تحدثت صحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية الاقتصادية عن تدفق الأليغارشية الروسية إلى إسرائيل، وخاصة اليهود منهم، مستفيدين من جنسيتهم الإسرائيلية وحصولهم على جوازات السفر الإسرائيلية، في الوقت الذي تمنع فيه دول الغرب دخولهم إلى أراضيها.
وقالت الصحيفة في تقرير مطول نشرته، أول أمس الجمعة، إن دخول الأوليغارشية اليهود أو ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية من شأنه أن يشكل فرصة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي.
والمقصود بالأوليغارشية الروسية، هي الطغمة الاقتصادية الفاحشة الثراء من رجال الأعمال وحيتان الاقتصاد الروسي المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طالتهم عقوبات الغرب على خلفية الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وجمدت أرصدتهم وأصولهم المالية وحظر التعامل معهم.
وبحسب التقرير، تزداد في ظل الظروف الراهنة أهمية الجواز السفر الإسرائيلي بالنسبة للأوليغارشية، مقارنة بجوازات السفر القبرصية والمالطية، التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي كانت حتى وقت قريب يفضلونها قبل العقوبات.
وحددت حسابات على موقع "تويتر" مهتمة بتعقب تحركات الطائرات الخاصة التابعة لرجال الأعمال الروس في هذه الأيام، وجود حركة متزايدة في الوجهات التي تسلكها طائرات المليارديريين الروس باتجاه إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وتركيا، وليس باتجاه أوروبا أو الولايات المتحدة التي أغلقت الأجواء في وجوههم.
وتعدّ حسابات السوشيال ميديا ومنها حسابات "تويتر"، إحدى المصادر المفتوحة التي باتت تكتسب أهمية استخبارية عالية ومصدراً لاستقصاء المعلومات السرية وبديلاً لغرف الاستخبارات الكلاسيكية.
إسرائيل ملاذ آمن للأموال "القذرة"
يستفيد قسم كبير من الأوليغارشية الروس باعتبارهم يهوداً أو متزوجين من يهوديات في إيجاد ملاذ آمن لحماية أموالهم واستثماراتهم في إسرائيل، لا سيما مع توفر البيئة القانونية التي لا تمنع احتضان اليهود ومنحهم الجنسية حتى وإن كانوا معاقبين دولياً.
وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، هذا الأسبوع أن إسرائيل لن تكون مكاناً يمكن من خلاله الالتفاف على العقوبات الدولية، فإن تل أبيب لم تنضم فعلياً إلى العقوبات الغربية ضد موسكو.
وكان الموقف الإسرائيلي شكلياً من الغزو الروسي لأوكرانيا خلافاً لدول الغرب التي شرعت في فرض العقوبات على موسكو ومد أوكرانيا بالسلاح وتضييق الخناق على بوتين.
ولا يوجد في إسرائيل، التي تعرّف نفسها بأنها دولة يهودية، قانون يحظر منح الجنسية لليهود الذين خضعوا لعقوبات دولية.
كما أن في القانون الإسرائيلي هناك، "قانون ميلتشين" لعام 2008، الذي يمنح إعفاءً من الإبلاغ عن الدخل لمدة عشر سنوات بعد الهجرة إلى إسرائيل.
كل هذه المعطيات القانونية والتشجيعية تمهد الطريق لوضع يمكن أن تصبح فيه إسرائيل دولة ملجأ لـ "الأموال القذرة التي تغذي حروب بوتين"، على حد تعبير نائبة وزيرة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند.
وقالت نولاند في مقابلة مع "القناة 12" الإسرائيلية الخاصة، قبل أيام، إن ثمانية من الأوليغارشية الروس ممن يملكون ثروات ضخمة، يمكنهم على الأقل من الناحية النظرية الاستفادة من كونهم يهوداً والبحث عن ملجأ لأنفسهم وأموالهم في إسرائيل، مشيرة إلى أن ستة منهم يملكون بالفعل جواز السفر الإسرائيلي.
