انهارت قيمة الليرة السورية إلى 3785 مقابل الدولار الأميركي يوم الثلاثاء الماضي، منخفضةً بنحو 115 ليرة سورية خلال أسبوع، على وقع الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي فرضت على روسيا، بينما ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية بشكل "جنوني" في الأسواق، وتجاوز الارتفاع الـ 40% لبعض السلع.
ويعود السبب إلى العلاقات التجارية الكبيرة التي تربط سوريا مع روسيا، إضافة إلى علاقات مصرفية مرتبطة بشكل أساسي بالتحويلات المالية، ما يعني تأثرها بشكل حاد جراء العقوبات الغربية على موسكو.
ارتدادات العقوبات الغربية لروسيا على سوريا
وبحسب ما أعلنه السفير الروسي لدى النظام، ألكسندر يفيموف، مؤخراً، ازداد حجم التبادل التجاري بين روسيا وسوريا في العام الماضي ثلاثة أضعاف، مقارنةً بالعام 2020.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لدى النظام، محمد سامر الخليل، في تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، أن "كثيراً من المواد في السوق السورية أصبح الاعتماد فيها على الموردين الروس وفي قطاعات مختلفة مثل القمح وغيرها"، مؤكداً أن "الميزان راجح باتجاه روسيا تجارياً".
وفقاً لهذه المعطيات سيكون للعقوبات الغربية على الروس انعكاسات سلبية وسريعة على الاقتصاد التابع لنظام الأسد، الأمر الذي تشير إليه تصريحات حكومية وغير حكومية حول تأثير مؤكد على سوريا نتيجة الحرب، يتجلى في ارتفاع الأسعار وشح بعض السلع خاصة الزيت والقمح وسلعاً أخرى، ما دفع المواطنين إلى التهافت لشراء المواد الغذائية وتخزينها خوفاً من ارتفاع سعرها أكثر وفقدانها من الأسواق نتيجة عرقلة الاستيراد، في واقعة تشبه تهافتهم للتخزين بعد تصريحات حكومية حول الإغلاق بسبب جائحة كورونا في 2020.
قدوم شهر رمضان
ومن العوامل التي أسهمت أيضاً بدفع السوريين للشراء والتخزين، اقتراب شهر رمضان، فمن المعتاد أن ترتفع الأسعار مع اقتراب الشهر الفضيل، ما ضاعف المخاوف من ارتفاع جنوني للأسعار المرتفعة بالأساس بنسب عالية نتيجة الحرب، وبالتالي توجه الكثير منهم لصرف مدخراتهم على شراء السلع الرئيسية ما رفع سعرها أكثر نتيجة زيادة الطلب.
ارتفع سعر الزيت النباتي من 8 آلاف ليرة إلى 11 ألف ليرة للتر في حال توفره، حيث بات شحيحاً في الأسواق بمجرد تحذيرات الاقتصاديين من احتمال تعرض توريد الزيت إلى إرباك، بينما ارتفع سعر رز الكبسة إلى 6500 ليرة، وارتفع سعر أحد أنواع التمور الذي كان منذ أيام 10 آلاف ليرة إلى 14 ألف ليرة، وكذلك ارتفعت أسعار مواد مهمة بنسب متفاوتة مثل السكر والقهوة والمعلبات والحليب والطحين، إضافة إلى الخضراوات والفواكه.
اندفاع السوريين للشراء والتخزين وإنفاق مدخراتهم بسرعة، زاد من السيولة في السوق بشكل صادم، ما أسهم بانخفاض متسارع لليرة، ويشير خبراء إلى أن توجهاً آخر سيتبع ذلك بعد التخزين، وهو الاحتياط الآمن بالدولار، ما سيرفع الطلب عليه وبالتالي تنخفض الليرة أكثر.
وما زاد مخاوف السوريين وجعلهم يندفعون للشراء، هو تصريحات نقلت عن اجتماع طارئ لحكومة النظام مؤخراً، تؤكد على اتخاذ ما يلزم لإدارة المخازن المتوفرة من المواد الأساسية (القمح، والسكر، والزيت، والرز ومادة البطاطا) خلال الشهرين المقبلين ودراسة كل الخيارات لتوريدها بمختلف الوسائل، ما يشير إلى واقع سيء.
وأكد المستشار في رئاسة الحكومة التابعة للنظام، أيوب عريش، أن الأزمة الأوكرانية تحمل تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي، ومن ضمنها سوريا، وتوقع ارتفاع معظم أسعار السلع وتوريدات القمح بشكل أساسي.
وبدروه، يرى الخبير الاقتصادي، مصطفى خليل، بحسب "سكاي نيوز"، أن الأسواق السورية ستشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، وبشكل يومي في مختلف السلع لاسيما الخبز.
وحذرت محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، كيلي بيتيلو، من أن وجود أزمة إنسانية في أوكرانيا بسبب الحرب سيؤدي حتماً إلى تحويل التمويل والموارد الطارئة نحوها، مما سيشكل حالة ضغط على برنامج المساعدات الإنسانية على اللاجئين الذي يستفيد منه لاجئو دول الشرق الأوسط ومنهم السوريين في الداخل وفي دول الجوار.