البث المباشر
تصاعدت عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن بشكل كبير خلال العام الماضي وأوائل العام الحالي، ما استدعى عمان لمحاربته عسكرياً بشن ضربات داخل سوريا دون إعلان رسمي. زيادة ضخ المخدرات والأسلحة إلى الأردن بعد التطبيع مع النظام السوري، دفع كثيرين للتكهن حول خيارات المملكة في مواجهة ما يهدد أمنها القومي وفق بيان للجيش الأردني.
تنسيق أردني مع التنف
خيارات عمان في التعامل مع مكافحة المخدرات تمثلت باستراتيجية ضرب مركز الانطلاق قبل وصولها إلى الحدود، والتي جاءت بعد تصريحات كثيرة لمسؤولين كبار في الخارجية والجيش الأردنيين اللذين حمّلا النظام السوري مسؤولية الفشل في ضبط الحدود السورية، ما طرح خيارات كثيرة لها لإمكانية التعامل مع الطرف الآخر من الحدود السورية.
جديد الملف هو ما كشفه العقيد فريد القاسم قائد جيش سوريا الحرة العامل في منطقة التنف، لتلفزيون سوريا، عن وجود تنسيق مع الأردن لمكافحة المخدرات على الحدود السورية الأردنية، مشيرا إلى أنهم يعملون على تطويره مع الحكومة الأردنية.
وقالت كبيرة الباحثين في معهد نيولاينز للدراسات الاستراتيجية كارولين روز، إن المملكة الأردنية جربت عددا كبيرا من الخيارات للتعامل مع ملف مكافحة المخدرات لكنها لم تحقق شيئا، وأشارت روز في تصريح لتلفزيون سوريا إلى أن عمان لجأت للدوريات الروسية ولنظام الأسد بعد التطبيع معه للحد من المخدرات، لكن جميع التجارب لم تحقق أي نتيجة على الأرض.
وترى روز أن لجوء عمان إلى مجموعات سورية لمكافحة المخدرات يمثل خطوة جديدة في استراتيجيتها الواسعة لمكافحة التدفقات غير المشروعة للمخدرات، وتوقعت روز أن المحاولة الأردنية الجديدة قد تسفر عن نتائج أولية في وقف تدفق المخدرات غير المشروعة مثل الكبتاغون إلى الأردن، مرجحة أن تتضخم تجارة المخدرات بشكل عام وتمتد إلى أسواق عبور بديلة مثل العراق.
تنسيق التنف مع رجال الكرامة
وكشف العقيد فريد القاسم قائد جيش سوريا الحرة لتلفزيون سوريا عن وجود تنسيق بسيط لهم مع مجموعات رجال الكرامة في محافظة السويداء لمحاربة المخدرات على الحدود السورية الأرنية، معتبرا أن التنسيق في مراحله الأولى وأنهم يأملون أن يتطور للحد من المخدرات.
وقال القاسم إنهم في قيادة جيش سوريا الحرة يأملون أن تتم مساعدة قواته لمكافحة المخدرات على كامل الحدود السورية الأردنية، مشيرا إلى أن المخدرات التي يضبطونها مصدرها حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة.
في المقابل، قال المكتب الإعلامي لحركة رجال الكرامة في السويداء، في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا إن التنسيق في محاربة المخدرات في الجنوب السوري سيكون فقط مع فصائل محلية ضمن المحافظة وقراها، في إشارة لخلاف ما أعلنه جيش سوريا الحرة.
وقال المكتب الإعلامي إن المملكة الأرنية لم ترد حتى الآن على المقترح الذي تقدموا به للمساعدة في محاربة المخدرات جنوبي سوريا، مشيرا إلى أن حركة رجال الكرامة يمكنها مساعدة الفعاليات الأهلية والاجتماعية لمحاسبة كبار تجار المواد المخدرة وإبعاد خطرهم عن القرى والأحياء وبالتالي خطرهم عن المدنيين الأبرياء، على حد وصفه.
وبعد الغارات الأردنية الأخيرة على بلدة عرمان بريف السويداء الجنوبي الشرقي، والتي أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم خمس نساء وطفلتان؛ أعلنت حركة رجال الكرامة، أكبر الفصائل العسكرية في السويداء عن مبادرة موجهة إلى الجانب الأردني مكونة من 9 بنود، أبدت فيها استعدادها لملاحقة جميع المتورطين بتهريب وتجارة المخدرات، وطلبت من الأردن تقديم قوائم بأسماء المتورطين ليصار لملاحقتهم، بدلاً من شن غارات جوية حفاظاً على أرواح المدنيين.
وحملت الحركة في بيانها بشكل صريح النظام السوري المسؤولية المباشرة عن تجارة وتهريب المخدرات، ودعت الحركة المجتمع المحلي والوجهاء والمرجعيات الدينية، للوقوف عند مسؤولياتها.
ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القطاطشة، وجود تنسيق أردني مع أي جماعات مسلحة في سوريا، كون ذلك يصنف على أنه "انتهاك لسيادة الدولة السورية"، ولا سيما أن عمان تمتلك علاقات دبلوماسية مع النظام السوري، مشيرا إلى أن الجيش الأردني يمتلك القدرة على حماية حدوده واستخدام النار والحديد.
وأشار القطاطشة إلى أن بعض الجماعات السورية قد تنسق مع إسرائيل لذلك فإن المملكة لن تنسق مع أي طرف آخر سوى النظام السوري، لأن أي تنسيق خارج إطار النظام يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي السوري، مؤكدا أن الأردن سيعمل على حماية حدوده حتى لو لم يكن هناك أي تنسيق مع النظام في سوريا، كون القانون الدولي يخول عمان التحرك لحماية حدودها من أي خطر وفق قوله.
أميركا تتدخل لوجستياً
تصاعد عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن يتمركز في ثلاثة محاور الأولى السويداء والثانية درعا والأخيرة التي تبدو أنها أقل هي منطقة الـ55 التي ينتشر فيها جيش سوريا الحرة والقوات الأميركية التي كشف قائد جيش سوريا الحرة في تصريحه لتلفزيون سوريا عن وجود دور كبير لها في مساعدتهم في الحرب ضد المخدرات.
يزود الجيش الأميركي جيش سوريا الحرة الحليف الرئيس له في منطقة الـ 55 بما يحتاجه من معدات لإنجاح الحرب المفتوحة على المخدرات في سوريا، وفق ما أكد القاسم في تصريحه لتلفزيون سوريا، وهذه أول مرة يتم الكشف فيها عن دور ميداني للقوات الأميركية في مواجهة عمليات التهريب على الحدود السورية الأردنية.
وفي الشق السياسي في محاربة المخدرات، كانت الولايات المتحدة الأميركية قد أقرت العام الماضي قانون الكبتاغون الذي ينص على محاربة المخدرات وعلى رأسها الكبتاغون الذي تعتبر سوريا المنتج الأول له وفق إحصائيات غربية وأميركية، كما أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا سلسلة عقوبات على شخصيات في النظام السوري متورطين في إنتاج وإدارة تجارة الكبتاغون وعلى رأسهم ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد.
