أعلنت الولايات المتحدة يوم الإثنين الماضي عن انضمامها لكبرى الدول المانحة لسوريا في مطالبتها لهيئة الأمم المتحدة بتهيئة الأمور التي تمكنها من تسليم المساعدات عبر معبر رئيسي من تركيا إلى شمال غربي سوريا، على أن تكون تلك العملية مستقلة بحيث تصل المساعدات لكل من يحتاجها. وذلك في رفض صريح للشروط التي وضعها النظام السوري ودعمته فيه حليفته روسيا فيما يتصل بسيطرة النظام وتحكمه بسائر عمليات الإغاثة ومنع أي تواصل بين الأمم المتحدة مع المعارضة في المنطقة.
وذكرت ليندا توماس-غرينفيلد مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن الدولي بأن عرض حكومة النظام السوري الذي تقدمت به في مطلع هذا الشهر والذي يسمح بمرور المساعدات وتسليمها عبر معبر باب الهوى؛ كشف عن الحاجة لتمرير المساعدات عبر الحدود، ولكنها أعلنت بأن شروط النظام غير مقبولة، لأنها تعيق وصول الإغاثة وتعرض للخطر العاملين في المجال الإنساني، وبينهم موظفو الأمم المتحدة.
شروط صعبة التحقيق
عند انتهاء مدة صلاحية التفويض الأخير الذي منح لمدة ستة أشهر بتاريخ 10 تموز، عرقلت روسيا قرار التمديد لمدة تسعة أشهر، فرفض مجلس الأمن مشروع قرار روسي يقضي بالتمديد لستة أشهر.
بعد ذلك أعطى نظام بشار الأسد الضوء الأخضر للأمم المتحدة حتى تستخدم المعبر شريطة أن تتنازل عن فكرة التحكم بالعملية لصالح النظام، مع عدم التواصل مع الجماعات التي وصفها النظام بالإرهابية، إلى جانب إشراف الهلال أو الصليب الأحمر على عمليات تسليم الإغاثة.
بيد أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية رفض هذا العرض، وأعلن بأن عدم التواصل مع الثوار لا بد وأن يمنع المساعدات الأممية من الوصول لكل من يحتاجها، ووضع عمليات تسليم المساعدات تحت إشراف الصليب أو الهلال الأحمر لابد أن يخلق حالة تدخل تتعارض مع استقلالية الأمم المتحدة، كما أن ذلك غير مجد من الناحية العملية، بما أن هاتين المنظمتين لا تعملان في شمال غربي سوريا. وصرح المكتب بأن طلب تنفيذ عمليات تسليم الإغاثة في ظل تعاون وتنسيق كامل مع النظام يحتاج إلى مراجعة.
خمسة عناصر لعملية إغاثة مثالية
من جانبها، أعلنت توماس-غرينفيلد بأن الولايات المتحدة انضمت لكبرى الدول المانحة في إعرابها عن ضرورة اشتمال ترتيبات تسليم المساعدات عبر الحدود لخمسة عناصر رئيسية: وهي أن عمليات الأمم المتحدة يجب أن تكون مستقلة وأن تتم بالتعاون مع سائر الأطراف على الأرض، كما يجب أن تعمل الأمم المتحدة في مختلف أنحاء سوريا ويشمل ذلك المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وكذلك يجب أن يتم تسليم المساعدات على المدى الطويل، لا أن تنتهي العملية في الشتاء، ويجب أن تلتزم عملية تسليم المساعدات بالمبادئ الإنسانية، كما ينبغي المحافظة على الإجراءات والترتيبات الخاصة بعمليات الضبط السابقة لإجراءات تسليم المساعدات عبر الحدود.
وأكدت المندوبة الأميركية بأن جميع هذه العناصر الخمسة ضرورية، لأنها لابد وأن تزيد الثقة بالعمليات الإنسانية في سوريا لدى الدول المانحة، وشددت على ضرورة التزام عمليات الإغاثة الأممية بالمبادئ الإنسانية، وضمان تأمين التمويل المناسب، مع منح العاملين في المجال الإنساني مساحة أكبر لتوقع ما سيحدث.
أما راميش راجاسينغهام، منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، فقد ذكر أمام مجلس الأمن بأن المسؤولين عن الملف الإنساني يواصلون التفاوض مع النظام السوري بخصوص شروط عمليات الإغاثة.
وفي هذه الأثناء، أعلن راجاسينغهام بأن الأمم المتحدة أرسلت قوافل عبر معبرين أقل تجهيزاً وهما معبر باب السلامة ومعبر الراعي اللذان فتحهما النظام ليزيد من تدفق المساعدات لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا والجنوب التركي في السادس من شباط الماضي. ثم مدد الأسد فتح المعبرين حتى 13 آب، ولهذا حثته الأمم المتحدة من جديد على إبقاء المعبرين مفتوحين.
اضطر أغلب أهالي إدلب في شمال غربي سوريا لترك بيوتهم والنزوح خلال الحرب التي امتدت لـ12 عاماً، وقتل فيها ما يقارب من مليون نسمة، وتشرد نصف مليون من السكان الذين وصل عددهم قبل الحرب إلى 23 مليوناً. والآن صار الآلاف من الشعب السوري يعيشون في مخيمات ويعتمدون على المساعدات التي تصلهم عبر معبر باب الهوى الحدودي.
أوضح ديميتري بوليانسكي، المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، بأن عمليات تسليم المساعدات عبر معبر باب الهوى يجب أن تتم بموافقة وتنسيق وثيق مع حكومة البلاد المعترف بها دولياً على حد تعبيره، وقال إن أمام موظفي الأمم المتحدة العاملين بالشأن الإنساني فرصة اليوم للتعاون مع السلطات الشرعية في سوريا على حد وصفه، مع إيلاء الأهمية لمصالح من يحتاجون للمساعدات، ويشمل ذلك من يعيشون في مناطق سيطرة النظام، دون إعطاء الأولوية لمصالح الإرهابيين المعترف بهم دولياً ومموليهم الغربيين الذين تمترسوا في إدلب كما وصفهم في مجلس الأمن.
في حين ذكر بسام صباغ، مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن بأن دمشق تعرب عن انفتاحها أمام التعاون مع الأمم المتحدة بيد أن ذلك يجب أن يكون تحت السيطرة، وأكد بأن سوريا لا تحتاج فقط لمساعدات وإغاثة بل أيضاً لمشاريع التعافي المبكر وعمليات إزالة الألغام وتفكيكها.
المصدر: Associated Press