في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها المجتمع السوري في الداخل، وحالة البطالة التي تسيطر على فئة الشباب وقلة فرص العمل، يبحث البعض عن حلول بديلة وغير مكلفة لكسب قوت يومهم، ليجد البعض في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت والألعاب الإلكترونية فرصة للعمل والربح رغم المصاعب والمشكلات التقنية التي تلاقيهم.
ولأن الواقع السوري المادي والتقني لا يساعد على مواكبة الأساليب الرائجة للكسب عن طريق الإنترنت، مثل إنشاء محتوى "يوتيوب"، أو العمل عن طريق موقع "أمازون"، أو استغلال ميزة البث المباشر كما يفعل اللاعبون المحترفون، أو الاشتراك في مسابقات الألعاب الدولية، فإنهم يلجؤون إلى أساليب أبسط وأقل كلفة وإن كانت مؤقتة وأقل من ناحية المردود المادي.
تطبيقات تواصل
ومنذ سنتين على الأقل، يعمل ربيع، 26 عاماً، على إنشاء حسابات في تطبيق الدردشة الصوتية "Yalla" وجمع نقاطا يتم توزيعها داخل التطبيق مع كل تسجيل دخول يومي.
ويسعى ربيع من خلال هذه العملية إلى جمع آلاف النقاط ثم بيعها عبر الإنترنت لرواد التطبيق ومشتركيه، بالاشتراك مع عدد من أصدقائه، منهم سالم، 24 عاماً، الذي تحدث عن هذا العمل قائلاً لموقع "تلفزيون سوريا": "بحثت عن عمل دون جدوى، الفرص قليلة جدا، وفي أثناء تصفح الإنترنت، شاهدت إعلاناً عن بيع نقاط لتطبيق الدردشة، فأثارني الموضوع وبدأت بالسؤال عنه لعدة أسابيع عبر مجموعات الـ "فيس بوك" المهتمة، ثم بدأت بالعمل على إنشاء حسابات عديدة لجمع النقاط الممنوحة مقابل تسجيل الدخول اليومي إليها، لأبيع هذه النقاط وفيما بعد لمن يطلب".
وأضاف سالم "قد بدأت بالفعل في تحقيق دخل جيد من هذا العمل يتراوح بين 150 و200 ألف ليرة سورية شهرياً، وفي بعض الأشهر حققت أكثر من 300 ألف، حيث أعمل يوميا نحو 5 ساعات، ولأجل هذا الغرض اشتريت عدة موبايلات جديدة".
ألعاب إلكترونية
وعند سؤالنا إن كان ثمة خيارات أخرى تتعلق بهذا النوع من العمل أجابنا "علاء" طالب جامعي، قائلا: "تُعد الألعاب الإلكترونية خياراً أفضل، فهي تحقق المتعة إلى حد ما، كما أنها أكثر سلاسة واستمرارية ولكن الظروف في سوريا مثل ضعف شبكة النت، وغلاء أسعار أجهزة الكمبيوتر، لا تساعد على تحقيق أكبر استفادة منها".
ومن أبرز الألعاب، لعبة "الفاتحون" وهي لعبة للهواتف المحمولة، (حربية استراتيجية)، ذات نمط عربي، حسام، من ريف حمص، تحدث عن تجربته مع هذه اللعبة: "في البداية كنت ألعب هذه اللعبة كهاوٍ، لكن صديقاً خارج سوريا لفت انتباهي إلى إمكانية الاستفادة منها، وبالفعل قمت بسؤال الهواة واللاعبين عن الأمر، واكتشفت أن العديد من اللاعبين يدفعون أموالا مقابل شراء نقاط رصيد من لاعبين آخرين، مثل (الياقوت والأخشاب والأسلحة وغيرها).
و"بدأت بالتواصل مع هؤلاء، وتعرفت إلى شخص يدفع بسخاء مقابل هذه الأشياء، حالياً أتفرغ عدة ساعات في اليوم لمتابعتها، حيث بت أحصل في بعض الأشهر على مايقارب 200 ألف ليرة سورية، وهذا أفضل من راتب موظف حكومي، ولو تفرغت أكثر فإنني سأحصل على المزيد"، وفق علاء.