وكانت صحيفة "ذا ماركر" نفسها، كشفت في تحقيق لها مطلع الشهر، عن تدخل الأوليغارشيين الروس، وخصوصاً ممن هم من أصول يهودية، بالسياسة في إسرائيل، وتمويلهم حملات انتخابية لوزراء إسرائيليين، إضافة إلى دورهم في نسج رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، علاقات مميزة مع بوتين.
الأوليغارشية اليهود
وذكر تقرير "ذا ماركر" أن هبوط طائرة خاصة لرجل الأعمال اليهودي الروسي، رومان أبراموفيتش، في إسرائيل مساء الأحد الماضي، سلط الضوء على إمكانية تحول إسرائيل إلى ملاذ آمن للأوليغارشية الروس.
ومنذ الحرب الروسية على أوكرانيا، أقرت تل أبيب بهبوط سبع طائرات خاصة لرجال أعمال روس، لم تكشف عن هوياتهم في مطار بن غوريون.
أبراموفيتش
تساءلت الصحيفة، هل يستغل أبراموفيتش جنسيته الإسرائيلية للتهرب من العقوبات المفروضة عليه في عدد من دول العالم؟ وخاصة في بريطانيا التي تمنعه من دخول أراضيها أو عقد صفقات فيها رغم أنه يملك أسهماً في فريق "تشيلسي" لكرة القدم.
وتقدر ثروة أبراموفيتش بـ 17 مليار دولار أميركي.
وقالت الصحيفة إن أبراموفيتش (55 سنة) هبط في إسرائيل بحرية، بطائرة خاصة مسجلة في لوكسمبورغ، ويواصل استثمار أمواله في إسرائيل ويحظى بتكريم الملوك، لا سيما بعد تبرعه بمبالغ ضخمة، في شباط/فبراير الماضي، لمتحف "ياد فاشيم" المخصص لتخليد ذكرى المحرقة اليهودية "الهولوكوست"، إضافة إلى تبرعات أخرى قدمها لمؤسسات يهودية بلغت مئات ملايين الدولارات.
وكانت الخزانة الأميركية فرضت عقوبات مبكرة في 2018 على ما يسمى بـ "قائمة بوتين"، بعد الاشتباه بتدخل روسي في الانتخابات الأميركية في 2016.
وبحسب "ذا ماركر" فإن 20 اسماً من "قائمة بوتين"، والمعروفة حالياً بالأوليغارشية الروسية، هم رجال أعمال روس يهود وبعضهم يحملون جوازات سفر إسرائيلية.
ويكلسلبرغ
ومن المليارديريين اليهود الروس، ممن ظهر اسمه في تلك القائمة، فيكتور ويكلسلبرغ، المستثمر في شركة "البعد الخامس" التي ترأسها في وقت من الأوقات وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي، بيني غانتس، كما أن ويكلسلبرغ يخضع حالياً للعقوبات الغربية.
ميلنر
ومنهم أيضاً، رجل الأعمال اليهودي، يوري ميلنر، الذي يحمل جواز سفر إسرائيلياً، كان اسمه في القائمة المعاقبة أميركياً في 2018، إلا أن اسمه لم يدرج في العقوبات الحالية.
وبحسب التقرير، فإن ميلنر ليس من الأوليغارشية الكلاسيكية، أي ليس مجردَ رجلِ أعمال تقليدي؛ لأن معظم استثماراته تصبّ في التكنولوجيا الفائقة الدقة "الهايتك"، وهو مالك لشركة الاستثمار "DTS"، التي استثمرت سابقاً في "Facebook" وما زالت تستثمر في الشركات العالمية الكبيرة والمشهورة.
كانتور.. ملك الأسمدة عالمياً
ومن أبرز الأوليغارشية الروس رجل الأعمال اليهودي، موشيه كانتور (68 سنة)، مالك شركة أكرون (Akron) العملاقة، إحدى أكبر شركات تصنيع الأسمدة في العالم، وتقدر ثروته بـ 6.6 مليارات دولار.
كانتور، حاصل على درجة الدكتوراه في أنظمة التحكم الآلي للطائرات، يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويعد أحد أهم المتبرعين للمؤسسات اليهودية.
