بدأ نظام الأمبيرات بغزو شوارع العاصمة السورية دمشق، بعد إعلان محافظة دمشق عن منح الموافقات والتصاريح المطلوبة لتركيب المولدات الضخمة، في حين نفت "وزارة الكهرباء" منحها أي ترخيص للمولدات مشيرة إلى أن عملها لا يخرج عن نطاق تقديم الكهرباء عبر الشبكة الرسمية.
ما هو نظام الأمبيرات؟
الأمبيرات هو مصطلح شاع استخدامه في سوريا مع بداية التقنين الكهربائي واعتماد كثير من السكان على مولدات الكهرباء العاملة على المحروقات، فكانت فكرة "الأمبير" هي تركيب مولدة كهرباء مشتركة لعدد من المنازل أو المحال التجارية على أن يمنح كل مشترك خطاً (كابل كهربائي خاص) يصل الشبكة الداخلية بالكهرباء مع المولدة على أن ينتهي الخط بقاطع كهربائي محدد مدى تحمّله للأمبيرات المستهلكة كمعيار لحساب الإجهاد في المولدة، وفي حال تجاوز السحب الأمبيرات المخصصة في القاطع الكهربائي فإن السحب سيتوقف بشكل أوتوماتيكي.
وكمثال: الحصول على اشتراك كهربائي بـ 3 أمبير لا يخوّل صاحبه تشغيل الثلاجة في المنزل التي تستهلك أكثر من 10 أمبير لتعمل وعند محاولة ربط الثلاجة على الاشتراك يقوم القاطع الكهربائي بفصل التيار بشكل أتوماتيكي بسبب السحب الكبير.
وحديثاً، بات المستثمرون يعتمدون في حساب الاستهلاك على تركيب عدادات إلكترونية ويتم حساب الاستهلاك بالكيلو واط الواحد.
قوننة الأمبيرات
ورغم انتشار نظام الأمبيرات منذ سنوات في عدد من المدن السورية للتغطية على انقطاع الكهرباء المستمر، فإن حكومة النظام كانت تتغاضى سابقا عن تنظيم هذا القطاع، مهملة انتشار المولدات الضخمة في الأماكن العامة على الأرصفة وفي الساحات وما تسببه من ضرر للسكان وتلوث للبيئة.
لكن تصريحات رسمية بدأت تطفو على السطح معلنة اقتراب قوننة وتنظيم عمل مولدات الأمبيرات في العاصمة دمشق على غرار المتبع في حلب، إذ صرّح عضو مجلس محافظة دمشق سمير دكاك، الأسبوع الماضي، عن بدء العمل على منح تراخيص نظام الأمبيرات لتوزيع الكهرباء في عدد من أسواق العاصمة السورية بداية من الشعلان والحمراء والصالحية.
تبع ذلك حديث عن تراخيص أخرى منحت لمشغلي المولدات "الأمبيرات" في عدد من أحياء العاصمة دمشق، على لسان مدير الأملاك العامة في محافظة دمشق حسام سفور الذي أكد قبول طلب مستثمر لتشغيل مولدات في أحياء التضامن والزاهرة ومخيم اليرموك.
وقال سفور في تصريح لإذاعة شام المقربة من النظام إنّ المحافظة وافقت على طلب المستثمر بشكل "استثنائي" لتغذية المنازل متذرعاً بأن الأحياء المذكورة تعاني من نقص في المحولات الكهربائية وأعطال في الشبكة العامة.
سيطرة على نظام الأمبيرات
وتسعى محافظة دمشق، من خلال منح التراخيص لمستثمرين محددين، إلى السيطرة على هذا القطاع الذي يدر مبالغ طائلة في ظل اضطرار أصحاب المحال التجارية والسكان إلى الاعتماد عليه بشكل كامل مع غياب الكهرباء عن المدن وازدياد فترات التقنين بشكل كبير وخاصة في الشهور الأخيرة.
في حين كانت المبررات لمنح التراخيص هي الحد من إزعاجات المولدات الصغيرة وإزالتها من الأرصفة والأسواق حيث شرعت محافظة دمشق فعلاً بإزالة المولدات الموجودة في حديقة السبكي وسط دمشق وغيرها من الأماكن.
وتبع ذلك حملة كبيرة على أصحاب البسطات الذين يفترشون عادة الأرصفة وأطراف الساحات والشوارع الرئيسية في دمشق، إذ صودرت جميع البسطات مع البضائع المعروضة عليها ومُنع إشغال الأرصفة بشكل نهائي بعد أن كانت البسطات هي المشهد السائد في أسواق العاصمة والشوارع الرئيسية، وهي خطوة في طريق تفريغ الأماكن العامة من الشاغلين وتحضيرها لتركيب المولدات الضخمة في الشوارع والأرصفة التي كان تشغلها البسطات سابقا.
