يعيش زكريا العلي في ألمانيا منذ تسع سنوات، بعد أن وصل إليها مهجّرا من ناحية هجين في منطقة البوكمال في محافظة دير الزور، ويعمل حاليا في شركة بعقد عمل دائم، كما وتمكّن من اجتياز مستوى اللغة الألمانية المطلوب للحصول على الجنسية الألمانية.
وعلى الرغم من أن العلي حقق كل الشروط المطلوية للحصول على الجنسية الألمانية إلا أنه تقدم بطلب الحصول على إقامة دائمة بدلا من الجنسية، وذلك لاعتبارات كثيرة بحسب ما أخبر "تلفزيون سوريا".
لدى العلي وتيار لا بأس به من الجالية العربية في ألمانيا تخوّف حقيقي من فكرة إعادة فرض السلطات الألمانية التجنيد الإجباري في البلاد، الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن التقدم بطلبات للحصول على الجنسية الألمانية.
يقول العلي لـ"تلفزيون سوريا": "كل المعطيات والتطورات على الساحة الأوكرانية تقول بأن الحرب هناك لن تضع أوزارها في المنظور القريب، وغالبا مع التطورات المتسارعة سيتفتح الرئيس بوتين جبهات جديدة في أوروبا كما هو الحال في كوسوفو وصربيا ومن غير المستبعد أن تعيد دول كثيرة في القارة فكرة التجنيد الإجباري".
ويضيف العلي: "لا شك من أن شعورا حقيقيا بالامتنان لألمانيا ولكل الدول التي فتحت لنا أبوابها في وقت حرمنا من دخول دول مجاورة لنا، بعد أن هجرنا نظام الأسد والميليشيات الإيرانية من بلدنا، لكن هذا لا يعني أننا جاهزون للانخراط بحروب لا تعنينا إطلاقا، فأنا هنا أدفع ضرائب منذ خمس سنوات، وهذا جزء من رد الدين الذي برقبتنا تجاه بلد قدم لنا كل الفرص".
وتداول مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لناشطين في ألمانيا دون تحديد المدينة التي ينشطون بها، في محاولة كما يشرح ملتقط الفيديو من إقناع الشباب بالانخراط والتطوع في الجيش الألماني. ولم يتسنَّ لتلفزيون سوريا التأكد من صحة الفيديو.
بسام محمد عبد الخالق وصل إلى ألمانيا مطلع العام 2021، وكانت المدارس وقتها مغلقة بسبب كورونا، ولم يحظَ بفرصة جيدة لتعلم اللغة الألمانية فالتعليم عن بعد كان غير مجدٍ لاكتساب لغة جديدة، وهو يبحث اليوم عن أي فرصة عمل تمكّنه من الخروج من برنامج المساعدات والاعتماد بشكل كامل على نفسه حتى يتمكن من السير في إجراءات لم الشمل لزوجته في تركيا.
يقول عبد الخالق لـ"تلفزيون سوريا": "بالتأكيد سأتطوع في الجيش الألماني إذا سنحت لي الفرصة وكان ذلك مقبولا على وضعي الراهن، لأن الجيش هنا في ألمانيا هو مؤسسة مثل باقي دوائر الدولة وبالتأكيد العمل معهم يبقى أشرف بكثير من العمل مع جيش بشار الأسد الذي ارتكب جرائم بحق الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة، واليوم يتفرغ لصناعة وإدارة تجارة الكبتاغون، لدى الأسد عصابة وليس جيشاً بكل الأحوال ولا يشبه أي جيش بالعالم".
برنامج تأهيلي لممارسة مهن مختلفة برعاية الجيش الألماني
مع نهاية العام 2016 شارك عشرات اللاجئين السوريين في برنامج تأهيلي لممارسة مهن مختلفة برعاية الجيش الألماني (Bundeswehr).
حينذاك حضرت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون ديرلاين حفل تخرج 90 لاجئا من سوريا شاركوا في برنامج تأهيل لعدة مهن ودورات تدريبية لمهن تقديم الإسعافات الأولية والخدمات الطبية الضرورية في حالات الطوارئ.
ولفتت الوزيرة إلى أن الدورة مع الجيش الألماني تساهم في تحسين فرص اللاجئين في سوق العمل الألمانية إلى جانب تأهيل اللاجئين السوريين لعملية إعادة البناء في مدنهم الأصلية لاحقا، ومنحت الوزيرة فون دير لاين شهادات التقدير للمشاركين في حفل رسمي في معسكر للجيش في برلين.
وفي عام 2022 اقترح الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير "إدخال الخدمة الاجتماعية الإلزامية للشباب في ألمانيا".
وقال الرئيس الألماني في تصريحاته: "يتعلق الأمر بمسألة ما إذا كان من الجيد لبلدنا أن يضع النساء والرجال أنفسهم في خدمة المجتمع لفترة معينة من الزمن.. يمكن أيضاً قضاء وقت الالتزام الاجتماعي في رعاية كبار السن أو في مرافق للمعاقين أو في ملاجئ للمشردين".
تجدر الإشارة إلى أن الخدمة العسكرية الإلزامية للرجال معلقة في ألمانيا منذ عام 2011 وبعد نحو سبعة أعوام من تعليق التجنيد الإلزامي، أعرب غالبية الألمان في استطلاع للرأي عن رغبتهم في إعادة نظام الخدمة الإلزامية مستقبلا، وأظهر الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه 2018، أن 66% من الألمان دعوا إلى تغيير النظام الحالي.
ودعا وقتها 20.7% من الألمان إلى إعادة تطبيق الخدمة المدنية فقط، بينما طالب 6.6% من الذين شملهم الاستطلاع إلى إعادة تطبيق الخدمة العسكرية فقط، في حين دعا إلى إعادة تطبيق الخدمتين 36.6% من الألمان.
وعزا القائمون على الاستطلاع النسبة المرتفعة المؤيدة لإعادة تطبيق نظام الخدمة الإلزامية إلى الخبرات الجيدة التي يحتفظ بها كثير من المشاركين في الاستطلاع عن خدمتهم الإلزامية السابقة في ذاكرتهم. فقد أعرب 77% من الذين شملهم الاستطلاع عن رضاهم عن الفترة التي قضوها في الخدمة المدنية، بينما بلغت نسبة الرضا عن فترة الخدمة العسكرية 66%.