أصدر الجيش الإسرائيلي اليوم تقريره السنوي لتقييم الأوضاع الأمنية، "تقييم الوضع لعام 2022"، جاء فيه أن تحديات الأمن القومي الإسرائيلي على الجبهة الشمالية (سوريا ولبنان) شهدت تحسناً ملحوظاً خلال 2021، بعد سنوات من التوتر.
أشار التقرير، الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت“، صباح اليوم الثلاثاء، إلى انخفاض مستوى التهديد على الجبهة مع سوريا، نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني على حدودها الشمالية.
وتوقع التقرير أن تحافظ الجبهة مع سوريا على هدوئها في العام المقبل، ما لم يحدث تصعيد مفاجئ.
وبحسب الصحيفة، قدم رئيس هيئة الأركان، أفيف كوخافي، التقرير إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الأسبوع الماضي، على أن يُطرح لاحقاً للحكومة لمناقشته بشكل أعمق.
ولخص كوخافي أسباب التحسن في حالة الأمن القومي حسب تقييم الجيش الإسرائيلي بأربعة عوامل أهمها، انخفاض التهديد الإيراني بسبب كثافة الضربات الإسرائيلية، ونشوء تفاهم ضمني مصلحي بين إسرائيل والأسد وبوتين على تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
ومن العوامل أيضاً، إقرار الحكومة الإسرائيلية للميزانية العامة وتخصيص ميزانيات ضخمة للجيش، إضافة للتعاون العسكري مع دول المنطقة ضد التهديد الإيراني، بما في ذلك تجديد التنسيق مع الروس في الساحة السورية.
نشوء تفاهم ضمني مصلحي بين إسرائيل والأسد وبوتين على تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، لأن الأنشطة الإيرانية في سوريا تعرقل جهود الانتقال إلى إعادة الإعمار
أسباب الهدوء في الجبهة الشمالية
- أولاً، انخفاض مستوى التهديد في الجبهة الشمالية (سوريا ولبنان)، بعد تعطيل الجيش الإسرائيلي مخططات إيران للتموضع العسكري في سوريا، خاصة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وذلك نتيجة مباشرة لعمليات الجيش الإسرائيلي في سوريا، المعروفة باسم "المعركة بين الحروب".
ويشير "تقييم الوضع" إلى تباطؤ ملحوظ للنشاط الإيراني في تقوية وتزويد "حزب الله" اللبناني والميليشيات الموالية لطهران بأسلحة استراتيجية دقيقة، بما فيها الصواريخ الدقيقة والطائرات من دون طيار، إضافة لنشاطها في نشر بطاريات الدفاع الجوي، الإيرانية الصنع، التي كانت تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة.
- ثانياً، انخفاض حدة المعارك في الساحة السورية نتيجة توازن القوى في المسرح السوري بعد سنوات من الحرب، واهتمام نظام بشار الأسد وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرساء الاستقرار السياسي لفرض سيطرة النظام على معظم الأراضي السورية بهدف الانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، يقول بن يشاي، المعروف بصلاته الوثيقة بهيئة الأركان الإسرائيلية، بدأت تتقاطع مصالح الأسد وبوتين وإسرائيل في الآونة الأخيرة حول تقليص النفوذ الإيراني، الأمر الذي يضمن عدم حدوث تصعيد مفاجئ بالنسبة لإسرائيل على هذه الجبهة المشتعلة.
وبحسب الخبير الأمني والعسكري الإسرائيلي، باتت أنشطة إيران العسكرية في سوريا تثير استياء نظام الأسد لأنها تقوض سعيه لفرض سيطرته على كامل سوريا، كما أن بوتين بات يدرك أهمية الضربات الإسرائيلية لكبح الإيرانيين، الذين ينافسون الروس اقتصادياً في سوريا.
وكشف بن يشاي أن هناك جناحاً لا بأس به في هيئة الأركان الإسرائيلية يدعو إلى وجوب دعم نظام بشار الأسد لبسط سيطرته على كامل سوريا، بهدف التخلص من الإيرانيين وتقليص نفوذهم في حدود إسرائيل الشمالية.
وأوضح الخبير الأمني والعسكري الإسرائيلي، أن هناك جهداً سياسياً من قبل إسرائيل لمحاولة تعبئة واشنطن لدعم الأسد في إعادة إعمار سوريا.
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، تأتي المطالبات الإسرائيلية لواشنطن بدعم الأسد، لأن الأخير "مستاء" من الوجود الإيراني الذي يعرقل الخطط المستقبلية لنظامه ولحلفائه الروس، إضافة لضرورة أن تكون الولايات المتحدة ثقلاً موازناً للنفوذ الروسي في الساحة الشمالية.
ومن جهة أخرى، يشكل انشغال "حزب الله" بالأزمات الداخلية في لبنان، المهدد بالانهيار، سبباً لهدوء الجبهة الشمالية بالنسبة لإسرائيل، الأمر الذي يقلل من استعداد نصر الله للدخول في صراعات مدمرة مع إسرائيل، بحسب تقدير الجيش الإسرائيلي.
هناك جناح لا بأس به في هيئة الأركان الإسرائيلية يدعو إلى وجوب دعم نظام بشار الأسد لبسط سيطرته على كامل سوريا، بهدف التخلص من الإيرانيين وتقليص نفوذهم في حدود إسرائيل الشمالية.
إسرائيل تبذل جهداً سياسياً لمحاولة تعبئة واشنطن لدعم الأسد في إعادة إعمار سوريا.
- ثالثاً، كما يرجع التقرير السنوي الجديد أسباب التحسن على مستوى الأمن القومي إلى إقرار الحكومة الإسرائيلية الميزانية العامة لعامين، لا سيما الميزانية الخاصة للجيش الإسرائيلي، حيث خصصت تل أبيب الشهر الماضي خمسة مليارات شيكل (قرابة 1.5 مليار دولار).
وتجدر الإشارة إلى أن تخطي الحكومة لعقبة الميزانية يعدّ إنجازاً تحتفل به حكومة بينيت-لابيد، بعد سنوات من الفشل الحكومي الذي تسبب به عدم التوافق على الميزانية.
ويشكل حصول الجيش الإسرائيلي على ميزانية كبيرة فرصة للتفاؤل، تمكنه من تسريع عمليات التسليح والإعداد وتزيد من قدرته على التعامل مع الوسائل والأساليب الدفاعية والهجومية، لا سيما تهديد الصواريخ والطائرات من دون طيار.
- رابعاً، التعاون العسكري مع دول المنطقة ضد التهديد الإيراني، إضافة إلى تجدد التنسيق مع الروس في الساحة السورية.
في هذا السياق، أطلقت إسرائيل الشهر الماضي، مناورات جوية ضخمة تحت اسم "العلم الأزرق، شاركت فيها ثمان دول، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان والهند والإمارات، إضافة لتقارير تحدثت عن مشاركة الأردن.
وأعقبتها مناورات بحرية "غير مسبوقة" شاركت فيها كل من إسرائيل والإمارات والبحرين تحت قيادة الأسطول الخامس الأميركي في مياه البحر الأحمر، الأسبوع الماضي.
كما أسفر تجديد حكومة بينيت التنسيق مع الروس لاستمرار حرية التحرك في الساحة السورية، عن زيادة نوعية في الضربات الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني، وسجلت سبع هجمات في خلال شهر واحد، في الآونة الأخيرة.