انطلق عملُ الاتحاد الرياضي في ريف حلب مع اليوم الأول من شهر شباط الماضي، في إطار دعم قطاع الرياضة والشباب، والعمل على تنظيمه، حيث عمِلت المكاتب الرياضية في المجالس المحلية - التي تشرف عليها ولاية كلّس التركية إدارياً - على تشكيل جسم يجمع الأندية الرياضية ويوحد أنشطتها في ريف حلب تحت مسمى الاتحاد الرياضي العام، الذي يضم جميع الأندية في مختلف الألعاب الرياضية التي يجري تنظيمها في المنطقة.
وسيعمل الاتحاد الرياضي على زيادة تنسيق العمل وتنفيذ الفعاليات بشكل منظم يُطوّر من أداء قطاع الرياضة في ريف حلب، مع العمل على تعافي القطاع الرياضي تدريجياً من التغييب والتهميش والعشوائية خلال السنوات السابقة.
ويبدو القطاع الرياضي مماثلاً للإدارات المحلية في مناطق درع الفرات بريف حلب، حيث يضم كل مجلس محلي يشرف على إدارة منطقة لا على التعيين، مكتباً رياضياً، يعمل هذا المكتب مع مجلس إدارة الرياضة وفقاً للمناطق التابعة للولايات التركية الجنوبية التي تشرف على إدارة مناطق درع الفرات وغصن الزيتون عبر ولاتها.
الأهداف والمهام
أجرى مجلس إدارة الرياضة في ولاية كلّس التركية اجتماعاً للمكاتب الرياضية في المجالس المحلية لخمس مناطق من ريف حلب الشمالي هي (اعزاز ومارع وأخترين وصوران والراعي)، التي تشرف على إدارتها ولاية كلّس، وتم توزيع اللجان التابعة للاتحاد وفقاً للمناطق المذكورة أعلاه لإدارة الأنشطة الرياضية في ريف حلب، (لجنة المراقبة ولجنة الانضباط ولجنة التحكيم ولجنة إدارة اتحاد كرة القدم ولجنة إدارة اتحاد كرة السلة، ولجنة إدارة اتحاد الرياضة المدرسية ولجنة إدارة اتحاد الشطرنج ولجنة اتحاد طاولة التنس).
مدير الرياضة والشباب في مدينة اعزاز، فارس دربالة قال لموقع تلفزيون سوريا: إنّ المكاتب الرياضية في المجالس المحلية بالتعاون مع مديرية الرياضة والشباب في كلّس التركية، عقدت اجتماعات مكثفة لوضع مخطط لتشكيلات الاتحاد والاتحادات الفرعية، التي تندرج وفقاً للألعاب التي تبناها الاتحاد.
وأضاف "وقع اقتراح أسماء الرياضيين بحسب الخبرات والمؤهلات الرياضية الموجودة لديهم ووفقاً للمناطق التي يشملها الاتحاد الرياضي، وسيعمل الاتحاد على تقديم التسهيلات للرياضيين والمستلزمات لكل نشاط رياضي مع تجهيز البنية التحتية (الملاعب) وفقاً لمتطلبات الرياضة".
الرياضات التي يشملها الاتحاد
عن الرياضات التي يشملها الاتحاد الرياضي أوضح "دربالة" أن الاتحاد يشمل "كرة القدم وكرة السلة وكرة الطاولة والتنس، وكرة الطائرة والشطرنج وألعاب القوى (تايكوندا وجمباز ورماية السهم)".
وتعمل مديرية الرياضة والشباب في اعزاز على تهيئة البنية التحتية بما يتناسب مع متطلبات الاتحاد الرياضي والأندية المنضوية تحته، لا سيما في تجهيز الملاعب والصالات الخاصة بالأنشطة الرياضية، وتقدم المجالس المحلية في كل منطقة الدعم المالي واللوجستي للمكاتب الرياضية بالتعاون مع مديرية الرياضة والشباب في كلّس.
مدير المكتب الرياضي في المجلس المحلي لمدينة مارع وعضو الاتحاد الرياضي، أحمد النجار، قال في حديث لموقع تلفزيون سوريا "يعد الاتحاد الرياضي تجمعاً رسمياً يقود ويوجّه ويُنظّم جميع أنواع الرياضات الموجودة في المنطقة ويعمل على تنمية الخبرات الرياضية الشبابية، وتوزيعها ضمن اتحادات خاصة بكل لعبة وفقاً للفئات العمرية، ضمن قوانين وأنظمة عادلة للجميع يحفظ حق اللاعب وحق الأندية الراعية لهم، وذلك لاكتشاف المواهب الموجودة وتنميتها وصقلها بالشكل المطلوب".
ويُشرف الاتحاد الرياضي على بطولة كرة القدم للرجال، إضافة إلى الأنشطة المدرسية كبطولة تنس الطاولة وبطولة كأس المعلمين لكرة القدم، وتتبنى الحكومة التركية البطولات وتدعمها لوجستياً، كما يسعى الاتحاد إلى تنمية المهارات الشبابية عبر تنظيم المسابقات الشعرية والرسم وتلاوة القرآن الكريم.
وأضاف "النجار" أنه "تم تأسيس الاتحاد الرياضي وفقاً للمكاتب الرياضية التي تعمل مع جميع الكوادر الرياضية الموجودة في المنطقة مثل اللاعبين القدماء وبعض المدربين والحكام أصحاب الخبرة الرياضية القديمة".
توسع النشاط الرياضي
ازدادت نسبة الاهتمام في القطاع الرياضي تزامناً مع تعافي المؤسسات الخدمية التابعة للمجالس المحلية في مناطق ريف حلب، كما سعت الجهات المحلية في تهيئة البيئة المناسبة لتوسعة النشاط الرياضي وفتح المجال أمام الشباب في تنمية مهاراتهم الرياضية.
التقى موقع تلفزيون سوريا بـ عمار الفرج، وهو مدرب رجال نادي مارع الرياضي (فريق محلي ينفذ نشاطات رياضية لفئات عمرية مختلفة) وقال "الفرج" خلال حديثه إنّ "النشاط الرياضي مختلف عن السنوات الماضية، وهو في تحسن مستمر بسبب توفر البنية التحتية الخاصة بالملاعب، لا سيما أن الأندية تسعى لتطوير مستوى لاعبيها رياضياً لأنهم الأساس في عملية تطوير الرياضة".
وأضاف "نُجري الآن تحضيرات لكرة القدم في بطولة كأس الشهداء لكرة القدم، بالتعاون مع الاتحاد الرياضي، ونسعى لنيل الكأس من خلال المواظبة على رفع اللياقة الرياضية لدى اللاعبين، لتقديم أفضل ما عندهم".
ويشمل نادي مارع الرياضي العديد من الألعاب، من أبرزها كرة القدم وكرة الطاولة وكمال الأجسام والشطرنج والسباحة، ويقسم النادي إلى أربع فئات عمرية، أشبال وناشئين وشباب ورجال، وكل فئة منهم تضم 25 لاعباً مع كادر إداري وتدريبي وطبي أيضاً.
وتندرج الأندية وفقاً لمراكز المدن الموجودة في ريف حلب، حيث تنقسم إلى دوري اعزاز، الذي يضم نوادي اعزاز ومارع وأخترين وصوران وتل رفعت والراعي ونادي الثورة، ودوري الباب الذي يضم أيضاً نوادي الباب وبزاعة وقباسين وجرابلس ونادي دوما، ودوري عفرين الذي يضم نوادي عفرين وحلب الأهلي والشام.
