بعد هروب حسين من الحرب والعنصرية والقمع انطلاقا من سوريا، ثم وصولا إلى أوروبا، حط هو وأمه وشقيقه الأصغر رحالهم في بريطانيا بعد رحلة خطيرة قبل أربعة أشهر تقريباً.
ولكن في الوقت الذي رحب فيه مناصرو المهاجرين والأهالي بالوافدين الجدد إلى شرقي لندن، أخذت السلطات البريطانية تستعد لطردهم، حيث أرسلت لهم وزارة الداخلية البريطانية تهديداً بالترحيل إلى رواندا بأفريقيا.
يبلغ حسين "لم يذكر الموقع البريطاني كنيته" من العمر 24 عاماً، وقد هرب من دمشق قبل ستة أعوام، ولهذا يقول: "لا حياة للسوريين، فقد مات أبي في السجن بعدما سجن لأنه طالب بالحرية".
ومن الأسباب الرئيسة التي دفعت حسين للهروب من البلد رغبته بعدم الانضمام لقوات النظام السوري، وذلك لأن بشار الأسد: "يريد من الشعب أن يقتل بعضه" كما يقول.
وبعد فراره من سوريا برفقة والدته وشقيقه الذي كان عمره وقتها 13 عاماً، وصلت الأسرة إلى تركيا، وأمضت خمس سنوات هناك، إلا أنهم لم يشعروا بالأمان في ذلك البلد، ويشرح حسين ذلك بقوله: "سيرحلونك إن لم تكن معك بطاقة هوية". إذ خلال السنوات الماضية، نفذت الحكومة التركية عملية ترحيل واسعة النطاق، تم بموجبها ترحيل من لا يحملون وثائق شخصية، ويعقب حسين على ذلك بقوله: "تعرضنا للعنصرية في العمل وفي الشارع، إذ عندما يسمعونك تتحدث العربية تفقد إحساسك بالأمان". و
خوفاً من العنف والترحيل إلى سوريا أمضت أسرة حسين ستة أشهر وهي تحاول الوصول إلى اليونان براً عبر السيارات أو الشاحنات، وفي كل مرة كانوا يعودون إلى تركيا بسبب صد حصن أوروبا لهم.
وأخيراً، تمكنت الأسرة من الوصول إلى فرنسا، حيث أمضت ستة أشهر في كاليه ودانكيرك، إلا أن حياتهم كانت بغاية الصعوبة هناك، وذلك لأن الشرطة تستهدف اللاجئين بحسب قولهم.
وهكذا، هرب حسين من المعاملة اللاإنسانية في فرنسا وركب قارباً بلاستيكياً صغيراً، واستغرق الأمر منه خمس إلى ست ساعات ليصل إلى المياه الإقليمية البريطانية، وعن تلك التجربة يقول: "كانت تجربة مرعبة، إذ كان علي أن أخرج المياه التي تتسرب إلى القارب باستمرار"، وفي نهاية الأمر، قام خفر السواحل البريطاني بإنقاذه ونقله إلى دوفر.
بيد أن ذكرياته المريعة المرتبطه بعبوره لبحر المانش والتي اشتدت عليه بسبب التفتيش العنصري على الحدود لم تبارح مخيلته.
وهكذا، وفي الوقت الذي كانت فيه وزيرة الداخلية سويللا بريفيرمان التي استقالت من منصبها مؤخراً تحلم بتحقيق فكرة الترحيل إلى رواندا إلى واقع، تعهد ناشطون محليون بالقضاء على ذلك النظام العدواني، فنظموا حملة تحت اسم: "حسين يجب أن يبقى" وأخذوا يتظاهرون من أجلها.
يذكر أن الكثير من اللاجئين قد وصلتهم رسالة كتلك التي وصلت لحسين، إلا أنه لابد من الاعتراض على جميع عمليات الترحيل، ولكن بالنسبة لحالة حسين، فإن وزارة الداخلية لم تلتزم بقوانينها معه، إذ ورد في تقييم أثر المساواة الذي أجرته وزارة الداخلية البريطانية حول سياسة الترحيل إلى رواندا بأنه: "لن يتم فصل الأسر عبر إرسال فرد واحد فقط من الأسرة دون البقية إلى رواندا".
ثم إن رواندا ليست دولة آمنة، وحسين لا يعرف أي شيء عنها، وتلك هي حقيقة البيئة العدائية التي تسود ضمن صفوف حزب المحافظين في بريطانيا، وذلك لأن المحافظين العنصريين على استعداد لتفريق العائلات، مما قد يعرض حسين لخطر جسيم يتمثل بتفريقه عن والدته وشقيقه اللذين سينفطر فؤادهما في حال تفريق حسين عنهما. كما أن ذلك لن يمنع اللاجئين عن طلب اللجوء في بريطانيا، بل سيجعل رحلتهم أشد خطورة.
وفي تصريح ورد مؤخراً على لسان راشيل ريفز مستشارة الظل لدى حزب العمال في بريطانيا جاء ما يلي: "إن المشكلة تكمن في أن الحكومة لا تقوم بترحيل الناس اليوم" وفي ذلك ما يدفع الحكومة للتمسك بتلك الإجراءات القاسية بصورة أكبر.
ولذلك يتعين على مناصري المهاجرين أن يحاربوا عمليات الترحيل وأن يواصلوا مطالبتهم بهدم الحدود العنصرية.
المصدر: Socialist Worker