تستقبل محافظة اللاذقية الموسم السياحي هذا العام مع كثير من الأزمات المتفاقمة، أبرزها غلاء أسعار الكهرباء المخصصة للمنشآت السياحية وأزمة المحروقات وتلوث الشواطئ وانقطاع المياه الصالحة للشرب لأيام طويلة، فضلا عن الارتفاع الكبير في التكاليف التي وصلت لأكثر من الضعف مقارنة بالعام الفائت.
ويشكو أصحاب المنشآت السياحية من الزيادة الكبيرة التي فرضتها حكومة النظام على أسعار الكهرباء للخطوط المعفاة من التقنين، وتأثيراتها على المنشآت السياحية وعمل الفنادق، كما برزت عقبات أخرى على صعيد تأمين مادة الغاز اللازمة لعمل مختلف المنشآت.
وحددت وزارة الكهرباء التابعة للنظام بداية العام الجاري سعر 1900 ليرة لكل كيلو واط ساعي للمنشآت السياحية بدلا من 950 ليرة ما يعني تضاعف التكاليف.
أسعار الشاليهات تبدأ من 600 ألف
يقول محمد الأسمر وهو صاحب شاليهات في منطقة أم الطيور بريف اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا، إن الإقبال ما زال ضعيفا جدا ورغم عدم بدء الموسم رسميا إلا أن الكثير من المخاوف تبرز هذا العام بسبب الأسعار التي تضاعفت نحو 200 في المئة عن العام الفائت. مردفا كلامه بعبارة "ما بقا توفي" فأسعار الكهرباء والرسوم باتت باهظة وستنعكس على الأسعار.
وأضاف الأسمر أن أسعار الشاليهات تبدأ اليوم من 600 ألف ليرة لليلة الواحدة وتصل لأكثر من مليون ألف للغرف الكبيرة، وهي أسعار قد لا تناسب جميع شرائح المجتمع بحسب قوله لكنها ضرورة فرضها ارتفاع التكاليف.
في حين ذكرت صحيفة "تشرين" التابعة للنظام أن كلفة الليلة الواحدة في غرفة جانبية في فندق تصل إلى 1.5 مليون ليرة، فيما تقفز إلى 2.2 مليون في “سويت بحري” يتسع لأربعة أشخاص، ثم تقفز إلى 3.5 ملايين لـ”سويت دوبلكس” يتسع لخمسة أو ستة أشخاص على البحر مباشرة.
وارتفعت كلفة الليلة الواحدة في شاليه ضمن منتجع جبلي من فئة 5 نجوم إلى 2.4 مليون ليرة.
الإقبال ضعيف على الرحلات الجماعية
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت إعلانات عن رحلات سياحية من دمشق إلى اللاذقية لكن الأجور شكلت صدمة لمعظم المهتمين ممن تساءلوا عن الأرقام التي وصفوها بالفلكية.
ووصلت رسوم الرحلة إلى اللاذقية وكسب ومشتى الحلو والتي تتضمن أجرة المواصلات والإقامة في فندق ووجبات طعام، إلى مليون و650 ألف ل.س للشخص الواحد، وسعر الاشتراك للأطفال دون سن الـ 8 سنوات إلى 950 ألف ل.س.
وبحسب عبير (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا) وهي إحدى القائمات على تنظيم الرحلات السياحية في اللاذقية يبدو الإقبال على الرحلات هذا العام منخفضا ويرجع ذلك إلى ارتفاع رسوم التسجيل للشخص الواحد عن العام الفائت، وأرجعت السبب الرئيسي إلى ارتفاع أجرة المواصلات والمطاعم ورسوم الدخول.
وأوضحت عبير في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن قطاع السياحة يعتبر مصدر دخل هام لأهالي الساحل السوري بسبب كثرة العاملين فيه والأماكن المناسبة سواء في البحر أو المرتفعات الجبلية لكن ارتفاع أجور المواصلات والكهرباء وباقي الخدمات التي فرضتها الحكومة ستؤثر بشكل كبير على الناس هذا العام لاسيما مع تردي الأوضاع الاقتصادية لمعظم العائلات. وختمت بالقول:" خلال هذا الشهر نظمت رحلتين فقط والباص لم يكن مكتملا بينما سابقا كانت هذه الرحلات شبه يومية".
