كشفت الأمم المتحدة، أن العمالة القسرية والزواج القسري هما شكل لـ "العبودية الحديثة"، وينتشران في البلدان العربية بنسبة كبيرة مقارنة بدول العالم، ما يصل إلى حد المتاجرة بالبشر في سوريا واليمن.
وأوضح التقرير الذي أعدته منظمتا الهجرة والعمل العالميتين، أمس الإثنين، أن معدلات العمل القسري في الدول العربية تصل إلى 5.3 حالات لكل ألف شخص.
في المقابل بلغ في أوروبا وآسيا الوسطى (4.4 لكل ألف) والقارتين الأميركيتين وآسيا والمحيط الهادئ (3.5 لكل ألف) وأفريقيا (2.9 لكل ألف).
كم عدد العمالة القسرية في البلدان العربية؟
وتقدر أعداد العمالة القسرية في البلدان العربية بـ 900 ألف عامل، وفق التقرير، وهو رقم منخفض لكنه يعتبر من المعدلات الأعلى عالمياً نسبة لعدد السكان.
فيما يوجد أكثر من 15 مليون عامل قسري في مناطق آسيا والمحيط الهادئ ما يصل إلى نصف الأعداد الإجمالية حول العالم البالغة أكثر من 27 مليون عامل قسري.
وأشار التقرير إلى أن العمل القسري هو الأعلى في الدول منخفضة الدخل مقابل البلدان ذات الدخل المرتفع، حيث يصل في الأولى إلى 6.3 لكل ألف شخص مقابل 4.4 لكل ألف.
وأردف التقرير أن هذا يعني أن "السخرة منتشرة في كل بلدان العالم".
ويوجد عدد أكبر نسبياً من الرجال العاملين في السخرة يوزعون غالبا في قطاعي البناء والزراعة، أكثر من باقي القطاعات مثل القطاعات الخدمية باستثناء خدمة المنازل.
كما تشملهم قطاعات التنقيب عن المعادن أو أعمال مثل الصيد أو أولئك الذين يجبرون على التسول أو ممارسة أنشطة غير مشروعة.
أبرز أعمال "السخرة"
ويقول التقرير إن النهج الأكثر شيوعا للعمل بالسخرة هو حجب الأجور لإرغام العاملين على البقاء.
وفي الوقت ذاته، يزداد احتمال عمل العمال المهاجرين في العمل القسري بأكثر من ثلاثة أضعاف عن غيرهم من العمال البالغين.
وفي حين أن هجرة اليد العاملة لها تأثير إيجابي إلى حد كبير على الأفراد والأسر المعيشية والمجتمعات المحلية والمجتمعات، فإن الهجرة غير النظامية أو سيئة الإدارة، أو ممارسات التوظيف غير العادلة وغير الأخلاقية تجعل المهاجرين معرضين للخطر بشكل خاص، وفقا للتقرير.
المتاجرة بالبشر
وقال التقرير إن الأزمات العديدة الواسعة النطاق التي تتكشف حالياً في جميع أرجاء العالم، وتشريد السكان، تخلق أرضاً خصبة للمتاجرين بالبشر.
وأشار التقرير إلى وجود مؤشرات على هذا النوع من الاتجار في الصومال، وجنوب السودان، وسوريا، والسودان واليمن من بين دول أخرى، لافتاً إلى وجود أدلة على تسخير الأطفال للعمل المسلح في هذه الدول أيضاً.
من جهته، قال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أنطونيو فيتورينو، إن "هذا التقرير يؤكد الحاجة الملحة لضمان أن تكون جميع عمليات الهجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة".
وأوضح أن "الحد من تعرض المهاجرين للعمل الجبري والاتجار بالأشخاص يعتمد أولاً وقبل كل شيء على السياسات الوطنية والأطر القانونية التي تحترم وتحمي وتحقق حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المهاجرين، والمهاجرين المحتملين، في كافة مراحل عملية الهجرة، بغض النظر عن وضعهم".
ولفت التقرير إلى أن عدة بلدان أدخلت إصلاحات تهدف إلى سد الثغرات في الحماية القانونية للعمال المهاجرين.
"الزواج القسري" شكل ثانٍ
في مقابل ذلك أيضاً، يمثل الزواج القسري الشكل الثاني من أشكال "العبودية الحديثة" بحسب التقرير، وهو ينتشر أيضاً في المناطق العربية أكثر من أي مكان آخر في العالم، بالنسبة لعدد السكان.
ويقول التقرير إن الزواج القسري يحدث في كل منطقة من مناطق العالم.
وما يقرب من ثلثي جميع الزيجات القسرية، أي ما يقدر بنحو 14.2 مليون شخص، هي في آسيا والمحيط الهادئ. ويليه 14.5 في المئة في أفريقيا (3.2 مليون) و 10.4 في المئة في أوروبا وآسيا الوسطى (2.3 مليون).
وباحتساب عدد السكان في كل منطقة، فإن معدل انتشار الزواج القسري هو الأعلى في الدول العربية (4.8 لكل ألف نسمة)، تليها آسيا والمحيط الهادئ (3.3 لكل ألف نسمة).
وتم الإبلاغ عن زيادات في حالات زواج الأطفال والزواج القسري في أفغانستان وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والسودان ومصر و اليمن والأردن والسنغال وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ضغوط أسرية
وفي عام 2021، كان ما يقدر بنحو 22 مليون شخص يعيشون في زواج قسري، وهو ما يمثل زيادة قدرها 6.6 ملايين شخص عن التقديرات العالمية لعام 2016.
وكشف التقرير أن أكثر من 85 في المئة من الحالات مدفوعون بضغوط الأسرة.
وذكر أن أكثر من ثلثي من يجبرون على الزواج من الإناث، وهذا يعادل نحو 14.9 مليون فتاة، وأشار إلى أن انتشار الزواج القسري أعلى للإناث من الذكور في جميع المناطق.
وأكد التقرير على أن الأولاد يشكلون 32 في المئة من مجموع حالات الزواج القسري، ونبه إلى الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث للتوصل إلى فهم أفضل حول تجارب الرجال والفتيان مع الزواج القسري.
ويقترح التقرير إجراءات سريعة نحو إنهاء العبودية الحديثة تشمل تحسين وإنفاذ القوانين وعمليات تفتيش العمل، وإنهاء العمل القسري الذي تفرضه الدولة وتدابير أقوى لمكافحة العمل الجبري والاتجار وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وتعزيز الحماية القانونية، بما في ذلك رفع السن القانونية للزواج إلى 18 عاماً.