لم يظهر اسم كانتور في العقوبات الغربية الحالية، وينفي علاقته بالرئيس الروسي على عكس ما هو معروف بأنه مقرب من بوتين، ولكن اسمه كان من ضمن قائمة 2018.
يملك كانتور قصراً فاخراً في مدينة هرتسليا شمالي تل أبيب، إلا أن نشاطه الاقتصادي في إسرائيل غير واضح، فشركة "آكرون" هي منافس عالمي للشركات الإسرائيلية في مجال الأسمدة.
الشريكان فريدمان وخان.. صاحبا أكبر بنك في ورسيا
ميخائيل فريدمان (57 سنة) رجل أعمال يهودي روسي، من أصول تعود إلى مدينة لفيف غربي أوكرانيا، مؤسس "ألفا بنك" (Alpha Bank)، أكبر بنك في روسيا وثاني أكبر بنك خاص في أوكرانيا.
جيرمان خان (60 سنة) شريك فريدمان، رجل أعمال روسي، من أصول يهودية من مدينة كييف العاصمة الأوكرانية، التقى مصادفة مع فريدمان في عام 1990 وأسسا مجموعة "ألفا" التي تحولت إلى أكبر البنوك الخاصة في روسيا.
يعدّ فريدمان وخان مقربين من بوتين، وقبل أسبوعين، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على فريدمان. الذي رفض إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، بحجة أن تصريحاته يمكن أن تضر عماله في روسيا، وبعد ذلك بأسبوع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة على شريكه خان.
وتقدر ثروة فريدمان بـ 15 مليار دولار، في حين ثروة خان تقدر بـ 10 مليارات دولار.
وبحسب تقرير "ذا ماركر" فإن استثمارات فريدمان وخان محدودة في السوق الإسرائيلي، إلا أنهما من أبرز المتبرعين لمؤسسة "جينيسيس"، التي تهتم بتعزيز الهوية اليهودية، ويشار إلى أن المؤسسة تبرعت بـ 10 ملايين دولار للجاليات اليهودية في أوكرانيا.
كما استثمر فريدمان وخان 100 مليون دولار في الصندوق الإسرائيلي، الذي يمنح سنوياً جائزة قدرها مليون دولار، تُعرف باسم "نوبل اليهودي".
الإخوة روتنبرغ
أركادي رومانوفيتش روتنبرغ (70 سنة)، وشقيقه بوريس (65 سنة)، يملكان مجموعة "SGM"، أكبر شركة إنشاءات لأنابيب الغاز وخطوط إمداد الطاقة الكهربائية في روسيا، كما أنهما يملكان مطار شيريميتيفو في موسكو.
يمتلك الشقيقان اليهوديان من عائلة روتنبرغ سلسلة محطات وقود في روسيا، وأصبحا من الأغنياء الذين جمعوا المليارات في عهد بوتين، ومن أبرز العقود الاستثمارية مشاريع لبناء البنية التحتية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 في سوتشي، حيث حصلوا على 7 مليارات دولار في العقود من الحكومة.
وتقدر ثروة كل منهما بـ 4 مليارات دولار.
ويعدّ الإخوة روتنبرغ عملاقَي البنية التحتية في روسيا، من أصدقاء الطفولة لبوتين، ومارسوا لعبة الجودو معاً.
في عام 2014 بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الاثنين، ومع بدء الغزو الروسي الحالي لأوكرانيا مددت هذه العقوبات، وانضمت بريطانيا أيضاً إلى هذه العقوبات، في حين فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد أركادي فقط لأن شقيقه مواطن فنلندي.
وبحسب تقرير "ذا ماركر" فإن الأخوين روتنبرغ لا يملكان استثمارات في إسرائيل، كما لا توجد تقارير عن تبرعات لهما لمؤسسات يهودية فيها.
