بين جسر منهار وآخر متهالك، تستمر معاناة أهالي محافظة الرقة في نقل المنتجات الزراعية والصناعية والتجارية، ليتكبدوا مشقة كبيرة وتكاليف إضافية، للوصول إلى الضفة الأخرى من نهر الفرات في الرقة، في ظل تراخي "الإدارة الذاتية" عن تنفيذ أبرز الخدمات التي تعتبر الحل الوحيد لهذه الأزمة التي دخلت عامها الخامس.
وأوضح مراسل موقع تلفزيون سوريا في الرقة "أن آلاف المناشدات وصلت خلال الأشهر والأعوام الماضية، طالب فيها الأهالي "الإدارة الذاتية" بإعادة تأهيل جسر الرقة الجديد باعتباره الممر الوحيد جنوبي مدينة الرقة للعبور بين ضفتي نهر الفرات بحمولات تجارية أو صناعية تزيد على 4أطنان خلافا لجسر الرقة العتيق (المنصور) الذي لا تسمح "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بالعبور فوقه لأكثر من 4 أطنان، لكن رد "الإدارة الذاتية" اقتصر على "نعجز عن ذلك ماديا وتقنيا".
وبحسب شهادات الأهالي، يضطر أصحاب قرى الكسرات وما حولها جنوبي الرقة لقطع مسافة تعادل 15 ضعف المسافة التي يحتاجونها للوصول بحمولتهم (تزيد على 4 أطنان) بين ضفتي نهر الفرات جنوبي مدينة الرقة، وذلك بسبب ضعف جسر الرقة العتيق عن التحمل وانهيار جسر الرقة الجديد.
ويقول "بشر الإسماعيل" وهو سائق شاحنة تجارية في مدينة الرقة "غالبا ما يطلب منا نقل بضاعة بين مدينة الرقة وقرى الكسرات الواقعة على الضفة الجنوبية من النهر أو قرى رطلة والعكيرشي وغيرها، وطبعا المسافة التي نحتاجها نظريا لا تتجاوز الأربعة كم، لكن و بسبب منعنا من العبور على جسر الرقة العتيق، وانهيار جسر الرشيد (الرقة الجديد)، نضطر لقطع مسافة 60 كم لعبور سد المنصورة للوصول إلى الجانب الآخر.
من جانبه ذكر يونس العز الدين أن "العبَّارات المائية كانت حلاً جيداً، فالشاحنات مهما كانت أوزانها تعبر وبشكل مريح، لكن "قسد" منعت العبارات بحجة إصلاحها لجسر الرقة العتيق، دون أن تراعي العمر الافتراضي المتهالك للجسر والذي لا يقوى على حمل أكثر من أربعة أطنان".
وذكر مداح الصفوك من أهالي كسرة فرج جنوبي الرقة "شرعت ببناء بيت لعائلتي وطبعا مواد البناء كالحديد والرمل والإسمنت أحضرهم من مدينة الرقة، لكن المصيبة أن تكاليف نقلها تضاعفت علي كثيراً لأن المسافة زادت على الـ 55 كم لعبور نهر الفرات، الذي لا يتجاوز عرضه الـ 500 متر".
وأضاف: "سيظل جسر الرقة الجديد شاهداً ورمزاً لعجز "الإدارة الذاتية" عن إعادة الإعمار وتلبية متطلبات الشعب، فسبق أن نفذت مشاريع بملايين الدولارات، كان الجسر أولى بها لتسهيل حياة الأهالي".
من جانبه ذكر مصدر مطلع من دائرة الخدمات الفنية لموقع تلفزيون سوريا أن "مشروع الجسر الجديد من المشاريع الإستراتيجية الذي يتطلب ليس فقط أموالاً طائلة بل يحتاج أيضا لخبرات إنشائية كبيرة فالبنية الأساسية للجسر كالقواعد الارتكازية وجسم السد عموما متهالكة بنسبة تزيد على الـ 70 بالمئة، فالأمر لا يتعلق بالقدرات المادية فقط بل أيضا بالجانب التقني".
وتابع: "تقدر تكلفة بناء جسر جديد للرقة، بنحو 10 إلى 12 مليون دولار، لكن بعض شركات التعهدات البنائية في القامشلي والرقة، تكفلت بعملية بنائه بأقل من 1.8 مليون دولار الأمر الذي رفضته "الإدارة الذاتية" وطالبت المنظمات الدولية بتبني المشروع".
ويمتد جسر الرقة الجديد مسافة 525 متراً وبعرض 13 متراً، وهو معد لحمولات الشاحنات الثقيلة وقد بني في ثمانينيات القرن الماضي، وتم تدميره من قبل التحالف الدولي بغارات جوية، خلال الحرب الأخيرة.