نشر الدفاع المدني السوري تقريراً تفصيلياً عن وضع الاستجابة للكوارث والطوارئ في مناطق عمله شمال غربي سوريا، وجاء في التقرير ما يأتي:
مرَّ شهر شهر كانون الثاني من عام 2022 قاسياً على المدنيين في شمال غربي سوريا، نظراً للعواصف الثلجية التي ضربت معظم المنطقة، وغرق مئات الخيام بسبب السيول والأمطار واقتلاع العشرات منها بسبب الرياح، إضافةً إلى حوادث احتراق الخيام، ولتزداد معاناتهم هذا العام من جراء شح المساعدات الإنسانية التي تزامنت مع انتشار فيروس كورونا واستنفاد كبير للقطاع الطبي واستمرار الهجمات القاتلة لنظام الأسد وحليفه الروسي.
العواصف الثلجية والمطرية
تعرضت مناطق شمال غربي سوريا خلال الشهر الماضي لعدة منخفضات جوية، حيث امتدت العاصفة الأولى الثلجية والمطرية ليومين بتاريخ 18 و19 كانون الثاني، وأدت لانقطاع العديد من الطرق ومحاصرة مخيمات في ريف حلب الشمالي وغرق مخيمات في ريف إدلب الشمالي، كما ضربت عاصفة ثلجية ثانية المنطقة ابتداءً من منتصف ليل 23 كانون الثاني، حيث شهدت مناطق ريف حلب الشمالي تساقطاً كثيفاً للثلوج أدى إلى محاصرة عدد من مخيمات النازحين خصوصاً في عفرين وقطع الطريق المؤدي إليها، كما أدت لإغلاق بعض الطرق الرئيسية بشكل كامل.
واستجاب متطوعو الدفاع المدني السوري خلال الفترة الممتدة من 17 – 26 كانون الثاني لعشرات النداءات الإنسانية في مناطق شمال غربي سوريا التي ضربتها عواصف ثلجية ومطرية أدت لتدهور كبير في أوضاع المدنيين وخصيصاً في المخيمات، وشملت الاستجابة أعمالاً خدمية مكثفة في 376 قرية و368 مخيماً.
الأضرار في المخيمات والقرى
تضررت من جراء العواصف الثلجية والمطرية في مناطق شمال غربي سوريا أكثر من 2750 خيمةً بشكل جزئي (تساقطت عليها الثلوج بكثافة ومنها ما تسربت إليه مياه الأمطار) و1320 خيمة انهارت بشكل كامل (غمرتها الثلوج والأمطار بشكل كامل) وكانت تقطن في تلك الخيام أكثر من 3450 عائلة، إضافة إلى انقطاع الطرق إلى تلك المخيمات بشكل كامل خلال الساعات الأولى من العاصفة الثلجية.
استجابة الفرق للطرقات والمخيمات
عملت فرق الخوذ البيضاء على مدى 24 ساعة متواصلة خلال فترة المنخفضات الجوية لفتح الطرق المغلقة من جراء تراكم الثلوج إثر العاصفة الأولى في العديد من القرى والبلدات، خصوصاً ضمن ناحية راجو في ريف حلب الشمالي، إذ نفذ المتطوعون 1751 عملية خدمية على الطرق وضمن الأراضي الزراعية، تصدرها فتح الطرق المغلقة بسبب الثلوج بواقع 466 عملية ضمن 212 تجمعا سكنيا، منها 243 عملية فتح طريق في منطقة عفرين وحدها كونها الأكثر تضرراً من العاصفة الثلجية، حيث استطاع المتطوعون فتح معظم الطرق المغلقة لتسهيل حركة مرور السكان، وتمكنوا من الوصول إلى العديد من المخيمات التي حاصرتها الثلوج.
ونفذ المتطوعون خلال شهر كانون الثاني الماضي 636 عملية خدمية في 368 مخيما شملت 193 مخيماً نظامياً و175 مخيماً عشوائياً ضمن تسع نواح في محافظتي حلب وإدلب، يقطن ضمن هذه المخيمات أكثر من نصف مليون نازح، يبلغ تعداد سكان المخيمات النظامية منهم نحو 350,000 نازح، في حين يقارب عدد النازحين القاطنين ضمن المخيمات العشوائية 150,000 نازح. حيث تبلغ نسبة النساء والأطفال ضمن النازحين 80% تقريبا.
تنوعت مساهمات المتطوعين في الاستجابة للمخيمات المتضررة، وساعدوا المدنيين في الوصول للخدمات الأساسية، وأخلوا عشرات العائلات الذين غرقت خيامهم أو انهارت إثر تراكم الثلوج.
