يعد "الخبر" أحد الأساسيات الغذائية للسوريين، سواء في داخل أو خارج سوريا. ومع خروج السوريين القسري إلى خارج بلدهم الأم، وانتشارهم في عدد من البلدان الأوروبية وبلاد الجوار بما فيها تركيا، والتي يصل أعداد السوريين فيها بحسب التقديرات الرسمية لدائرة الهجرة التركية إلى ثلاثة ملايين و645 ألفاً و140 سورياً، ظهرت الحاجة إلى استثمارات سورية في قطاع الغذاء بما فيها الخبز.
تأسست منذ العام 2011، عشرات الأفران السورية في المدن التركية التي يقيم فيها عدد كبير من اللاجئين السوريين، كولايات إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي.
جودة الخبز وسعره.. مشكلتان أمام السوريين
يواجه السوريون مشكلتين تتعلقان بمادة الخبز الأساسية على موائدهم، الأولى هي سعر ربطة الخبز الواحدة ووزنها، والثانية هي جودة الخبز نفسه.
وتتراوح جودة الخبز في إسطنبول تبعاً لمادتي الخميرة والطحين المستخدمتين في صناعته، وكلما كانت جودتهما أفضل عاش الخبز فترة أطول بعد شرائه.
عماد شاب سوري يعمل في أحد محلات الحلويات في منطقة الفاتح في إسطنبول قال لموقع تلفزيون سوريا إنه وبالإضافة إلى أن بعض الأفران تنتج نوعيات سيئة من الخبز، فإن سعر الربطة ليس ملائماً للجميع أيضاً، إذ إن ثلاث ليرات وسطياً كسعر لربطة الخبز في إسطنبول يعد سعراً مرتفعاً بالنسبة لمحدودي الدخل.
في حين يرى أحمد، وهو صاحب بقالية في المنطقة نفسها أن جودة الخبز في العموم "جيدة" لكن المشكلة في سعره والذي يتأثر بارتفاع أسعار المواد الغذائية في تركيا عموماً.
وأضاف أن وزن ربطة الخبز قبل عامين كان نصف كيلو غرام، وتباع لأصحاب المحلات بليرتين ويبيعونها بدورهم بليرتين ونصف، أما حالياً يبلغ وزنها 400 غرام وتباع للمحلات بسعر يتراوح بين ليرتين وربع وليرتين ونصف، ما يضطرهم إلى بيعها بسعر رأس المال كما يقول.
ويتقاطع كلام أحمد مع خلف، أحد أصحاب البقاليات في إسطنبول أيضاً والذي قال لموقع تلفزيون سوريا إن الجودة ليست ثابتة لدى كل الأفران، فهناك أفران تنتج ربطة خبز تبقى لعدة أيام بحالة جيدة، وأخرى من المرة الأولى تبدو بحال سيئة، وبعض المحلات للأسف لو كان لديها فائض من الخبز تبيعه في اليوم التالي دون مشكلات.
وأشار خلف إلى قيامه باتفاق مع الفرن الذي يتعامل معه، فائض كمية الخبز لديه يستبدل بآخر طازج في اليوم التالي، موضحاً أنه عندما تتم عملية التبديل فربما يعطيه لمحل آخر أو يضعها مع دفعة أخرى.
وأضاف أن ربطة الخبز كان وزنها نصف كيلوغرام ثم أصبحت 450 غراما واليوم 420 غراما.
وتابع "اكتشفت أن أحد الأفران التي نتعامل معها تبيع ربطات لا يزيد وزنها عن 340 غراما مما أدى لإنهاء التعامل معه، وبرر حينها صاحب الفرن بالقول إن هذا الوزن هو ما يجعله يربح لا أكثر".
وهناك نوعان من ربطات الخبز السوري في تركيا، الأولى تحتوي على الرغيف الكبير وفيها خمسة أرغفة والثانية تحتوي على الرغيف الصغير وفيها ثمانية أرغفة بما يوازي 420 غراماً لكليهما.
ويصل عدد السوريين في تركيا وفقاً لمديرية الهجرة التركية إلى ثلاثة ملايين و645 ألفاً و140 سورياً.
من جهته يرى خالد صاحب محل للبزورية إنه "إذا قمنا بتصفية الأفران فإن ما سيبقى فرنان مثلاً بجودة عالية والباقي سيئ للأسف، ولا تبقى الربطة طازجة حتى آخر اليوم وأحياناً يشتريها الزبون غير طازجة".
وبالنسبة للسعر قال خالد لموقع تلفزيون سوريا إن سعر الربطة وسطي، فيما يتم تقليل الوزن في سبيل سعر ثابت، إذ إن مواد السلع الأساسية ارتفعت أيضاً.
وعادة ما يتناول السوريون الخبز على الوجبات الرئيسية الثلاث، بالإضافة لاعتمادهم عليه بشكل رئيسي مع عشرات الوجبات المحلية.
الخبز عامل اقتصادي مهم في حياة السوريين
لا تخلو مائدة من موائد السوريين من الخبز الذي يتكون من مواد أساسية ارتفع سعرها في الآونة الأخيرة مع ارتفاع الأسعار في تركيا في أعقاب جائحة فيروس "كورونا"، بالإضافة لأسباب اقتصادية وسياسية.
وأوضح الخبير الاقتصادي جلال بكار في إجابته على أسئلة موقع تلفزيون سوريا، أنه وبعد "كورونا" ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى 40% تقريباً في العالم أجمع خلال الستة أشهر الأولى من الجائحة، وهو ما ينذر "بكارثة كبرى على أصحاب الدخل المحدود" بحسب بكار، وعلى الأشخاص المصنفين دون خط الفقر.
وحددت الأمم المتحدة الأشخاص دون خط الفقر بمن يحصلون على أقل من 1.9 دولار يومياً.
وأضاف بكار أن تركيا وبمقاييس التضخم وازدياد الطلب على المنتجات الغذائية وتصديرها فمن الطبيعي أن يرتفع سعر الخبز، لأن هناك ارتفاعا ملحوظا على المشتقات البترولية، والتي تشكل بدورها العامل الأكبر لتقييم أسعار المنتجات الغذائية.
ومن جهة أخرى قال بكار إن متوسط العائلة السورية في تركيا أربعة أشخاص، وهو ما يعني أنها تحتاج إلى ربطتين خبز يومياً وبأسعار مرتفعة وعدد أقل وهو ما يعني ضرراً على اقتصاد الخبز، وبالتالي تمثل ضرراً على الأمن الغذائي للسوريين، أي تكلفة اقتصادية أكبر، محذراً من توقعات بارتفاع جديد لأسعار المواد الغذائية عموماً في العالم ككل وليس تركيا فقط.
وانخفضت قيمة الليرة التركية أمام الدولار في أثناء الجائحة، ليصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ثمانية ليرات ونصف وفق موقع "Doviz" التركي المتخصص بأسعار العملات.