تحديث: أعلنت "حركة التحرير والبناء" إلقاء القبض على 3 متهمين بارتكاب جريمة قتل 4 مدنيين كرد في مدينة جنديرس، وسلمتهم لقيادة الشرطة العسكرية. وظهر في بيان الحركة المصور المتهمون عمر صالح الأسمر -مواليد عام 2000، وحبيب علي خلف - مواليد عام 2004، وبلال أحمد العبود - مواليد عام 2000.
أكدت مصادر عسكرية وأمنية متقاطعة أن "حركة التحرير والبناء" التي ينحدر معظم مقاتليها من أبناء المنطقة الشرقية في سوريا، ألقت القبض على المتهم بارتكاب جريمة قتل 4 مدنيين كرد في مدينة جنديرس.
بيان مرئي صادر عن #حركة_التحرير_والبناء في الفيلق الأول حول عملية إلقاء القبض على مرتكبي الجريمة في مدينة #جنديرس وتسليمهم للجهات المختصة.
— حركة التحرير والبناء (@LBM_SY) March 21, 2023
تلغرام: https://t.co/nd6VldTNvw pic.twitter.com/DBv2FegXHY
وأوضحت المصادر أن "حركة التحرير والبناء" فتحت تحقيقاً بالحادثة بعد أن أصدرت بياناً ينفي تبعية القاتل لها، وأفضت التحقيقات إلى المكان الذي يختبئ فيه المتهم بارتكاب الجريمة التي هزت المنطقة منتصف الليلة الماضية، لتتمكن مساء اليوم من إلقاء القبض على المتهم الذي يبلغ من العمر 17-18 عاماً، وينحدر من بلدة خشام بريف دير الزور.
وأشارت المصادر إلى أن هيئة تحرير الشام حاولت "التسلق على الجريمة من خلال لقاء زعيمها أبو محمد الجولاني بذوي الضحايا ووعوده بإلقاء القبض على المجرمين؛ في حين كانت حركة التحرير والبناء تتابع مجريات القضية والتحقيق بها من دون أي استعراضات إعلامية".
تفاصيل الجريمة
هزّت مدينة جنديرس ليلة أمس جريمة قتل أربعة أشخاص من عائلة بشمرك من أبناء المدينة من قبل شخصين قيل إنّهما ينتميان إلى فصيل "جيش الشرقية"، والذي ينتمي بدوره لـ "حركة التحرير والبناء" في الجيش الوطني السوري.
وفي حين تضاربت الأنباء حول أسباب الجريمة إن كانت مشاجرة عادية أو أنها جريمة كراهية، وكذلك تبعية الجناة لفصيل عسكري أو أنّهما مدنيان مسلحان، إلا أنّ الثابت هو القتل القصد مع كامل إصرار الجناة، وهذا ما يؤكده مختصون في القضايا الجنائية، على اعتبار أنّ القتلة لم يطلقوا الأعيرة النارية رشاً، بل كان مطلق النار يتقصد قتل المدنيين بالرمي طلقة طلقة.
خلال احتفالهم بعيد النوروز
— تلفزيون سوريا (@syr_television) March 21, 2023
جريمة قتل بحق سوريين أكراد في جنديرس والمتهم عناصر من "جيش الشرقية"
إليك التفاصيل#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/uqLgrfDdDO
وتعددت الروايات المتناقلة حول أسباب الجريمة ودوافع المجرمين، وتناقل ناشطون محليون روايتين إحداهما تنفي وجود دوافع قومية أو دينية، فيما تؤكد الرواية الثانية أنّ دافع الكراهية هو سبب الجريمة.
ويقول عضو تجمع نشطاء الثورة في عفرين عدنان الدخيل أنّ الرواية الأولى تقول إنّ عائلة كردية كانت توقد النار على شرفة منزلهم احتفالا بعيد النيروز، وهو طقس ثقافي كردي يجري احتفالا بقدوم الربيع، وفي الأثناء طلب القاتل من العائلة إطفاء النار حتى لا تسبب ضررا للخيم المجاورة إلا أن العائلة رفضت وحدثت مشادة كلامية تلاها إطلاق نار بشكل مباشر تسبب في قتل أربعة من العائلة.
لا تختلف الرواية الثانية عن الرواية الأولى سوى بأسباب طلب القتلة إطفاء النار إذ تقول الرواية الثانية إنّ سبب طلب إطفاء النار هو الاعتراض على الاحتفال بعيد النيروز منطلقين من دافع ديني وقومي، وأن الجريمة تمت بدافع الكراهية.
