هشام المشيشي إثر القرارات التي اتخذها رئيس الدولة.
وأكد أنه سيدعو إلى اجتماع للكتل البرلمانية اليوم الإثنين، ومواصلة العمل بشكل عادي في البرلمان، مشيرا إلى أنه في صورة تعطيل عمل البرلمان فـ"سُيعتبر ذلك جزءا من استبداد الرئيس قيس سعيد".
وكان سعيد شدد على أن قراراته "ليست تعليقا للدستور، وليس خروجا عن الشرعية الدستورية"، مستدركا: "لكن إذا تحول القانون إلى أداة لتصفية الحسابات وأداة لتمكين اللصوص الذين نهبوا أموال الدولة وأموال الشعب المفقر، فهي ليست بالقوانين التي تعبر عن إرادة الشعب بل أدوات للسطو على إرادة الشعب".
وجاءت قرارات سعيد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ حيث طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
وتخللت تلك الاحتجاجات اعتداءات على مقار لحركة "النهضة" في عدد من محافظات البلاد، وهو ما دانته الحركة في بيان، واتهمت المتورطين في تلك الاعتداءات بأنها "عصابات إجراميّة يتمّ توظيفها من خارج حدود البلاد ومن داخلها، بغرض إشاعة مظاهر الفوضى والتخريب، خدمة لأجندات الإطاحة بالمسار الديمقراطي وتعبيد الطريق أمام عودة القهر والاستبداد".
ويُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضا ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن، منذ يناير/كانون الثاني الماضي، تعيش تونس على وقع أزمة سياسية بين سعيد ورئيس الحكومة المشيشي؛ بسبب تعديل وزاري أجراه الأخير ويرفضه سعيد.
وبجانب أزمتها السياسية، تعاني تونس أزمة اقتصادية حادة، زادتها سوءا تداعيات جائحة "كورونا"، التي تضرب البلاد بشدة، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية، ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية.