انتزعت "جامعة حلب في المناطق المحررة" أخيراً أول اعتراف رسمي لها، بعد نحو 8 أعوام من تأسيسها، لتفتح باباً أمام آلاف الطلاب والخريجين الراغبين في إتمام دراساتهم العليا خارج الحدود.
وأعلنت الجامعة، في 29 أيلول، حصولها على اعتماد من قبل مجلس التعليم العالي التركي، أضيفت على إثره إلى قائمة الجامعات المعتمدة لدى الأخير في الخارج.
وبالفعل، ظهر اسم جامعة حلب الحرة عقب الإعلان مباشرة ضمن قوائم الجامعات المعتمدة على الموقع الرسمي للمجلس، وهو ما حمل بادرة أمل لآلاف الطلاب الحاصلين على شهادة البكلوريوس الراغبين في إتمام الدراسات العليا في الجامعات التركية.
وقالت الجامعة، في بيان، إن الاعتراف جاء بعد تزويد مجلس التعليم العالي التركي بالملفات التعريفية الخاصة بالجامعة، كما أشار إلى أن الأخيرة تلقت رداً رسمياً بالاعتماد، وختم بعبارة: "سيتم التحقق من ذلك (الاعتراف) بشكل فعلي عن طريق زيارة رسمية (..) إلى المجلس خلال الأيام القادمة".
اعتراف "منقوص"
أثارت خاتمة البيان إشارات استفهام لدى الأوساط الطلابية، وهو ما دفع بعضهم للدخول إلى موقع المجلس الرسمي ومحاولة تقديم طلب لتعديل شهاداتهم الجامعية، وهناك اصطدموا برسالة، رغم ظهور اسم الجامعة ضمن القائمة، مفادها: "الجامعة غير مدرجة في القوائم الدولية الحالية في مجلس التعليم العالي التركي".
انتشرت الرسالة المذكورة آنفاً ضمن المجموعات الطلابية ونشرتها صفحات إخبارية عبر فيس بوك، تحت عناوين مختلفة، بعضهم اعتبر أنها دلالة على "سحب الاعتراف"، في حين رأى آخرون أنه اعتراف "منقوص"، مطالبين إدارة الجامعة بتوضيح.
وتزامن الجدل مع منشور كتبه دكتور الشريعة الإسلامية أحمد نجيب عبر صفحته في فيس بوك قال فيه إن إدراج الجامعة ضمن القوائم "لا يعني اعتمادها".
وأضاف، نقلاً عن مكتب مختص بمعادلة الشهادات في أنقرة، أنه "بعد المراجعة والاستفسار في مجلس التعليم العالي بخصوص جامعة حلب الحرة تبيّن أنه ليس لها معادلة"، مبيناً أن عشرات الجامعات والمعاهد "لها إدراج، ولكن ليس لها معادلة".
ونصح نجيب الطلاب بعدم التسرّع في ترجمة وتصديق شهاداتهم حتى اتضاح الصورة بالقول: "على الطلاب أن لا يتسرَّعوا، ويتكلَّفوا، ويترجموا أوراقهم، ويصدقوها بالنوتر؛ لأنّها ستكلّفهم حوالي 5 آلاف ليرة".
الجامعة توضّح
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع إدارة الجامعة للوقوف على تفاصيل إعلان الاعتماد ولتوضيح الصورة بعد الجدل الذي أثير على خلفية ظهور رسالة "الخطأ" في موقع المجلس لكثير من الطلاب.
نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب، عماد برق، أكّد أن الاعتراف "رسمي"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن هناك بعض التفاصيل التي لا تزال مُبهمة وتحتاج لتوضيح.
وأضاف، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا: "ربما هناك بعض الشروط والطلبات الإضافية التي يحتاج إليها التعليم العالي لتفعيل تعديل الشهادات الصادرة عن جامعة حلب الحرة عبر موقعه الرسمي، وهو ما سنعرفه ونلبيه حين نزور أنقرة في الأيام القليلة المقبلة".
وحصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة رسمية من "ورقة اعتراف" بالجامعة صادرة عن مجلس التعليم العالي التركي.
وتابع: "لم يكن المجلس ليضيف جامعة حلب إلى قائمة الجامعات المُعتمدة في موقعه الرسمي لو أنه سيزيلها في اليوم التالي"، مؤكداً أن القرار اتُخذ بعد عشرات اللقاءات ودراسة طويلة لملفات الجامعة.
وبحسب برق فإن ما سمّاه "مراثون الاعتماد" بدأ منذ نحو 5 أعوام وليس وليد اللحظة، إذ إن الجامعة، ومنذ افتتاحها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في اعزاز، تسعى لنيل الاعتراف من مجلس التعليم العالي التركي: "حصلنا على كثير من الوعود خلال السنين السابقة وعقدنا عشرات الاجتماعات واللقاءات مع المجلس في أنقرة، إلى أن حصلنا على الاعتراف أخيراً".
