لم يعد المكان الأثري مغرياً حتى لأولئك العابرين منه بحكم توسطه منطقة حيوية في وسط العاصمة دمشق، وتحول سوق المهن اليدوية مع السنوات الأخيرة إلى مكان مهمل وبائس بينما تجار السوق ينتظرون زبوناً لا يأتي.
إهمال مقصود للتكية السليمانية
عمليات الترميم كانت قد بدأت قبل الحرب بسنوات، وقامت وزارة سياحة النظام حينها بتطوير وتجهيز عدد من المحال التجارية بطريقة مثالية عندما عزم النظام على العمل بنموذج السوق المفتوح، وسمح حينها للأتراك بالعمل على تحديث بنية (التكية السليمانية) التي تضم السوق، ولكنه مع بداية الحرب أهمل السوق وبدأ بالضغط على الحرفيين من أجل ترك السوق وفتحه لاستثمارات مختلفة.
أحد التجار قال لموقع تلفزيون سوريا متهكماً "وزارة السياحة تريد أن تقول لنا: لن نبدأ بالترميم حتى يسقط أحد الأقواس أو ينهار جزء من السوق".
أما الداخل إلى السوق فيرى كم الحفر والبلاط المنزوع من مكانه والبحرة التي تفيض بالماء الأخضر نتيجة نمو الطحالب والإشنيات لعدم تبديلها، وكذلك الجدران شبه المتداعية أو المرممة ببعض الأعمدة حتى لا تنهار.
سوق "التكية السليمانية" بلا زبائن
تجار السوق يشتكون من رفع بدلات الاستثمار لمحالهم، وتوقف حركة البيع والمعارض التي كانوا يستفيدون من المشاركة بها، والسياحة التي قضت عليها الحرب منذ عشر سنوات.
محال البروكار والسجاد اليدوي ومعمل الزجاج وحرفيو النحت على الخشب والنحاس والجلديات كلهم يشتكون من ركود السوق، وبهذا الصدد يقول أحد التجار: "انعدمت البدائل لدينا لا سياحة خارجية والمواطن السوري لديه أولويات كثيرة أهم من الحلي والسجاد واقتناء البروكار".
تاجر آخر تحدث عن موت السوق الذي كان أحد أجمل أماكن السياحة في العاصمة: "هناك أمر آخر يتعلق بهجرة كثير من الحرفيين المهرة وهؤلاء حققوا نجاحات كبيرة في دول اللجوء وبعضهم افتتح معارض ومحال متخصصة بالفن السوري الأصيل".
استثمار صيني لسوق التكية السليمانية في دمشق
بعض التجار تحدثوا عن محاولات تقوم بها وزارة السياحة لإخراجهم من أجل استثمارات خارجية منها مجموعة من المطاعم الصينية، وصدرت عن الوزارة وأتباعها إشاعات تتحدث عن أن التكية السليمانية آيلة للسقوط.
ونقلت جريدة الوطن المملوكة لرامي مخلوف عن أحد المسؤولين قوله: "هذا الإعلان يعني إخراج الحرفيين من محالهم في سوق التكية السليمانية وعدم إعادتهم إليها"، وهذا ما دفع الحرفيين حينئذ إلى الإعلان عن استعدادهم للمساهمة في الترميم الذاتي لمحالهم ومع ذلك لا تزال المحاولات قائمة همساً أو تسريباً.
لكن مع ذلك يأمل التجار بأن لا يحصل ذلك وأن هناك عوائق قانونية كما يقول أحدهم لموقع تلفزيون سوريا: "التكية السليمانية هي وقف عثماني لا تستطيع وزارة سياحة النظام العبث به دون موافقة الأتراك وهذا لن يحصل".
لا يختلف حجم الضغط على الهوية السورية من قبل رجالات النظام الذين ينفذون أجندة إيرانية من أجل انتزاعهم من محالهم وبيوتهم سواء في دمشق القديمة داخل السور وخارجه.
ويعود بناء "التكية السليمانية" إلى عهد السلطان العثماني؛ سليمان القانوني، الذي أمر ببنائها عام 1554، في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم "قصر الأبلق".
وقد صمم البناء المعماري العثماني الشهير سنان، وأشرف على تنفيذه الذي استغرق 6 سنوات المهندس ملا آغا، وذلك في عهد الوالي خضر باشا.