من جانبه، يرى الصحفي السوري نضال معلوف أن منح محافظة دمشق موافقات لمستثمرين لاعتماد نظام الأمبيرات في دمشق هو إعلان عن تخلي الدولة عن تقديم خدمة الكهرباء والتي تعتبر من الخدمات الأساسية.
ويقول معلوف في تسجيل مصور على يوتيوب إنّ الإجراء الأخير لحكومة النظام والسماح ببيع الكهرباء من المولدات (الأمبيرات) هو نقل لقطاع الكهرباء من خدمة يفترض أن تقدمها الدولة عبر وزارة الكهرباء إلى اقتصاد الظل ودفع المواطن لشراء الكهرباء من المتحكمين بتلك المولدات، إضافة إلى أنّ المولدات (الأمبيرات) سيتحكم فيها شخصيات متنفذة ومقربة من النظام السوري استناداً إلى رخص تختلف تبعاً للمنطقة التي يتم توزيع الكهرباء فيها.
مؤسسة الكهرباء تخلي مسؤوليتها
أما وزارة الكهرباء في حكومة النظام فقد نفى عدد من المسؤولين فيها منح تصريحات تتعلق بالمولدات حيث أشار مدير دعم صندوق الطاقات المتجددة في "وزارة الكهرباء" زهير مخلوف، أن الوزارة لم تمنح أي موافقة على إدراج تجربة الأمبيرات في محافظة دمشق.
لكن مخلوف اعترف في تصريحاته لصحيفة الوطن المقربة من النظام أنّ واقع تركيب مولدات الأمبيرات فرض نتيجة الحاجة إلى الكهرباء، وأن مولدات الأمبيرات ستظهر في عدد من مناطق العاصمة.
وتواصلت التصريحات من "وزارة الكهرباء" الرافضة لمنح أي تراخيص متعلقة بالأمبيرات ففي تصريح آخر لمصدر خاص من الوزارة لموقع "غلوبال" الاقتصادي والذي قال إن "الوزارة ليس لها علاقة بنظام الأمبيرات ولم ولن تعطي تراخيص لأحد، فالوزارة لديها كهرباء وتعطي كهرباء فقط وإن الوزارة لن تسمح باستخدام شبكاتها في تشغيل الأمبيرات".
وعلى النقيض، لفت مصدر في "إدارة الجمارك" لموقع "صوت العاصمة" إلى أنّ وزارة الكهرباء تعاونت مع تجار مقربين من النظام وبدعم من الفرقة الرابعة لتسهيل استيراد المولدات الضخمة مستحوذة على نسبة ضئيلة من الأرباح المتوقعة للمشروع، على أن يتم السماح للتجار باستخدام آليات الوزارة والشبكة الكهربائية العامة لتوزيع الكهرباء من المولدات في خطوة تتشابه مع ما حصل بمشروع المولدات في حلب وربطه على شبكة الكهرباء العامة للمدينة.
استنزاف للقطع الأجنبي
وعند الحديث عن السماح للمستثمرين باستيراد المولدات الصناعية الضخمة وما يترتب عليه من مدفوعات ضخمة بالنقد الأجنبي على الاستيراد ولاحقاً على قطع التبديل والصيانة في وقت تحد فيه حكومة النظام الاستيراد من الخارج إلى الحد توفيرا للقطع الأجنبي، يتبادر السؤال عن ماهية الاتفاق المبرم بين المستثمرين والجهات التي منحت التراخيص وكيف منحت وزارة الاقتصاد رخص الاستيراد من دون موافقة من "وزارة الكهرباء".
الجدير بالذكر أن مصادر إعلامية كانت تحدثت في وقت سابق عن سيطرة لتجار مدعومين من قبل "الفرقة الرابعة" على تجارة الأمبيرات في عدد من أسواق دمشق استعدادا لتطبيق التجربة في المناطق السكنية.
وأكدت المصادر أن الفرقة الرابعة تتحكم بالتجار المدعومين من قبلها للدخول في تجارة الأمبيرات عن طريق دعمهم ورفدهم بالتسهيلات من مكتب أمن الفرقة الرابعة وفرع 40 المسؤول عن منطقة في دمشق تقع ضمنها أهم أسواق المدينة.
كما ذكرت أن وزارة الكهرباء في حكومة النظام ألغت منذ بداية العام ما يعرف بالخطوط الذهبية في خطوة اعتبرات تحضيراً لدخول المولدات الضخمة إلى دمشق.
ما كلفة الاشتراك بالأمبيرات؟
يدفع الراغبون في الاشتراك بمولدات الأمبيرات، بحسب الأسعار المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، مبلغاً مقطوعاً للاشتراك بالخدمة يصل إلى 100 ألف ليرة سورية يضاف إليها ثمن الوصلات اللازمة لنقل التيار (كبل +قاطع)، وتختلف التعرفة الشهرية تبعاً لنمط الاشتراك، فمثلاً قد يصل ثمن استهلاك الكيلو واط الواحد إلى 5 آلاف ليرة (أكثر من 0.5 دولار أميركي).