الرواية الأدق
بعد تتبع مصادر الروايات كان من الواضح أنّ الرواية الأولى التي تفيد بأن طلب إطفاء النار كان بدافع الخوف على الخيم، نشرت على معرفات تابعة لجيش الشرقية أو لأشخاص مقربين من الجيش، وبالتالي جاءت لنفي دافع الكراهية.
يقول أبو اسماعيل وهو شاهد عيان من مدينة جنديرس لموقع تلفزيون سوريا: إنّ النار أشعلت على شرفة منزل وهي بعيدة عن الخيم، ومن طلبوا إطفاء النار ردّدوا عبارات مثل "عيد النيروز إشراك بالله" و "هذا كفر".
ويتساءل أبو إسماعيل عن سبب استهداف عائلة بشمرك بالتحديد، علما أنّ سكان الخيم كلهم يشعلون النار أمام خيمهم "لماذا لم يطالب القتلة أهالي الخيم بإطفاء النار أمام خيمهم؟!" ثم ما علاقة القتلة بهذا الأمر في ظل وجود شرطة مدنية ودفاع مدني مهمته مراقبة تلك الأمور؟
وفضلا عن تأكيد شهود العيان على دوافع الجريمة فإنّ بيان الحكومة السورية المؤقتة يذكر بصريح العبارة أنّ "المشاجرة تحمل في طياتها جريمة كراهية تمت تغذيتها بمخلفات الفكر العنصري والعقلية البعثية الاقصائية".
من هم القتلة؟
بعد تتبع مجريات الجريمة المرتكبة علم تلفزيون سوريا أنّ حبيب الخلف يبلغ من العمر 18 عاما وعدي الخلف يبلغ من العمر 17 عاما، وهما مقربان من مجموعة خشام التي يقودها ابن عمهم أبو خلف خشام والتي تعمل تحت مظلة جيش الشرقية، هما من قاما بإطلاق النار ولاذا بالفرار.
وأوضح قيادي في جيش الشرقية (طلب عدم ذكر اسمه) أن القتلة غير مسجلين على قوائم جيش الشرقية، إلا أنّهما ينتميان له "عرفاً".
ويشرح القيادي المسألة بأن كل الفصائل لديها مجموعات مسلحة تنتمي لها بشكل غير رسمي، وتلك الفصائل لها طرق غير شرعية في تمويل نفسها كالمعابر أو الحواجز أو التهريب، وتلك المجموعات تنتمي للجيش الوطني وفق مصلحة متبادلة، فقوى الجيش الوطني تستفيد من زيادة أعدادها، والكتائب غير الرسمية تستفيد من الغطاء القانوني لأعمالهم غير الشرعية، وهذا لا ينطبق على المجموعات بل على الأفراد أيضا، ومثال على ذلك حبيب وعدي اللذان ارتكبا جريمة القتل.
وأوضح مراقبون ميدانيون لموقع تلفزيون سوريا، أن أبناء المنطقة الشرقية المهجرين إلى ريف حلب منذ عام 2014، يتجمعون في مدن وبلدات محددة، وتربطهم علاقات اجتماعية وعشائرية، وبالتالي يجب التفريق بين المقاتل المنتمي رسمياً وتنظيمياً لفصيل عسكري، وبين المدنيين المسلحين الذين تربطهم هذه العلاقات مع الفصيل.
وعلى الرغم من نفي جيش الشرقية انتماء القتلة له إلا أنّ بيان وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة يؤكد انتماء القاتل لإحدى التشكيلات العسكرية.
خلط الأوراق
سارع أبو محمد الجولاني لاستثمار الحدث والظهور بمظهر الحامي لأكراد المنطقة من خلال حديثه مع أهالي الضحايا في معبر أطمة، إلا أنّ ناشطين يرجحون أن الحادثة ليست مدبرة من قبل هيئة تحرير الشأن وإن حاولوا استغلالها بسبب عدائهم مع حركة التحرير والبناء.
وحول مستقبل المنطقة، يقول عضو تجمع نشطاء الثورة في عفرين عدنان الدخيل إنّه "لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه المنطقة، فقادة الصف الأول في حركة التحرير والبناء تعهدوا بمحاسبة القتلة، وأبو محمد الجولاني تعهد بذلك أيضا، ومنذ الصباح حضر وزير الدفاع والعدل إلى جنديرس وتعهدوا بمحاسبة القتلة، لكن حتى الآن لم نسمع بالقبض على أي منهم. الوضع حاليا مبهم لكن الجميع في حالة ترقب، وقد تذهب الأمور إلى تصفية حسابات فصائلية لفرض سيطرة جهة على جهة ثانية".
غياب الرد الرسمي
للوقوف على مجريات الحادثة ودور الشرطة العسكرية في ملاحقة الجناة تواصل تلفزيون سوريا مع قائد الشرطة العسكرية في جنديرس من دون أي إجابة.