قام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش باختيار الجنرال النيجيري فرايداي لترأس وقيادة التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة بشأن الهجمات التي استهدفت المشافي وغيرها من المواقع المدنية في آخر معقل للمعارضة السورية شمال غرب البلاد وسط احتجاجات بسبب قرار التكتم على نتائج تلك التحقيقات.
وقد أعلن ستيفان دوغريك المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة بأن هيئة تحقيق مؤلفة من ثلاثة أعضاء ستبدأ عملها في الثلاثين من شهر أيلول الحالي وسيترأسها الفريق تشيكاديبيا أوبياكور وتضم جانيت ليم من سنغافورة وماريا سانتوز من البرتغال.
وأكد دوغريك أن الهيئة ستقوم فقط بالتأكد من حقيقة الهجمات دون أن تلقي باللوم على أي جهة، وذكر بأن نتائجها "ستحفظ في وثائق داخلية ويمنع نشرها للعامة".
وأعلن غوتيرش عن خطته لتشكيل هذه الهيئة في مطلع شهر آب عقب سلسلة من الهجمات التي استهدفت المشافي والمدارس وغيرها من المرافق المدنية في إدلب ومنطقة خفض التصعيد الواقعة في القسم الشمالي الغربي من سوريا.
وشنت قوات النظام حملة عسكرية على محافظة إدلب في 26 من شهر نيسان الماضي، ثم اشتدت تلك الحملة فأجبرت مئات الآلاف من السكان على الهروب، بالرغم من أن معظمهم قد نزحوا من مناطقهم قبل ذلك.
ومنذ أسبوعين ذكر مارك لوكوك مسؤول الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة بأن أكثر من 500 مدني لقوا حتفهم إلى جانب المئات الذين أصيبوا بجروح منذ بدء تلك الحملة العسكرية. كما ذكر بأن وكالات الصحة والطفولة التابعة للأمم المتحدة أفادت بتعرض 43 مرفقاً صحياً و87 مقراً تعليمياً و29 محطة مياه وحتى الأسواق لأضرار بسبب القتال الدائر حينها.
وأورد غوتيرش بأنه بدأ بتشكيل هيئة التحقيق بعد تلك الادعاءات التي وردته، خاصة تلك التي أدلت بها مجموعات حقوقية وإنسانية حول استهداف المرافق المدنية بالرغم من تزويد قوات النظام وروسيا بإحداثياتها.
بيد أن روسيا زعمت بأن هذه الاتهامات هي محض كذب، كما دحض النظام هذه الادعاءات وذكر بأن العديد من المرافق التي تم استهدافها تسيطر عليها مجموعات "إرهابية" وبأنها لم تعد تستخدم كمرافق طبية بتاتاً.
وذكر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي أمام الصحفيين بأنه اندهش عندما عرف ببيان غوتيرش الذي صدر في مطلع شهر آب وبقرار الأمين العام حول التحقيق في تلك المزاعم، وأفاد بأن الهدف في الغالب هو توجيه اللوم للنظام وروسيا بسبب أمور لم يقترفها أي منهما على حد تعبيره.
وأفادت بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة بأن السفير فاسيلي نيبينزيا سيعقد مؤتمراً صحفياً يوم الإثنين "حول تقارير تتعلق بالهجمات المزعومة على مرافق الرعاية الصحية في شمال غرب سوريا".
كما أورد دوغريك المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة بأنه تم إبلاغ الأطراف المعنية وهي سوريا وروسيا وتركيا بأن هيئة التحقيق ستباشر عملها قريباً.
وذكر بأن غوتيرش يحث كل الأطراف المعنية على التعاون الكامل مع هذه الهيئة، وأضاف "إننا نأمل أن تتمكن هذه الهيئة من الوصول إلى المواقع التي وقعت فيها تلك الحوادث".
وأشار دوغريك بأن الهيئة ستحصل على دعم ومساعدة من قبل خبيرين وهما اللواء فرناندو أوردونيز من البيرو وبيير ريتير من سويسرا وهو مسؤول سابق لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقد ذكر ديفيد ميليباند وهو رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ومديرها التنفيذي أمام الصحفيين يوم الجمعة الماضي بأنه "من الضروري نشر نتائج التحقيق للعموم، حتى تأخذ العدالة مجراها في المقام الأول، ولكي يتبين أيضاً للمقاتلين في سوريا وغيرها من أنهم سيتعرضون للمساءلة عما ارتكبوه من أعمال"، وأضاف "إن الخوف الأكبر من عدم نشر التقرير يتمثل في عدم الإعلان عن الحقائق، وفي تلك الحالة لا يمكن للمساءلة أن تتم".
أما لويس تشاربونو وهو مدير منظمة هيومن رايتس ووتش التابعة للأمم المتحدة فقد ذكر بأن هيئة التحقيق "يجب أن تقوم بعملها بسرعة وذلك ليتم نسب تلك الهجمات التي استهدفت المرافق الطبية وغيرها من المواقع الإنسانية في سوريا للقوات التي قامت بارتكابها".
وأضاف "يجب على الأمين العام أن ينشر نتائج التحقيق للعلن، إذ يجب على الأمم المتحدة أن تذكر روسيا وسوريا وغيرهما من الأطراف المنخرطة في الصراع بأن استهداف المرافق الإنسانية يمثل جريمة حرب ولابد من محاسبة المسؤولين عنها".