قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 171 حالة اعتقال تعسفي بينهم 11 طفلاً و7 سيدات، تم توثيقها في سوريا في شباط 2021، مشيرة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تتفوق على بقية الأطراف في حصيلة حالات الاعتقال، وقد طال بعضها أطفالاً على خلفية صلات قربى تربطهم مع مطلوبين لها.
وأوضحَ التَّقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
جاء في التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" استمرت في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري في شباط، وارتفعت حالات الاعتقال/ الاحتجاز لديها؛ لتتصدر حصيلة الاعتقالات التي سجلها التقرير في شباط مقارنة ببقية أطراف النزاع، واستهدفت المعلمين على خلفية تدرسيهم مناهج تعليمية مخالفة للمناهج التي فرضتها أو على خلفية التجنيد الإجباري، كما شنَّت حملات دهم واعتقال جماعية استهدفت مدنيين بينهم أطفال بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، ونفذت قوات سوريا الديمقراطية عمليات اعتقال/ احتجاز بحق أطفال ونساء على خلفية وجود صلات قربى تربطهم مع مطلوبين لها.
أما عن هيئة تحرير الشام فقد أكد التقرير على أن شباط شهدَ عمليات احتجاز قامت بها الهيئة بحق المدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وشملت ناشطين إعلاميين، ومعظم هذه الاعتقالات حصلت على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، ووفقاً للتقرير فقد تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة.
من جهتها وبحسب التقرير قامت المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في شباط بعمليات احتجاز تعسفي وخطف، معظمها حدث بشكل جماعي، استهدفت مدنيين نازحين وناشطين بذريعة وجودهم في مناطق شهدت تفجيرات، وأفرجت عن بعضهم في وقت لاحق بعد تعرضهم للتعذيب، كما استهدفت بعمليات احتجاز جماعية قادمين من مناطق سيطرة نظام الأسد، ورصد التقرير حالات احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركَّزت في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة وهو الجهة الإدارية المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة.
وجاء في التقرير أن هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية نشرت في 26 من شباط بياناً رداً على تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر في الـ 19 من الشهر ذاته، والذي ذكر أن ما لا يقل عن 61 مُـدرِّسـاً قد تم اعتقالهم/ احتجازهم بسبب المناهج التعليمية وبهدف التجنيد الإجباري من قبل قوات سوريا الديمقراطية منذ بداية عام 2021؛ إضافة إلى ملاحقة قرابة 550 مدرِّسا رفضوا الالتحاق بالتجنيد الإجباري، وفصلوا تعسفياً من عملهم في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة. وألقى بيان هيئة التربية والتعليم تهماً جاهزة لا تستند إلى أي دليل، عوضاً عن مناقشة ما ورد في تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وفتح تحقيقات للتحقق من الإفادات والحالات التي أوردها، وشدَّد البيان على النفي التام لكل ما وردَ في التقرير مع الاتهام بالعداء الكبير لـ "لتجربة الديمقراطية".
سجل التقرير في شباط ما لا يقل عن 171 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 11 طفلاً و7 سيدات (أنثى بالغة)، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، تحوَّل 138 منهم إلى مختفين قسرياً، نظام الأسد اعتقل 53 بينهم طفل و3 سيدات، وتحول 42 منهم إلى مختفين قسرياً، في حين احتجزت قوات سوريا الديمقراطية 79 بينهم 7 أطفال وسيدة، وتحول 66 إلى مختفين قسرياً، وذكر التقرير أن المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني احتجزت 27 بينهم 3 أطفال و3 سيدات، وتحول 19 منهم إلى مختفين قسرياً، أما هيئة تحرير الشام فقد احتجزت 12، تحول 11 منهم إلى مختفين قسرياً.
اقرأ أيضاً: الشبكة السورية: مقتل 138 مدنيا بينهم 23 طفلا خلال شباط الماضي
ووفقاً للتقرير فإنَّ المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا، وضمن أي نشاط كان سياسيا، حقوقيا، إعلاميا، إغاثيا، ومن يشابههم، فإن الفروع الأمنية توجِّه إلى الغالبية العظمى من هؤلاء وتنتزع منهم تهماً متعددة تحت الإكراه والترهيب والتعذيب ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية. ولا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني.
وبحسب التقرير فإنَّ المحتجزين لدى قوات نظام الأسد يتعرضون لأساليب تعذيب غاية في الوحشية والسادية، ويحتجزون ضمن ظروف صحية شبه معدومة، وتفتقر لأدنى شروط السلامة الصحية، وقال التقرير إنَّ هذا تكتيك متبَّع من قبل نظام الأسد على نحو مقصود وواسع، بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، ثم يُهمل علاجهم بعدها على نحو مقصود أيضاً، وبالتالي يتألم المعتقل ويتعذب إلى أن يموت. وحذّر التقرير من ازدياد خطورة الوضع مع انتشار جائحة كوفيد - 19، مُشيراً إلى أنَّه في ظلِّ ظروف الاعتقال الوحشية في مراكز الاحتجاز، المواتية والمؤهلة لانتشار فيروس كورونا المستجد، فإنَّ ذلك يُهدِّد حياة قرابة 130 ألف شخص لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى نظام الأسد بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ومن بينهم قرابة 3329 من العاملين في قطاع الرعاية الصحية.
اقرأ أيضاً: تقرير: 3329 من الكوادر الطبية قيد الاعتقال في سجون "الأسد"