عثمانوف
عليشر عثمانوف (68 سنة)، ملياردير روسي ولد في أوزبكستان، زوجته يهودية، وهو المالك المسيطر لأكبر عملاق للتعدين والمعادن في روسيا، مجموعة "Metalinvest"، والتي تسيطر على شركة "ميغافون" ثاني أكبر شركة خلوية في روسيا.
ويملك عثمانوف، المقرب من بوتين، شركة الإعلام الروسية الكبيرة "كوميرسانت"، وتقدر ثروته بـ 18 مليار دولار، وكان مستثمراً سابقاً في "Facebook" التي درّت الملايين على خزانته، ولديه أسهم في "Twitter" و "Airbnb"، وسابقاً كان أحد مالكي فريق كرة القدم الإنجليزي أرسنال.
في مطلع هذا الشهر، فرضت الدول الغربية عقوبات على عثمانوف وصادرت يخته الضخم، الذي تبلغ قيمته 600 مليون دولار، في ميناء هامبورغ بألمانيا.
زوجة عثمانوف مدربة الجمباز العالمية، إيرينا وينر، وهي يهودية الأمر الذي يسمح لعثمانوف بالهجرة إلى إسرائيل بموجب قانون العودة العنصري الذي يسمح لليهود من دون غيرهم من الفلسطينيين.
فولوز
على عكس معظم الأوليغارشية، لم يجن الملياردير الروسي، أركادي فولوز (57 سنة)، ثروته البالغة 2.3 مليار دولار من خصخصة الأصول الحكومية أو الموارد الطبيعية، وإنما أسس شركة التكنولوجيا "Yandex" في عام 1997، المعروفة باسم "Russian Google".
فولوز هو أحد رجال الأعمال الروس، الذي ظهر اسمه في "قائمة بوتين" الأميركية في عام 2018، لكن حتى الآن لم يتم فرض أي عقوبات عليه أو على شركته، إلا أن الاتحاد الأوروبي قرر هذا الأسبوع فرض عقوبات على عضو بارز في الشركة، يدعى تيغران هودبارديان، الذي استقال من الشركة نتيجة لذلك.
يملك فولوز مصالح الاقتصادية في إسرائيل، حيث تقوم شركة "Yandex" بتشغيل تطبيق "Yango" لسيارات الأجرة وخدمة البريد السريع في إسرائيل، التي توظف مئات العمال.
على الرغم من أن فولوز متزوج من إسرائيلية ولديه ثلاثة أطفال، ويقسم وقته بين تل أبيب وموسكو، فإن تبعيّته للمؤسسات اليهودية غير معروفة.
في الوقت الذي يعيش فيه معظم الأوليغارشية في العالم، لا سيما في لندن وموسكو، فقد قرر بعضهم منذ فترة طويلة تثبيت وجودهم في إسرائيل، بغض النظر عن العقوبات. من أبرز هؤلاء، فلاديمير دوبوف ومايكل برودنو، من مجموعة "يوكوس - ليونيد نيفزلين" (التي تملك 25٪ من مجموعة هآرتس)، جاءا إلى إسرائيل في العقد الأول من الألفية، بعد أن اضطهد فلاديمير بوتين المجموعة التي كانت تسيطر على شركة النفط الكبيرة "يوكوس".
ومن الأوليغارشية الروسية الذين وصلوا إلى إسرائيل أيضاً، ليونيد نيفزلين (في مدينة هرتسليا)، وتشارك الثلاثة في استثمارات في مصانع البتروكيماويات في إسرائيل وأنشؤوا صندوقاً خيرياً سمّي باسمهم، صندوق "ندافط، لا يدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.
ومايكل تشيرنوي، أحد مساعدي وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وهو أوليغارشي آخر عاش في إسرائيل لسنوات عديدة، أنشأ ثروته في روسيا في التسعينيات من تجارة الألمنيوم والفحم، وفي عام 2004 هاجر إلى إسرائيل.
ومن الأسماء أيضاً، مايكل ميريلشفيلي، أوليغارشي آخر يعيش في إسرائيل، لديه عقارات في سانت بطرسبرغ، ويعيش في هرتسليا، وابنه هو الملياردير يتسحاق الذي يملك القناة 14 الإسرائيلية.