في 21 حزيران 2022، وقع مسؤولون لبنانيون وسوريون ومصريون على اتفاقية يقوم من خلالها لبنان باستيراد 22.95 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي المصري سنوياً وذلك عبر خطوط الغاز التي تمر بالأردن وسوريا. ويمكن لهذا الغاز أن يولد 450 ميغاواط من الكهرباء أيضاً، مما قد يزيد ساعات الكهرباء المتوفرة في اليوم الواحد لبيوت اللبنانيين.
وفي مقابلة أجريت مع ويل تودمان، وهو عضو في برنامج الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، طرحت عليه الأسئلة الآتية:
السؤال 1: هل ستوفر هذه الاتفاقية للبنان مصدراً معتمداً للكهرباء؟
الجواب 1: لا، إذ حتى عند تطبيق هذه الاتفاقية بمجملها، ستبقى معظم البيوت اللبنانية بلا الكهرباء التي توفرها الدولة، حيث ستنقطع الكهرباء لمدة 18 ساعة يومياً، كما أن الاتفاقية ما هي إلا حل علاجي قصير الأمد يحاول معالجة أمر الفساد والخلل الوظيفي في قطاع الكهرباء اللبناني، ثم إنه سيزيد ديون لبنان، لكنه سيخفف الضغوط على الدولة حتى تقوم بإصلاحات في مجال توريد الكهرباء.
إلا أن كثيرين رحبوا بساعات إضافية من الكهرباء، لا سيما خلال أشهر الصيف القائظة، ثم إن الغاز أنظف من الديزل الذي تعتمد عليه محطات الطاقة والمولدات في لبنان.
السؤال 2: هل ستنفذ هذه الاتفاقية؟
الجواب 2: لم يتضح ذلك بعد، وذلك لأن الاتفاقية بحاجة إلى موافقة أميركية، إذ بالرغم من أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا هي من أعلنت عن قيام هذه الاتفاقية قبل عام تقريباً، فإن مصر والأردن ما تزالان تنتظران الموافقة الأميركية حول عدم خضوع هذه الاتفاقية للعقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، بما أن هذا القانون يحظر التعامل مع النظام السوري أو عقد صفقات تجارية معه. وعلى الرغم من عدم توقيع صفقة مع النظام في سوريا، فإن هذه الصفقة تتيح للنظام الاستفادة من بعض الغاز الذي يمر بأراضي الدولة السورية، ولهذا صرح مسؤولون أميركيون منذ فترة قريبة بأنهم لن يؤكدوا عدم خضوع هذا المشروع للعقوبات إلا بعد توقيع لبنان ومصر على العقد والإفصاح عن شروطه المالية.
وإضافة لذلك، يشترط البنك الدولي لتمويل هذا المشروع قيام إصلاحات في قطاع الطاقة بلبنان، وتشمل تلك الإصلاحات ضمان تحصيل التعرفة بشكل صحيح، بيد أن البنك الدولي لم يؤكد حتى الآن بأن شروطه قد تحققت.
السؤال 3: ما هي سياسة هذه الاتفاقية؟
الجواب 3: أتت هذه الصفقة نتيجة للتنافس الأميركي-الإيراني في لبنان، إذ أعلنت السفيرة شيا عن تلك الصفقة في آب 2021، أي بعد ساعات على إعلان زعيم حزب الله، حسن نصر الله عن تأمين شحنات وقود من إيران. كما أن الولايات المتحدة تتحسس من اتهام حزب الله لها بأن عقوباتها تسببت بظهور المعاناة في لبنان، ولهذا تسعى لدعم المبادرات التي تحسن ظروف الشعب اللبناني بشكل ملحوظ.
كما أن هذه الاتفاقية ستمنح الولايات المتحدة نفوذاً وسطوة على الحكومة اللبنانية وذلك في مجال المفاوضات المتعلقة بالحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، والتي ترأستها الولايات المتحدة حيث تسعى من خلالها لانتزاع تنازلات أكبر من قبل لبنان.
بيد أن هذه الاتفاقية تعتبر مكسباً بالنسبة لنظام الأسد، وذلك لأنها تمثل أول تحرك كبير باتجاه دمج سوريا اقتصادياً ضمن المنطقة منذ وصول ثورات الربيع العربي إلى سوريا في آذار 2011، ما أدى إلى توقف تلك الجهود التي قامت في السابق لدمج سوريا اقتصادياً.
وبالرغم من أن سوريا لن تتلقى أي أموال بشكل مباشر، فإنها ستحصل على حصة من الغاز، وهذا ما سيساعد تلك الدولة على معالجة مشكلات الطاقة لديها. كما سيستفيد النظام من قدرته على قطع إمدادات الغاز عن لبنان، مما يعزز هيمنته على تلك الدولة. كما أن إشراك سوريا في تلك الصفقة يمنح بشار الأسد شرعية ويعتبر خطوة على طريق إعادة تأهيل سوريا على المستوى الدولي.
أما الكونغرس الأميركي فقد انقسم حول الغاية والحكمة من هذه الصفقة، إذ في مطلع هذا العام، كتب نواب جمهوريون رفيعون لوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين رسالة عبروا من خلالها عن "قلقهم الكبير" تجاه تلك الاتفاقية، إذ رأوا بأنها قد تقدم: "مخططاً للالتفاف على عقوبات قيصر مستقبلاً".