مع انتهاء معركة الانتخابات الرئاسية في تركيا، أعلن رجب طيب أردوغان، دخول البلاد في تنافس سياسي جديد، يعتبر مفتاح الدخول والبقاء في السلطة. وقال أردوغان لأنصاره في 28 أيار/ مايو عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية بنسبة 52 في المئة: "أمامنا الآن انتخابات 2024.. تفهمون ما أرمي إليه.. إسكودار وإسطنبول في الانتخابات المحلية سنكسبها.. لا توقف سنعمل كثيرا".
وبحسب الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون 2972، فإن انتخابات البلدية في تركيا تقام كل خمس سنوات، ويحق لكل شخص بلغ 18 عاما المشاركة في الانتخابات.
وتعقد انتخابات البلدية الكبرى في 30 ولاية تركية من أصل 81 ولاية، حيث صنف القانون التركي المدن التي يقطنها أكثر من 750 ألف نسمة على أنها مدينة كبرى، وتعتبر ولايات إسطنبول وأنقرة وإزمير، الميدان الأبرز للصراع بين الأحزاب التركية.
أردوغان وصراع البلديات
بعد وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى سدة الحكم في تركيا عقب فوزه بالانتخابات البرلمانية لعام 2002، بنسبة 34 في المئة من الأصوات ليسيطر على أغلبية المجلس بواقع 363 مقعدا من أصل 550، توجهت أنظار الحزب المشكل حديثا حينها إلى انتخابات البلدية لعام 2004.
ونجح "العدالة والتنمية" في إثبات تفوقه على 20 حزباً شارك في انتخابات البلدية لعام 2004، بعد أن تمكن من الفوز برئاسة 12 بلدية كبرى أبرزها إسطنبول والعاصمة أنقرة، بينما حافظ حزب "الشعب الجمهوري" أقدم وأكبر أحزاب المعارضة على نصيبه برئاسة بلدية إزمير ثالث أكبر الولايات التركية.
وتمكن أردوغان ورفاقه في انتخابات 2004 من الحصول على نسبة 41.67 بالمئة من أصوات الناخبين على مستوى البلاد، في حين حصل "الشعب الجمهوري" على 18.23 بالمئة من الأصوات، وجاء حزب "الحركة القومية" في المركز الثالث من حيث نسبة الفوز بنسبة 10.45 بالمئة.
تفوق جديد رغم التراجع
حافظ "العدالة والتنمية" على تفوقه في انتخابات البلدية التركية لعام 2009، بعد حصده 38.39 بالمئة من أصوات الناخبين على مستوى البلاد، لكن رغم التفوق في إسطنبول وأنقرة، خسر الحزب رئاسة البلدية الكبرى في ولايتي بالكشيهير ومانيسيا، لصالح حزب "الحركة القومية" (15.97 بالمئة من أصوات الناخبين)، بينما احتفظ "الشعب الجمهوري" بمقعد رئاسة البلدية الكبرى في إزمير (23.8 بالمئة من الأصوات).
الحصة الأكبر
نال "العدالة والتنمية" الحصة الأكبر من رئاسة البلديات الكبرى في انتخابات 2014، بعد فوزه برئاسة 18 بلدية كبرى أبرزها إسطنبول وأنقرة، بينما حصل "الشعب الجمهوري" على رئاسة 6 بلديات كبرى أبرزها إزمير، وكان نصيب "الحركة القومية" 3 بلديات كبرى أبرزها أضنة.
وحصل "العدالة والتنمية" على أصوات 45.60 بالمئة من الناخبين في عموم البلاد، وجاء "الشعب الجمهوري ثانيا بنسبة 27.80 بالمئة، "الحركة القومية" ثالثا بنسبة 15.20 بالمئة.
خسارة صادمة
شهدت تركيا بين أعوام 2014 و2019 تغيرات كبيرة في نظام الحكم وتقلبات في التحالفات السياسية، فضلا عن حادثة الانقلاب الفاشل في 15 تموز 2016.
وفي عام 2017 أجرى الأتراك استفتاء دعا إليه أردوغان لتعديل الدستور وتحويل نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، ومطلع 2018 أعلن حزبا "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" إطلاق "تحالف الشعب"، الذي نجح في حصد غالبية مقاعد البرلمان (344 مقعدا من أصل 600) بعد إجراء انتخابات مبكرة دعا إليها، كما نجح التحالف بضمان فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية بنسبة 52.6 بالمئة، متفوقا على جميع خصومه حينها، وعلى رأسهم مرشح "الشعب الجمهوري" محرم إنجه.
لكن النجاحات الكبيرة لـ"تحالف الشعب"، اصطدمت بخسارة صادمة وجهها الناخبون لمرشحي التحالف في ولايتي إسطنبول وأنقرة خلال انتخابات البلدية لعام 2019، حيث خسر حزب "العدالة والتنمية" رئاسة البلدية الكبرى في الولايتين لصالح حزب "الشعب الجمهوري".
ورغم خسارة رئاسة بلدية أكبر ولايتين في تركيا، نجح "تحالف الشعب" بالفوز برئاسة 16 بلدية كبرى، كما حافظ على تفوقه في نسبة الأصوات على مستوى البلاد بحصوله على 44.33 بالمئة.
لكن دخول أحزاب المعارضة التركية انتخابات البلديات التركية لعام 2019 ضمن "تحالف الأمة"، الذي شكل حزب "الشعب الجمهوري" و"الجيد" نواته الأساسية، قلب الموازين في ولايتي إسطنبول وأنقرة على وجه الخصوص.
وتمكن أكرم إمام أوغلو، مرشح "الشعب الجمهوري" من الفوز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بعد حصوله على نسبة 48.8 بالمئة من أصوات الناخبين، متفوقا على مرشح "العدالة والتنمية" بنعلي يلدريم، الذي حصل على 48.6 بالمئة، لكن ألغيت نتيجة الانتخابات التي أجريت في أذار/ مارس 2019 بقرار من لجنة الانتخابات، إثر تقديم "تحالف الشعب" اعتراضات وطعونا على تجاوزات حدثت في أثناء عملية التصويت وخلال عملية الفرز.
لكن المفاجأة الكبرى جاءت بعد فرز أصوات جولة الإعادة التي أجرين في حزيران/ يونيو 2019، حيث تراجعت نسبة يلدريم من الأصوات إلى 45 بالمئة، بينما ارتفعت نسبة إمام أوغلو إلى 54.2 بالمئة، ليعلن بعدها رسميا كرئيس لبلدية إسطنبول الكبرى.