حاول المتطوعون من خلال استجابتهم التخفيف من معاناة النازحين الذين عانوا أوضاعا كارثية خلال العاصفة، خصوصاً في مخيمات عفرين والقرى التي حاصرتها الثلوج في منطقة راجو في ريف حلب الشمالي، وفي مخيمات الزوف في ريف إدلب مع استمرار تساقط الثلوج وانقطاع تام للطرقات، وتغطية الثلوج للخيم، وفقدان مقومات الحياة.
وتصدرت عمليات فرش وتسهيل الأراضي الأعمال الخدمية المنفذة بواقع 167 عملية ضمن 126 مخيما، كما تتضمن العمليات 84 عملية فتح طرق ضمن 67 مخيماً و49 عملية فتح ممرات مائية ضمن 46 مخيماً، إضافة إلى رفع سواتر لمياه الأمطار وردم الحفر.
الاستجابة للسيارات العالقة
أدت الظروف الجوية في ظل رداءة الطرقات إلى حدوث مئات الحالات لانزلاق السيارات ونفذ المتطوعون 427 عملية سحب للسيارات العالقة، ولم يقتصر عمل الفرق على سحب السيارات العاقلة إذ قاموا أيضاً بـ 142 عملية فرش وتسهيل أراضٍ ضمن 77 تجمعا سكنيا و 124 عملية ردم حفر ضمن 68 تجمعا سكنيا.
حوادث مأساوية
مع انخفاض درجات الحرارة تزداد حاجة المدنيين للتدفئة لا سيما المهجرين في المخيمات، لكن تردي أوضاعهم المعيشية يجبرهم على استخدام مواد خطرة ومضرة بالصحة، مثل البلاستيك والنايلون والألبسة القديمة، وغالبا ما تؤدي حرائق المخيمات لضحايا بسبب طبيعة الخيام القماشية وسرعة اشتعالها.
خلال شهر كانون الثاني من العام الحالي، استجاب الدفاع المدني السوري وعمل على إخماد أكثر من 154 حريقاً في شمال غربي سوريا، تم فيها انتشال جثامين 6 أشخاص فقدوا حياتهم، في حين تم إنقاذ 15 شخصاً آخر وإسعافهم إلى النقاط الطبية، شبَّ أكثر من 28 حريقاً من تلك الحرائق في مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا، وتسببت باحتراق أكثر من 32 خيمة.
وأدى انهيار خيمة بسبب تسرب الأمطار إلى داخلها بتاريخ 27 كانون الثاني في مخيم مورك في ريف إدلب الشمالي، لإصابة مدنيين اثنين من عائلة واحدة (فتى وشقيقته).
وانهارت تلة ترابية على خيام النازحين في مخيم عريبا غربي إدلب بتاريخ 23 كانون الثاني، بسبب الثلوج، أزال المتطوعون الأتربة وأبعدوا الخطر عن الأهالي، وتأكدوا من عدم وجود إصابات، كما أزال المتطوعون جرفاً صخرياً آيلاً للسقوط قرب مخيم في منطقة الشيخ بحر غربي إدلب
تعكس آثار المنخفضات الجوية الأخيرة استمرار الواقع المأساوي في المخيمات في ظل غياب حلول فعالة لواقع النازحين إذ إنه وفقاً لدراسة أعدها الدفاع المدني السوري أواخر عام 2021 يعرض احتياجات النازحين الأساسية في 192 مخيماً في شمال غربي سوريا فقد تعرضت 81% من المخيمات المقيّمة لفيضانات وغرق الخيم، كما عانت 78% منها من عدم وجود وسائل تدفئة مناسبة، وعانت 69% من المخيمات من تشكل مستنقعات المياه والوحل نتيجة سوء حالة الطرق والأرصفة، كما شهدت 66% من المخيمات تمزق واقتلاع الخيم نتيجة الرياح العاتية والأمطار، وتعرضت 40% من المخيمات لصعوبات نتيجة عدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول بسبب سوء حالة الطرق المؤدية للمخيم.
كما أظهرت الدراسة نفسها أنه بالرغم من تدخل الجهات الإنسانية الفاعلة ضمن قطاع المخيمات فإن مجموع هذه التدخلات لم يوجد الحل لأكثر من 42% من مشكلات المخيمات، في حين أن 58% من هذه الصعوبات ما زالت مستمرة ضمن المخيمات ذاتها التي تم التدخل فيها، ممّا يدل على غياب الحلول الدائمة ، وتضطر الجهاتُ الإنسانية الفاعلة ومتطوعو الخوذ البيضاء للتدخلات الإسعافية سنوياً لمنع وقوع كوارث إنسانية.