icon
التغطية الحية

التضخّم الاقتصادي في تركيا وتأثيره على اللاجئين السوريين

2024.04.21 | 19:03 دمشق

آخر تحديث: 22.04.2024 | 10:41 دمشق

محل سوري تركيا
أحد محال السوريين في تركيا (تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - عبادة منصور
+A
حجم الخط
-A

يلقي التضخم الاقتصادي الذي تعيشه الأسواق التركية بظلاله على اللاجئين السوريين وتنعكس تقلباته المستمرة على حياتهم بشكل مضاعف خاصة فئة عمال المياومة والفئات التي تتقاضى الحد الأدنى من الأجور.

ومع وصول قيمة التضخم في تركيا خلال العام الجاري 2024 إلى 64.77% بات يفرض على كثير من السوريين في تركيا مجاراة أسعار البضائع في الأسواق عبر دخلهم الشهري المتواضع.

والأسواق مع بداية كل موسم تشهد تقلّبات كبيرة في الأسعار يرافقه زيادة في قيمة المنتجات والسلع، حيث يحتاج اللاجئ السوري المقيم في تركيا إلى دفع تكاليف أكبر من قدرته لتأمين احتياجاته الأساسية اليومية من طعام وشراب ولباس.

أهم أسباب ضعف الحركة الشرائية

وشهدت الأسوق المحلية التركية مؤخراً ضعفاً في حركة البيع والطلب على المنتجات، وذلك لأسباب عديدة، يقول أحمد جركس -الذي يعمل كتاجر مواد أولية وكنسروة جنوبي تركيا- إنّ أوّل الأسباب التي زادت من ارتفاع أسعار المنتجات في الأسواق، قيمة إيجارات المستودعات والمحال التجارية حيث تضاعفت قيمتها في أغلب المناطق التركية إلى أكثر من 100%، وبات أصحاب المحال الصغيرة وتجار الجملة يحمّلون زيادة الإيجار على أسعار بضائعهم.

كذلك المحروقات تسبّبت برفع أسعار كثير من المنتجات الأساسية، فخلال أقل من عام تضاعفت أسعار المحروقات في تركيا وباتت قيمة نقل المنتجات والبضائع تتطلب مبالغ كبيرة، خاصة المواد التي تُنقل إلى مناطق بعيدة تصبح فيها قيمة النقل أكثر من ثمن البضائع.

وبحسب "جركس" فإنّ مبيعاته كتاجر جملة تراجعت مع بداية موسم الصيف الحالي الذي كان يشهد سابقاً طلباً كبيراً على منتجات المونة المنزلية والكنسروة، الأمر الذي دعاه إلى التركيز على نوعيات محدّدة من المنتجات والاستغناء عن عدد من الأنواع التي ارتفعت أسعارها وبات الطلب عليها قليلاً حتى يستمر في البيع بشكل مناسب.

كيف يبدو شكل الأسواق المحلية؟

خالد طرقجي -بائع مواد غذائية سوري- يقول إنّ حركة البيع والشراء تشهد تفاوتا في الطلب على المنتجات حيث توجد اليوم فئتان من المشترين: فئة لا تستطيع تأمين جميع مستلزماتها حتى الضرورية منها، وهي فئة نتجت بعد الزلزال الذي خسر فيه كثير من السوريين مصالحهم ومصادر عملهم وباتوا غير قادرين على تأمين كل مستلزمات أسرهم، وفئة أخرى تعمل على موازنة الدخل الشهري مع المتطلبات الأساسية للمنزل حتى تتمكن من تأمين المستلزمات الضرورية كحد أقصى.

وبحسب "طرقجي" فإنّ الكثير من المشتريين اليوم لا يأخذون سوى المواد الضرورية وبشكل أسبوعي مع الاقتصار على الأساسيات من المواد الغذائية والابتعاد عن المواد التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، كالزيوت والأجبان وبعض مواد الكنسروة.

الاستغناء عن قسم من الأساسيات بسبب ارتفاع أسعارها

يقول خالد: إنّ كثيرا من العائلات لا تشتري احتياجها الكامل من  المواد الأساسية للبيت، بل تعمل في كثير من الأحيان على استبدالها بالبقوليات والكنسروة، خاصة المواد التي تدخل في مائدة الفطور كزيت الزيتون الذي استُبدل بالزيوت النباتية والأجبان المُستغنى عنها.

فكثير من المشترين يُصدمون بقيمة المنتجات التي ترتفع شهرياً أو مع بداية كل موسم، فزيت الزيتون تضاعفت أسعاره خلال موسم هذا العام وبلغ سعر اللتر الواحد قرابة 250 ليرة تركية وكانت تبلغ قيمته العام الفائت 90 ليرة فقط، وهو ما ينطبق على معظم المنتجات الموجودة في السوق من الغذائيات أو الألبسة وغير ذلك من مستلزمات المنزل.

حركة البيع والشراء مرتبطة بالمواسم فقط

بحسب عمر أبو عدي -يعمل بائع ألبسة في ولاية هاتاي جنوبي تركيا- فإنّ حركة البيع والشراء باتت مرتبطة فقط بالمواسم أو الأعياد، فكثير من الأهالي اقتصروا على شراء الملابس فقط مع بداية مواسم الصيف والشتاء أو الأعياد، بسبب ارتفاع قيمة الملابس بشكل كبير وهو ما انعكس على الحركة الشرائية بشكل كبير وخفض من عمل باعة الملابس.

وعن الفرق الحاصل في الأسواق يقول يحيى أبو محمد لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ وضعه المادي خلال الفترة الماضية وقبل حدوث الزلزال كان أفضل من الآن، حيث كان يتقاضى مبلغ 250 ليرة كأجرة يومية في عمله بمهنة الإنشاءات، وكانت تؤمّن له معظم الأساسيات من المواد الغذائية أو الألبسة وإيجار المنزل، أمّا اليوم ومع وصول أجرته اليومية إلى 1200 ليرة، إلا أنها لا تكفي لتأمين كامل الاحتياجات الأساسية، فأسعار المنتجات ترتفع بشكل أكبر من الأجور اليومية، التي يتقاضاها معظم العمال السوريين في تركيا.

ويقول يحيى إنّ حالته تشبه حالة كثير من العمال السوريين في تركيا، فعدم وجود دخل ثابت وجيد يفرض عليهم التخلّي عن كثير من الأساسيات في حياتهم، خاصة في الفترة الأخيرة التي باتت فيها أسعار المنتجات مضاعفة ولا يتمكن العامل بأجرته اليومية من تأمينها.

وهذا الأمر يحتاج إلى حلول من قبل الحكومة التركية للحد من التضخم وانعكاساته على الحياة اليومية، حيث باتت أغلب العائلات بحاجة إلى نحو ألف ليرة تركيّة يومياً كحد أدنى، حتى تستطيع تأمين احتياجاتها.

وأكثر ما يُقلق السوريين المقيمين في تركيا، هو التقلّب المستمر في الأسعار وعدم ثباتها وارتباطها بقيمة صرف الليرة التركية مقابل الدولار، فمع كل انخفاض بقيمة الليرة ترتفع أسعار فئات عديدة من المنتجات في الأسواق. 

تم إنتاج هذه المادة بدعم من ""JHR صحفيون من أجل الإنسان.