ومن الألعاب أيضا لعبة (Clash of clans) وهي لعبة فيديو خاصة بالموبايلات تم إطلاقها سنة 2012، عمار، الذي يدرس اللغة العربية، قال لنا عنها: "كنت أمضي بضع ساعات كل أسبوع باللعب على سبيل التسلية، وفي أحد الأيام سألني أحد اللاعبين إن كنت أود بيع حسابي فيها، وعرض علي دفع مبلغ مئة دولار أميركي، مما جعلني أوافق على الفور، بعدها أنشأت عدة حسابات وبدأت بتطويرها وتجهيزها لعرضها للبيع. لا تسير الأمور دائما بسوية واحدة، الأمر يتعلق بالعرض والطلب، لكن فكرة تحويل التسلية إلى مردود مادي تعجبني".
مواقع الاستبيانات
ومن الطرق الرائجة أيضاً لكسب المال عن طريق الإنترنت الاشتراك في مواقع الاستبيانات واستطلاع الرأي، التي تديرها وتنظمها الشركات التجارية أو المنظمات الدولية، من أكثر هذه المواقع شيوعاً، موقع (Swagbucks) الذي يطلب من مشتركيه الإجابة عن مجموعة من الأسئلة على شكل استبيان خلال مدة زمنية لا تتجاوز النصف ساعة، في المقابل يحتسب الموقع للمشاركين عددا من النقاط مقابل كل استبيان، فيما بعد يتم تحويل كل 700 نقطة إلى 5 دولار أميركي ويمكن للمشترك سحبها إلى حساب بنكي.
أما علي عامر، 27 عاما، يعمل سائق تكسي أجرة، قال لموقع "تلفزيون سوريا": "بعد انتهاء عملي في المساء أتفرغ عدة ساعات للإجابة على استبيانات مختلفة ومتنوعة، اشتريت لهذا الغرض تطبيق (VPN) مدفوع الثمن، حتى بت أجمع خلال الشهر آلاف النقاط التي يتم تحويلها إلى مقابل مادي فيما بعد، يحقق لي هذا العمل دخلاً إضافيا جيداً، ولا يستهلك كثيرا من الوقت والجهد مقارنةً مع المردود".
من المواقع أيضا، موقع (Syria Survey) وهو منتشر جداً في محافظة اللاذقية، وشبيه بالموقع الأول، حيث يقوم المستخدم بتحويل مجموع نقاطه إلى أموال، ومن ثم يتسلّم رصيده من خلال حوالة مالية.
المزيد من الطرق
من جهته، وَجَدَ "عُمر"، 25 عاما، والذي يسكن في مدينة حمص، طريقة مختلفة لتحقيق دخل مادي جيد عبر الإنترنت، وذلك باستغلال مواقع اختصار الروابط، حيث قال: "لدي هوس بالتطبيقات والبرامج لذلك أنشأت صفحة "فيس بوك" ومدونة تتحدث عن التطبيقات والتقنية، لكنني لم أتصور أن يتحول هذا إلى عمل، تعرفت إلى شاب عبر أحد مواقع الدردشة ونصحني باستغلال التفاعل على صفحتي ونشر الروابط مختصرة عبر واحد من المواقع الموثوقة، الأمر الذي سيعني أن يحتسب لي عدداً من النقاط مقابل كل ضغطة على الرابط، وتحويلها فيما بعد إلى مبلغ مادي، وبالفعل وصل ربحي في أحد الأشهر إلى نحو 250 ألف ليرة".
صعوبات وعوائق
ورغم السهولة التي تبدو عليها هذه التطبيقات والألعاب في البداية إلا أنها لا تلبث أن تصبح بالغة الصعوبة بل وممتنعة أحياناً، وذلك لعدة أسباب أهمها أن إدارة التطبيقات والمواقع كثيرا ما تقوم بحذف الحسابات الوهمية أو حظر الأجهزة التي يظهر منها سلوك مشبوه، الأمر الذي يعيد اللاعبين في كل مرة إلى نقطة الصفر وبذلك خسروا وقتهم وجهدهم، وهناك أيضا العديد من النشاطات المتعلقة بهذه المواقع تحتاج إلى بطاقات "Google play" أو "Pay pal" المحظورة في سوريا، مما يفرض على اللاعبين الاستعانة بوسطاء موجودين خارج سوريا يقومون في بعض الأحيان بالاحتيال على اللاعبين ويرفضون تحويل مستحقاتهم.