تنتشر في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بمحافظة دير الزور أعداد كبيرة من الألغام المدفونة، التي تراكمت نتيجة المعارك التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، حيث تؤدي إلى إصابات جسدية بالغة بين السكان.
الأهالي في مناطق انتشار الألغام والأجسام الغريبة، يطالبون باستمرار كلاً من التحالف الدولي و"قسد"، بنزع مخلفات الحرب ليحموا أطفالهم وأرزاقهم، إلا أن "قسد" لم تولِ أي اهتمام لهذه الشكاوى، بحجة أن الأرض ما زالت حديثة العهد بـ "التحرير"، وأن فرق الهندسة ليست مؤهلة للعمل بعد، خاصة في ظل انتشار خلايا تنظيم "الدولة" في المنطقة.
أكثر من 1300 شخص فقدوا أطرافهم
مصادر خاصة من فريق الهندسة العسكرية في "قسد"، قالت لموقع تلفزيون سوريا، إنها وثقت أكثر من 1300 حالة لأشخاص فقدوا أطرافهم السفلية أو العلوية جراء الألغام شمالي وشرقي دير الزور، بالإضافة لوفاة أكثر من 91 شخصاً، ما بين طفل وامرأة ورجل.
وعلى مبدأ "مصائب قوم عند قوم فوائد" ظهرت مجموعات من عناصر "قسد" و"وحدات حماية الشعب" الكردية، ممن تدربوا على تفكيك الألغام والجسيمات المجهولة ضمن دورات عسكرية، ليعملوا على تفكيك بعض هذه المخلفات ولكن بمقابل مادي، يتراوح ما بين 20 إلى 50 دولارا أميركيا، مقابل اللغم أو الجسيم تبعاً لحجمه وخطورته، على غرار ما حدث في الرقة بداية سيطرة "قسد".
حج حسين الحمود (أبو سلطان)، أحد سكان بلدة الباغوز شرق دير الزور، ذكر لموقع تلفزيون سوريا، أنه دفع ثمن انتزاع 7 ألغام وسترتين ناسفتين تم تفكيكهم من مزرعته، 25 دولارا لكل لغم و 10 دولارات للسترة الناسفة، وذلك خلال شهر أيلول الفائت، حيث تقاضى هذا المبلغ المدعو "هافال علي زينو" (أبو ريفال)، مع عدد من زملائه، وهم عناصر في صفوف "قسد" اختصوا بهذا العمل بمقابل مادي.
أما بالنسبة لـ نسرين داود (أم ورد)، (28 عاماً)، وهي أرملة ولديها طفل دون الـ11 من العمر، وتقطن بلدة الباغوز إلى جانب أهلها. أكدت أن تاريخ 13 من شهر تموز الفائت، لن يمحى من ذاكرتها أبداً، ففي حين عودتها برفقة شقيقتها من مشفى هجين، فجعت بوفاة زوجها وطفلها (10 أعوام)، إثر انفجار لغم أرضي بهما أثناء وجودهما في الأرض، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من التعرف إليهم، لولا ما تبقى من ثيابهم.
نورالدين الفوزي (37 عاماً)، وهو أب لـ5 أطفال، ذكر لموقع تلفزيون سوريا، أنه أصبح عالة بعد أن كان معيلاً، حيث انفجر به لغم أرضي أثناء عودته على متن دراجته إلى منزله القاطن في قرية الكشكية شرقي دير الزور، ليفقد بعدها رجليه.
يكمل نور حديثه أن ألمه ليس فقط على ما حل به، بل على 3 فتيات وولدين حرموا من أب معيل، مشيراً إلى أنه يحمل مسؤولية ما حصل معه إلى "قسد" والتحالف الدولي، متسائلاً عن سبب عدم إرسالهم لفرق خاصة لتنظيف المنطقة من هذه المخلفات، خاصة أنهم يعملون في هذه المناطق والتي تكثر بها الألغام والقنابل.
كما حمل الفوزي المسؤولية أيضاً للمنظمات الإنسانية قائلاً "يلتقطون صورا معبرة ومحزنة، كمصدر تغذية لجيوبهم غير مكترثين لمستقبل ضحايا المخلفات"، وختم حديثه بـ"أنقذوا من تبقى منا".
الأمم المتحدة تعبر عن قلقها
انتشار مخلفات الحرب ظاهرة يعاني منها كثير من المناطق السورية وخاصة دير الزور.
وكانت منظمة الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها في شهر تموز من العام الفائت، حيث ذكرت أن الألغام لا تزال تشكل مصدر قلق كبير في سوريا، خاصة أن هناك أكثر من 10 ملايين شخص يعيشون في مناطق مزروعة بالألغام.
وأشارت المنظمة إلى أن جهود إزالة الألغام لا تزال قليلة، داعية أطراف النزاع السوري إلى السماح بإزالة مخلفات الحرب والقيام بأنشطة توعوية لمخاطر الألغام.
اقرأ أيضاً: مقتل مدنيين بحقل ألغام بعد عبورهم من نبل إلى عفرين