وختم الدكتور حديثه بالتأكيد على أن التفاصيل ستتضح بشكل كامل عقب الزيارة لأنقرة "وحينئذ سنصدر بياناً توضيحياً شاملاً
علمنا بالاعتماد "مصادفة"
من جانبه كشف رئيس الجامعة الدكتور عبد العزيز الدغيم أن الإدارة علمت باعتماد الأخيرة "مصادفة" خلال تفاوضها مع إحدى الجامعات التركية لتوقيع بروتوكول تعاون مشترك بشأن الكليات الطبية.
وأضاف، في تصريح لتلفزيون سوريا: "كنا نعلم أن تركيا لم تعترف بجامعة حلب بعد، إلّا أن نائب رئيس الجامعة التي كنا بزيارتها دخل إلى النظام ليجد رسالة مُرسلة من المجلس تفيد باعتراف الأخير بالجامعة (..) كان الأمر مفاجئاً".
وأشار الدغيم إلى أن نائبه دخل إلى موقع المجلس الرسمي فوجد اسم جامعة حلب مدرجاً ضمن قائمة "الجامعات الدولية المعتمدة".
"معنى جديد للشهادة"
ورأى الدغيم أن الاعتراف هو نقلة نوعية في مسيرة الجامعة وفي مسيرة طلابها، معتبراً أنه أصبح هناك "معنى جديد للشهادة، أصبح لدى الخريجين خيار معادلتها والتدريس أو العمل خارج الحدود".
وأكّد أن الاعتماد الحالي يفيد فقط من ناحية تعديل الشهادات، ولا يفيد في مجالات "الانتقال أو التحويل الرأسي والأفقي بين الكليات أو من جامعة إلى أخرى (..) لكن رغم ذلك فهذا التطور يعتبر رائعاً بالنسبة لنا".
وفي سؤال حول "هل هناك أي مساع من قبل إدارة الجامعة لتحصيل اعتراف من دول عربية؟"، قال الدغيم: "للأسف الدول العربية تنتهج النهج الرسمي ولا تحيد عن ما يُسمى البعد القانوني والسياسي".
كيف يدخل الطلاب الحاصلون على القبولات الجامعية إلى تركيا؟
"ليس بالأمر السهل، الطالب بحاجة لموافقة من الوالي"، هكذا أجاب مدير معبر باب السلامة الحدودي قاسم قاسم على السؤال المذكور آنفاً.
وأضاف، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن الطريقة الوحيدة لدخول الطالب السوري من المناطق "المحررة" إلى تركيا، بعد حصوله على قبول جامعي، تقديم طلب إلى المكتب التعليمي التابع للمجلس المحلي في اعزاز.
وأشار إلى أن المكتب يرُسل الطلب إلى مكتب والي كلس، ومن هناك يأتي القبول أو الرفض.
هل سييسر اعتماد جامعة حلب دخول الطلاب إلى تركيا؟
من جانبه قال الدكتور برق رداً على هذا التساؤل إن "هذه النقطة هي ضمن اهتمامات إدارة الجامعة، سابقاً كان من الصعب جداً دخول الطلاب إلى تركيا لأن الجانب التركي من المعبر لا يعترف بالقبول الجامعي ويريد تصريحاً بالعبور".
وأضاف أن أمر تيسير دخول الطلاب الخريجين من جامعة حلب الحرة والحاصلين على قبولات من جامعات تركية "سيُطرح بكل تأكيد"، متوقعاً أن يعطي الاعتماد مرونة أكبر من ناحية تيسير دخول وإيفاد الطلاب للجامعات التركية.
ما فائدة الاعتماد؟
طالبة الدكتوراه ومسؤولة الطلاب الأجانب في جامعة إسطنبول سابقاً، ولّادة مشهور، قالت إن الطلاب سيستفيدون من اعتماد جامعة حلب الحرة لدى مجلس التعليم العالي التركي على قسمين، الأول هو أن خريجي الجامعة سيكون بإمكانهم معادلة شهاداتهم في تركيا، وبالتالي تصبح وثيقة معتمدة رسمياً لدى جميع الدوائر الحكومية.
والجانب الآخر هو الاعتراف بحد ذاته، بمعنى أنه سيُسمح لخريج البكلوريوس من جامعة حلب بالتقدّم لدراسة الماجستير والدكتوراه في أي جامعة تركية، والمطلوب فقط، بعد حصول الطالب على القبول، تقديمه ما تُسمى بـ "ورقة الاعتراف" التي تُستخرج من موقع المجلس الرسمي أو من تطبيق "الإي دولت".
وأشارت ولّادة إلى أن الطالب، وفي حال استطاع بدء دراساته العليا في إحدى الجامعات التركية، لن يتخرج ما لم يقدّم "ورقة الاعتراف"، مبينة أن أحد الطلاب السوريين واجه هذه المشكلة مسبقاً ولم يحصل على شهادة التخرج لعدم امتلاكه الورقة المذكورة.
وتأسست الجامعة عام 2015 وتتبع لمجلس التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، وينحصر عملها حالياً في كليات موزعة في شمالي حلب (اعزاز ومارع).
وبحسب الملف التعريفي، التحق بالجامعة قرابة 18200 طالب وطالبة، تخرج فيها 4230، ويدرس فيها خلال العام الدراسي الحالي 11751 موزعين على 16 كلية و7 معاهد، تضم 104 اختصاصات في مجالات متنوعة.