دانت الشبكة السورية لـ حقوق الإنسان اعتقال نظام الأسد لـ أقرباء الناشط (عبد الرحمن الصالح) لـ مجرّد إبداء رأيه خلال استضافتهِ ضمن برنامج "الاتجاه المعاكس" على قناة الجزيرة.
وقالت الشبكة السورية في تقريرها الصادر، اليوم الخميس، إنّ اعتقال أقرباء "الصالح" جاء على خلفية مشاركته برأيه في إحدى حلقات برنامج "الاتجاه المعاكس" تحت عنوان "ألم يصبح الوضع المعيشي في سوريا كارثيا بكل المقاييس؟" التي عُرضت على قناة الجزيرة، يوم 8 كانون الأول الجاري.
وبعد يومين فقط مِن بثِّ الحلقة، إذ انتقدَ "الصالح" خلال مشاركته فيها، تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وحمَّله مسؤولية هذا التدهور، واتهمه بالفساد وإنفاق مقدّرات الدولة السورية للحفاظ على حكم عائلة الأسد مهما سبَّب ذلك مِن معاناة للمواطنين السوريين.
وأشار تقرير الشبكة السوريّة إلى أنّ عملية الاعتقال لم تتم وفقاً لـ مذكرة قضائية، موضحاً أن هذه قاعدة عامة في الغالبية العظمى مِن حالات الاعتقال التي تعمل بها الأجهزة الأمنية ونقاط التفتيش التابعة للنظام، مؤكداً التقرير أنَّه مِن شبه المستحيل أن يكون للقضاء أي دور في عمليات الاعتقال والتعذيب التي تنفّذها الأجهزة الأمنية، وأنّ تلك الأجهزة أهم مِن القضاء وأعلى سلطة من جميع الوزارات بما فيها وزارتا العدل والداخلية.
وعبد الرحمن الصالح ناشط سياسي وعضو في الكتلة الوطنية السورية (المعارضة)، وهو رقيب مجند منشق عن قوات نظام الأسد، فضلاً عن أنّه لاجئ في ألمانيا، منذ عام 2014، ويدرس فيها الاقتصاد وعلم الاجتماع ضمن جامعة "كولونيا".
وكان "الصالح" قد صرّح - لـ وسائل إعلامية - أنّ أحد أصدقائهِ المقرّبين مِن الإعلامي (فيصل القاسم) رشّحه للحديث عن الوضع المعيشي في سوريا ضمن إحدى حلقات "الاتجاه المعاكس" وبمواجهة "شريف شحادة" أحد أبرز أبواق نظام الأسد، مشيراً إلى اللغط الحاصل ضمن الحلقة بخصوص القول أنّه يتحدث مِن اللاذقية، قائلاً إنّه خطأ غير مقصود وأنّ "القاسم" كتب مقالاً في موقع "مدى بوست" يوضّح ما حصل.
وعبّر "الصالح" عن أسفه واعتذاره إن كان تسبب لـ أقاربه بأي أذى جسدي أو معنوي، ولكنه لا يعتذر عما قاله في البرنامج نهائياً، لأن ذلك جزء من مبادئه وقناعاته التي لا يحيد عنها أبداً، مضيفاً أن المطالبة بأفراد عائلته هي لمجرد صلة الدم والمطالبة الفعلية هي لـ"إخوة العقيدة والمنهج الإنساني والسياسي" المغيبين في سجون النظام منذ عام 2011، متسائلاً في الوقتِ عينه "هل يجب أن يكون المواطن السوري قد خُلق في ملجأ للأيتام حتى يستطيع التعبير عن رأيه دون خوف على أقاربه ولو كانوا من الدرجة العاشرة؟".
قرابة 21 ألفاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في سجون "الأسد"
ذكر الشبكة السورية في تقريرها أيضاً، أنّ ما لا يقل عن 20 ألفاً و842 شخصاً - بينهم 13 طفلاً و27 سيدة - ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى نظام الأسد، نظراً لـ صلات قرابة تربطهم مع مساهمين في الحراك الشعبي ضد "النظام"، منذ آذار 2011 حتى 21 كانون الثاني 2020.
ويشكلون قرابة 15 % مِن حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام، بينما بلغت حصيلة مَن تعرضوا للاعتقال وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7926 شخصاً بينهم 147 طفلاً و 179 سيدة.
وعرضَ التقرير رسوماً بيانية توضح توزع حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام على خلفية صلات قربى تربطهم بمساهمين في الحراك الشعبي، حسب المحافظات السورية، وحسب الأعوام منذ آذار/ 2011 حتى 21/ كانون الأول/ 2020، حيث شهدَ عام 2012 أعلى موجة مِن حصيلة تلك الاعتقالات يليه عام 2013 ثم 2011.
وحسب التقرير لم تستثن قوات النظام مِن هذه العمليات الأطفال واليافعين والمسنين والكهول، بل تعمَّدت اعتقالهم لـ تحقيق أكبر ضرر ممكن لذوي الأشخاص المطلوبين، مشيراً إلى أنّ قرابة 50 % مِن حصيلة حالات الاعتقال على خلفية وجود صلات قربى مع المطلوب استهدفت أقرباء وذوي النشطاء المدنيين، بينما قرابة 44 % استهدفت أقرباء وذوي الأشخاص الذين انشقوا عن قوات النظام.
وتوفي ما لا يقل عن 13 شخصاً بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام منذ آذار/ 2011 حتى 21/كانون الأول/ 2020، ممن جرى اعتقالهم على خلفية وجود صلات قربى تربطهم مع نشطاء في الحراك لشعبي أو معارضين للنظام، ولم تسلم جثامين الضحايا لذويهم، ووفقاً لذلك فإنهم يبقون في عداد المختفين قسرياً.
اقرأ أيضاً.. خلال تشرين الثاني الفائت.. 167 حالة اعتقال تعسّفي في سوريا
وتحدث التقرير عن انعدام حرية الرأي والتعبير في ظلِّ تغوُّل مطلق للأجهزة الأمنية التابعة للنظام على تفاصيل حياة المجتمع، مشيراً إلى أنّ الغالبية العظمى مِن القوانين التي يُصدرها النظام (مراسيم، أو عن طريق مجلس الشعب باعتباره خاضع بالمطلق له) تُعارض بشكل صريح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتُقيِّد بشكل مخيف حرية الرأي والتعبير، مضيفاً أن "دستور عام 2012" الذي أصدره نظام الأسد منفرداً، يحوي نصوصاً يعارض بعضها بعضا، مؤكّداً أيضاً أنّ الاختفاء القسري هو النَّمط السائد في سوريا، وأنَّ أقل مِن ثلث المعتقلين أحيلوا إلى المحاكم الاستثنائية بعد سنوات مِن الاعتقال دون توجيه أي تهمة.
إلى ذلك أوصى تقرير الشبكة السورية، مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، و2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، و2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حدٍّ للاختفاء القسري والمطالبة بالإفراج الفوري عن قرابة 21 ألف مواطن سوري معتقلين أو مختفين قسرياً بسبب مشاركة أقرباء لهم في الحراك الشعبي ضد النظام.