زيادة كبيرة في الأجور
يقول أنس (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) وهو محام سوري في الـ 31 من عمره متزوج حديثاً لموقع تلفزيون سوريا، إنه وزوجته قصدا شاليهات الشاطئ الأزرق قبل أيام لقضاء بضعة أيام بعد العرس، لكنهما صدما من ارتفاع أجرة الشاليه المخدم بالكهرباء 24 ساعة إلى مليون ومئة ألف ليرة في الليلة الواحدة رغم أن معظم الغرف فارغة.
وأضاف أنس أن الأمر لا يتوقف على سعر الغرفة فقط بل يشمل جميع أصناف الطعام والخدمات على الشاطئ مؤكدا أن المصروف اليومي يتراوح ما بين 700 إلى 900 ألف ليرة بين طعام وشراب وتنقلات ووسائل ترفيه بسيطة ما أجبره على اقتصار إجازته ليومين بدلا من أسبوع.
وتتراوح كلفة وجبة الغداء لأسرة مكونة من أربعة أشخاص في المطاعم السياحية بحسب مصادر في اللاذقية بين 400 و 500 ألف ليرة للوجبات البسيطة غير السمك أو الشواء.
ارتفاع الأسعار يطول الشواطئ الشعبية
ورغم حديث حكومة النظام عن تخصيص شواطئ شعبية برسوم "بسيطة" للفقراء في اللاذقية إلا أن واقع الأسعار يبدو مغايرا مقارنة برواتب الموظفين والطبقة العاملة.
وارتفعت كلفة دخول عائلة مكونة من 5 أشخاص مع أجرة طاولة في الشواطئ الشعبية التي يتم تأجيرها لمستثمرين من قبل المحافظة من 35 إلى 70 ألف ليرة وبعضها تجاوز 100 ألف ليرة من دون أي طعام، ما يعني أن الموظف سيحتاج لدفع قرابة ثلث راتبه الشهري لأجور دخول الشاطئ الشعبي.
ومنذ العام 2020 توجهت محافظتا اللاذقية وطرطوس لاستثمار معظم المساحات البحرية المناسبة للسياحة ووصل عددها إلى أكثر من 100 موقع ما حرم السكان من إمكانية السباحة والوصول لهذه المواقع بشكل مجاني.
تأثيرات سلبية على أهالي الساحل
ويستفيد كثير من سكان الساحل من موسم السياحة في الصيف لزيادة دخلهم وتعويض الدخل المنخفض في الشتاء لاسيما أصحاب المطاعم والمقاهي والعاملين في البيع على السواحل وأصحاب وسائل الترفيه مثل الدراجات البحرية ووسائل النقل وسيارات الأجرة.
لكن وفق عبد الباسط (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) وهو صاحب مطعم في اللاذقية فإن انخفاض عدد الزائرين بسبب زيادة التكاليف لا سيما من سكان المناطق الداخلية سينعكس بشكل سلبي على الجميع وهو ما بات واضحا منذ بداية الموسم مردفا بالقول "في مثل هذه الأيام كانت اللاذقية لا تنام والمطاعم تبقى حتى الصباح لكن حتى اليوم ما زال الوضع جامدا وكأن الموسم انتهى قبل أن يبدأ.. لا أنكر أن الأسعار مرتفعة جدا لكن الأمر ليس بأيدينا".
كسب قبلة السياح بلا مياه
وقبل أيام كان لافتا مناشدات أطلقها سكان بلدة كسب التي تعتبر من أهم الأماكن السياحية في سوريا من حيث موقعها الجغرافي، وارتفاعها عن سطح البحر لإيصال المياه إلى مدينتهم.
وقال سكان من البلدة، لموقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري، إنهم لم يتمكنوا منذ نحو أسبوع من تعبئة خزانات منازلهم الأمر الذي دفعهم إلى شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة.