تسلّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطائرة الاعتراضية المسيرة أكنجي من المدير التقني لشركة بايكار للصناعات الدفاعية وعرّاب صناعة الطائرات المسيرة في تركيا المهندس سلجوق بيرقدار، في حفل أقيم في مركز للتدريب والاختبار خاص بالطائرة يقع في مدينة (تشورلو) التابعة لـ ولاية تكيرداغ. حيث قام الرئيس أردوغان بالتوقيع على الطائرات الموجودة في الحفل كما قدّم شهادات فخرية تكريماً لأفضل المتدربين على قيادة الطائرة المسيرة.
وتعتبر أكنجي أحدث ما أنتجته معامل بايكار التي سبق لها إنتاج عدد من المسيرات أشهرها (تي بي 2) التي كسبت سمعتها الكبيرة بعد نجاحها الكبير في سوريا وأذربيجان، وقد أتمت (تي بي 2) ما يزيد على 300 ألف ساعة من الطيران ولها القدرة على التحليق بشكل مستمر لمدة تصل إلى 27 ساعة على ارتفاع يتجاوز ثمانية كيلومترات.
تم تصميم الطائرة أكنجي بتقنية عالية لدعم الطائرات المقاتلة، حيث تم تزويدها بأنظمة اتصال عبر الأقمار الصناعية وأنظمة رادار جو – جو وأنظمة دعم إلكتروني بالإضافة إلى نوع خاص من أنظمة الرادار لتجنب الاصطدام.
وقد كشفت شركة بايكار النقاب عن الطائرة المسيرة أكنجي في مهرجان تكنواوفست إسطنبول للطيران والتكنولوجيا في أيلول 2019
وأتمت رحلتها الأولى في نهاية العام ذاته، تلاه عدة اختبارات أخرى للنماذج الثلاثة الأولية للطائرة كان آخرها في آذار من العام الجاري.
حطمت أكنجي الرقم القياسي التركي لأعلى ارتفاع بلغته طائرة مسيرة، حيث تمكنت من الوصول لارتفاع بلغ نحو 11 كيلومتراً و594 متراً في الجو، كما أنها تمكنت من البقاء محلّقة لمدة 25 ساعة و46 دقيقة.
المواصفات التقنية للطائرة المسيرة أكنجي:
تتمتع طائرات أكنجي بتصميم فريد:
- حيث يبلغ عرض جناحيها 20 متراً
- وطولها يزيد على 12 متراً بقليل
- بينما يزيد ارتفاعها عن 4 أمتار بقليل أيضاً
- ولها القدرة على الإقلاع بوزن إجمالي يبلغ 6 أطنان و1.5 طن من الذخائر
- تتميز بتقنيات ذكاء صناعي متطور ونظم خاصة لمعالجة الإشارات والاستشعار لكشف العوائق وتحديد الأهداف بدقة
- المساعدة على اتخاذ القرار. بالإضافة لما تم ذكره مسبقاً عن أنظمة الرادار المتطورة.
يمكن للمقاتلة الاعتراضية أكنجي التحليق لارتفاع يصل إلى 40 ألف قدم لمدة تزيد على 24 ساعة، وتبلغ سرعتها القصوى 360 كيلومتراً في الساعة، كما بإمكانها الإقلاع والهبوط تلقائياً دون الاعتماد على أنظمة القيادة الأرضية وذلك من خلال نظام الطيران الآلي المتقدم الذي تمتلكه المسيرة.
صممت أكنجي لتنفذ عمليات قتالية تحاكي العمليات الجوية التي تنفذها طائرات F-16، فبالإمكان استخدامها سواءً في العمليات الجوية القتالية جو – جو، أو في عمليات الهجوم على الأهداف الأرضية أرض – جو.
وتتنوع ترسانة الأسلحة التي تحملها أكنجي من الصواريخ الموجهة بالليزر إلى صواريخ كروز بعيدة المدى إلى صواريخ جو – جو إلى مجموعة أخرى من الأسلحة والذخائر محلية الصنع. حيث من المخطط أن تستخدم أكنجي الأسلحة والذخائر المطورة في معامل الصناعات الدفاعية التركية فقط.
برنامج الطائرات المسيرة التركية
لا تعتبر الطائرات المسيرة في تركيا مجرد سلاح عسكري عادي بل تتجاوز ذلك لتصبح رمزاً قومياً ووطنياً وموضوعاً يثير حماسة الأتراك كثيراً. في أقل من 15 عامًا، شقت تركيا طريقها لتصبح واحدة من أكبر المستخدمين والمصنعين للدرون المقاتل في العالم.
بفضل هذه النجاحات، اكتسبت الدرون ثقة ومكانة كبيرة داخل الجيش، وتحولت إلى أيقونة ثقافية خارجه إلى درجة أن الرئيس أردوغان حرص بنفسه على التقاط الصور مع الطائرات بدون طيار ووضع توقيعه على بعضها.
تمتلك تركيا 4 أنواع من الطائرات المقاتلة المسيرة اثنتان منها تنتج من قبل شركة بايكار (أكنجي وتي بي 2) والأخريان تنتج من قبل مؤسسة الصناعات الجوية والفضائية التركية (عنقا وأكسنغور). بالإضافة إلى بضعة نماذج أخرى تستخدم لأغراض التجسس والاستطلاع ونماذج أخرى لطيار مسير انتحاري.
بجانب برنامجها في تطوير الطائرات المسيرة، تسعى تركيا جاهدة لتحقيق اكتفائها الذاتي والتحرر من هيمنة موردي الأسلحة الغربيين وخاصة الولايات المتحدة وألمانيا اللتين رفضتا مراراً وتكراراً طلبات أنقرة في شراء السلاح. وتعمل تركيا على الاستفادة من هذه الصناعة في تعزيز صادراتها العسكرية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية والإقليمية سواء كحليف استراتيجي يمكن الوثوق به أو كعدو يهاب ويخشى جانبه.
لا يمكن تجاهل الإشارة إلى أن هذا البرنامج التركي الضخم والطموح لإنتاج الطائرات المسيرة لا يمكن النظر إليه بمعزل عن جهود تركيا الأوسع لتأسيس صناعة دفاع محلية يمكن الاعتماد عليها وطموحها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسلحة، لذلك فإن مشروعات الصناعات الدفاعية التركية اليوم لا تقتصر على الطائرات بدون طيار وهي تشمل عدة مجالات تبدأ من المركبات والمدرعات البرية وتمر بالسفن البحرية ولا تنتهي عند المشاريع الفضائية الجوية والذكاء الصناعي.
ويبدو أن خطط تركيا في تحقيق أهدافها على مستوى الصناعات الدفاعية تؤتي ثمارها ولكن بوتيرة أبطأ قليلا عما كانت تتمناه تركيا، وذلك بسبب القيود الاقتصادية ومنعها من استيراد بعض المواد والمعدات الضرورية لاستكمال برامجها إلا أن محاولاتها لاقتحام مجالس الكبار قد تنجح. فحضورها في مجال الطائرات المسيرة لا يمكن تجاهله ويكفيها فخراً أنها إحدى القوى القليلة التي نجحت في كسر هيمنة الولايات المتحدة على هذه الصناعة.