حوادث قتل يومية وسرقات بالجملة إضافة لعمليات اختطاف بقصد المطالبة بفدية، أجواء متوترة شهدتها شوارع مدينة حلب، الشهر الفائت، في الوقت الذي يروج فيه النظام عبر وسائل الإعلام إلى عودة "الأمن والأمان" إلى المدينة.
في الأسبوع الفائت، حصلت عدة جنايات حملت في تفاصيلها قصصاً غريبة، لتصل ملفاتها إلى وزراء في حكومة النظام بسبب الصدى الذي لاقته بين أهالي حلب.
ورغم الانتشار الأمني الواسع الذي فرضه النظام في حلب، إلا أن حوادث القتل طالت ضباطاً في صفوفه على يد عناصر الشبيحة المنتشرين في المدينة.
في المقابل، يتذمر أهالي حلب من ازدياد عدد الحوادث والجرائم الحاصلة في المدينة، خاصة أن بعضها يحصل للمرة الأولى في حلب، بينما تضج المنصات الإعلامية التي تنقل أخبار المدينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
جرائم متكررة
وقعت حادثة قتل مؤخراً استهدفت ضابطاً برتبة رائد لدى النظام في حلب، وحسب ما نقلته وسائل إعلام مقربة من النظام فإن الحادثة حصلت على يد أحد عناصر اللجان الشعبية بعد محاولة الضابط اعتقاله.
ما سبق أدى إلى اعتقاله لكن عناصر أمن النظام ومايزالون يتعرضون للضغوط من قبل معارف العنصر المنتمي لإحدى العشائر المعروفة في حلب من أجل الإفراج عنه.
في سياق آخر، حصلت جريمة قتل أخرى في حي الشيخ مقصود، حيث أقدم شاب على قتل والدته بسبب رفضها إعطائه مصاغها من الذهب، كما وقعت جريمة ثانية مؤخراً بحق فتاة تزوجت حديثاً على يد زوجها بسبب خلافات عائلية كما جاء في اعترافاته الأولية لكن بعد التحقيق تبين أنها كانت جريمة شرف.
وعثر عناصر النظام في الشهر ذاته على جثة سيدة في عقدها الثاني من العمر، كانت قد قتلت على يد شاب حاول سرقتها بعد أن استدرجها إلى منزل يعود لأحد أقاربه بحجة وعود متعلقة بالتقدم لخطبتها فيما بعد.
وفي الشهر الفائت، نشرت مراسلة تلفزيون النظام في حلب، سائدة الجمال، على حسابها الرسمي في موقع "فيس بوك" أنها تعرضت للتحرش من زميلها العامل بقسم التصوير، عمار مكتبي، الأمر الذي أدى لاعتقاله.
ما سبق أدى إلى إثارة جدل واسع فيما بين صحفيي النظام الذين طالبوا بإطلاق سراح مكتبي، بينما تدخل إعلاميون آخرون كوسطاء فيما بين الطرفين لحل المشكلة.
وتضاف للجرائم السابقة العديد من حوادث القتل والسرقة والاختطاف الأخرى التي حصلت خلال الشهر الفائت، بينما ينصح أشخاص في حلب بعدم التجول ليلاً خشية الوقوع ضحية هذه الحوادث.
تقول فاطمة الأحد إحدى الطالبات الجامعيات اللواتي يقطن في حلب لموقع تلفزيون سوريا: "نلاحظ ازدياد هذه الجرائم في المدينة، منذ فترة ظهرت عصابات عديدة تسرق حقائب النساء في وضح النهار ولم يتمكن النظام من القبض عليهم".
وتتابع "ما يثير الاستغراب والشكّ أن حالات خطف وسرقة حصلت قرب حواجز النظام لكن العناصر لم يحركوا ساكناً من أجل اللحاق بالخاطفين والقبض عليهم".
ويستفيد عناصر النظام والشبيحة من سلطاتهم المطلقة في حلب حتى باتوا أصحاب نفوذ يمكنهم من إنجاز أي معاملة في الدوائر الرسمية عن طريق صفاتهم الأمنية.
من جانبها، ترى فاطمة أن المعيشة في حلب تناسب أكثر الناس نفوذاً موضحة: "من لديه معارف وعلاقات واسعة يمكنه العيش في حلب وتفادي أي مخالفة أو حتى جناية يرتكبها، وأغلب من يعيش هذه المعيشة هم ضباط النظام وعناصر المخابرات واللجان الشعبية".
بإشراف النظام
وتتزايد وقائع الجنايات في حلب رغم التشديد الأمني الذي يفرضه النظام على شوارعها، بينما يعيد ناشطون أن سبب معظم الجرائم هي نفوذ بعض الأشخاص والصلاحيات المطلقة التي يتمتعون بها.
ويعلق الصحفي يمان الخطيب المطلع على هذه الحوادث في حلب قائلاً لموقع تلفزيون سوريا: "برأي أن الانفلات الأمني الحاصل في حلب هو عملية ممنهجة يقف النظام خلفها، ليس الأمر بأن المحاسبة غائبة أو ما يحصل هو بسبب الحرب، الدليل على ذلك تكرار الحوادث في كل من المناطق التي استعادها النظام كالغوطة ودرعا وحمص وحلب، يمكن إدراج ذلك في دائرة العقاب الذي ينفذه النظام على الشعب الذي فكر بيوم من الأيام أن يثور ضده".
ويتابع حديثه "كثير من حالات السرقة والخطف والاغتصاب والقتل كان يقف وراءها النظام الممثل بأجهزته الأمنية أو العناصر التابعين للجيش وفي بعض الحالات كانت تحصل تحت إشراف ضباط تابعين للنظام".
ولعل من أبرز مظاهر الفوضى التي يمكن ملاحظتها في حلب هي انتشار السلاح العشوائي بيد عناصر اللجان الشعبية وغيرهم من المجرمين الذين يفعلون ما يحلوا لهم في المدينة.
ويقول الناشط الحقوقي أحمد محمد خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "هناك عدة أسباب تجعل الفوضى وحالات القتل تنتشر في حلب، أهمها حقد النظام وعناصره على من كان يقطن في المناطق المحررة بحلب قبل سيطرة النظام عليها، فالمدنيين الذين بقوا في حلب تعرض العديد منهم للاعتداءات".
ويتابع "رغم أن الشرطة الروسية تعهدت خلال توقيعها اتفاقيات المصالحة مع المعارضة بحماية المدنيين لكن لم يحصل هذا الأمر، ورأينا في حلب ما حصل من حالات قتل وسرقة بعد سيطرة النظام بأيام قليلة على المدينة".
وينقل المحمد قصة حصلت منذ نحو أسبوعين في حلب، حيث يقول: "في حي الشعار منذ أسبوعين تقريباً، جاء عناصر من اللجان الشعبية على أحد المطاعم في الحي وطلبوا وجبات طعام، ثم اختلفوا على السعر مع صاحب المطعم فأردوه قتيلاً".