لا يمكن وصف ما يجري بالكلمات المجردة، عندما تدخل إلى ولاية هاتاي في جنوبي تركيا تبدأ الأبنية المنهارة بالظهور، وتبدو شقوق الأرض واضحة ومخيفة وآلاف الناس يبحثون عن ذويهم تحت الأنقاض.
يعيش مئات الآلاف من السوريين الذين فروا من حرب النظام السوري في مدن الجنوب التركي على مقربة من الحدود السورية التركية.
لذلك نجد في أنطاكية وهاتاي وإسكندرون آلاف البيوت السورية التي تهدمت فوق رؤوس ساكنيها بحسب شهادات حية.
وعند الثامنة صباحاً كانت الأبنية المنهارة والأشجار المقتلعة والسيارات المحطمة بانتظارنا، في مشهد لا يمكن تخيله.
لا توجد إحصائيات دقيقة لحجم الأبنية المهدمة لكن ما رصده موقع "تلفزيون سوريا" من خلال التجوال في شوارع مدينة أنطاكية على سبيل المثال، يظهر أن المدينة مدمرة بنسبة 60 في المئة على الأقل والـ 40 في المئة من البيوت وعمران المدينة متضررة بشكل كلي أو جزئي أو تصدعات لكن لا يمكن السكن فيها مع استمرار الهزات الأرضية التي وصلت إلى المئات، كان بعضها مدمراً.
وقال أسامة حلاق لموقع تلفزيون سوريا إن فرق الإنقاذ أخرجته من تحت الأنقاض وقد فقد ابنته وزوجته وأخته وخرج هو حياً.
كان حلاق البالغ من العمر 40 عاما والمنحدر من حلب يجلس مقابل الركام ولا يعرف ما الذي عليه فعله، فعائلته ما زالت تحت الأنقاض.
وأضاف دامع العينين: "هربنا من الموت إلى الموت، الحمد لله لا راد لقضاء الله وقدره راح كل شيء".
على بعد حي واحد كانت ميساء امرأة سورية لاجئة برفقة أبنائها وبناتها تنتظر أن يخرج المنقذون أقاربها، بيتها لم ينهدم مباشرة إنما تصدع جداً ثم انهار بعد ساعات من زلزال الساعة 4.17 من فجر يوم الإثنين الماضي.
وقالت ميساء لموقع تلفزيون سوريا إنها تسكن في إحدى الخيام التي وضعها الهلال الأحمر التركي في إحدى حدائق البلدية.
وأضافت وهي تبكي بحرقة أن فرق الإنقاذ لم تأت لإنقاذ أقاربها حتى الآن، وأكملت أنه إن لم يتم إنقاذهم ستصبح بلا عائلة، أمها وإخوتها وأخواتها.
المحال فارغة تماماً
بعد يوم واحد من وقوع الزلزال فرغت جميع محال هاتاي وأنطاكية (ينطبق ذلك على مدن الزلزال الأخرى) من جميع المواد الغذائية ولم يعد هناك مخابز أو صيدليات أو مستشفيات.
وقطعت الحكومة التركية الغاز والماء والكهرباء احترازاً عن مدن الزلزال حتى لا يحدث تسريب أو حرائق.
وبالفعل اندلعت كثير من الحرائق في عدد من الأبنية المنهارة بسبب مدافئ الفحم أو الغاز أو السخانات الكهربائية.
البحث عن المفقودين
يزداد حجم الضحايا من قتلى وجرحى بسبب الزلزال الذي ضرب مدن جنوبي تركيا ومحافظات شمال غربي سوريا.
البحث عن المفقودين تحت الأنقاض أو بسبب انقطاع الاتصالات أو نقلوا إلى المستشفيات هو من أصعب المهام التي تواجه أي شخص موجود في مدن الزلزال.
عشرات الرسائل أتت إلينا للبحث عن مفقودين تحت الأنقاض أو أشخاص انقطع بهم الاتصال قبل الزلزال، ولكن حال المدن التي شهدها الزلزال تفتقر لجميع أنواع الخدمات ما يحول دون معرفة مواقع الأبنية التي فقد أثر سكانها.
مع ساعات الليل المتأخرة من يوم أمس الثلاثاء زادت فرق الإسعاف والإنقاذ التي اصطحبت معها المعدات الثقيلة والتي حالت الظروف الجوية القاسية دون وصولها من المدن الكبرى.
ويرجح العاملون في الفرق الإنقاذية أن تزيد أعداد الضحايا في الأيام القادمة بسبب صعوبة البحث والحاجة لآلاف الآليات من جرافات وتركسات.
وأضافوا (رافضين الحديث للصحافة مباشرة لأنه غير مخول لهم) أن الأولوية في البحث لمن نشعر أنهم أحياء ثم نباشر البحث عن الضحايا الآخرين.
أكفان كثيرة
وفي مركز تغسيل الموتى في مدينة أنطاكية كان المشهد مرعباً حيث مئات الضحايا.
ويبحث أحمد قدور عن كفن لابنة عمته في الوقت الذي يعطي المسؤول خمسة أكفان لشخص تركي فقد كل أفراد عائلته.
وقال قدور: "لا يوجد أحد يساعدنا هنا الوضع صعب جداً، صديقي فقد كل أفراد عائلته وحصل على عشرة أكفان".
وأضاف لموقع تلفزيون سوريا كان الزلزال مثل يوم القيامة كل شيء انتهى فجأة، الوضع كارثي وصعب ولا يمكن وصفه.