بدوره قال السيد محمود كوسا - مدرب في فريق النخبة لكرة السلة ومسؤول اتحاد كرة السلة في الاتحاد الرياضي بريف حلب - لموقع تلفزيون سوريا إنّ تجمع غالبية السوريين في الشمال السوري من مختلف المحافظات السورية ساهم إلى حد كبير في توسع لعبة كرة السلة لكنها لم تصل إلى المستوى المطلوب، مشيراً إلى تنفيذ عدة مباريات خلال الأشهر القليلة الماضية جمعت أندية من الباب وإدلب وغيرها.
وأضاف "يوجد في منطقة اعزاز نادي النخبة ونادي الثورة لكرة السلة فقط، في حين لا يوجد اهتمام بكرة السلة في باقي المناطق، مردفاً "نسعى بالتعاون مع الاتحاد الرياضي العام إلى توسيع رقعة أندية كرة السلة من خلال توظيف الخبرات الرياضية الممتازة في تقديم التدريبات اللازمة للاعبين".
وعن أنشطة اتحاد كرة السلة يوضح السيد محمود كوسا أنه بدأ العمل على تدريب وتجهيز فرق وفقاً للفئات العمرين من أشبال وناشئين وشباب بالتنسيق مع إدارة الاتحاد الرياضي بريف حلب، ورابطة كرة السلة في الشمال السوري.
تشتت الجهود يعرقل تطور القطاع الرياضي
ساهمت الحرب وعدم الاستقرار في الحد من تطور القطاع الرياضي في ريف حلب، لا سيما مع تغيرات السيطرة وحملات النزوح وانشغال الأهالي في تأمين الأساسيات المعيشية للبقاء على قيد الحياة وقد يبدو الاتحاد الرياضي حلاً ربما يساهم في خلق تطور رياضي مدعوم من جهة رسمية، خاصة أن غالبية التشكيلات الرياضية فشلت في تحقيق أهدافها مع غياب الدعم الدولي للبطولات الرياضية وبقاء عملها مقتصراً على الداخل السوري.
ويقول محمود كوسا إنّ مدن ريف حلب الشمالي لم تشهد اهتماماً مماثلاً في القطاع الرياضي، لأن السنوات الماضية كانت سيئة جداً على القطاع الرياضي، حيث كانت الجهود تضيع سدى دون تحقيق مرادها.
ويضيف "فعلياً السكان في ريف حلب حتى قبل انطلاق الثورة غير مهتمين أو مهمشون من الجانب الرياضي ربما للبيئة التي يعيشون فيها، حيث اقتصر العمل على القطاع الرياضي في مراكز المدن والمحافظات السورية".
ويشير مدير المكتب الرياضي أحمد نجار قائلاً "حاولنا منذ انطلاق الثورة السورية، تنظيم الأندية الرياضية في جسم رياضي موحد يكون نموذجاً وقدوة لباقي القطاعات، ولكن للأسف كانت الإمكانات بسيطة وضعيفة، بالإضافة إلى غياب الاستقرار عن المنطقة".
وتابع "ثقافة دعم الأنشطة الرياضية غائبة عن المجتمع غير المتقبل لها باعتبارها غير مفيدة، مما سبب عائقاً كبيراً في تطور القطاع الرياضي".
وعن المناطق التي يشملها الاتحاد ومدى عرقلتها لتطور القطاع الرياضي، يوضح "نجار" أن "تقسيم المناطق وتخصيصها وجعل كل منطقة ضمن اتحاد هو أمر خطير يعرقل الجهود في الوصول إلى كيان رياضي موحد في الداخل السوري".
يبدو أن القطاع الرياضي واجه تحديات أيضاً مثل باقي القطاعات التي فشلت في الوصول إلى جسم موحد يجمعها في أهداف موحدة، لكن الاهتمام في الآونة الأخيرة بالقطاع الرياضي وتبنيه من قبل تركيا قد يساهم نوعاً ما في خلق ظروف جيدة للتميز في الرياضة وتنمية خبرات الشباب، لكن يطمح القائمون على الاتحاد الرياضي بأن يجمعهم كيان رياضي موحد في جميع المناطق السورية المحررة.