اضطرت الأمهات في مخيم الركبان المحاصر، في جنوب شرقي سوريا، إلى إرضاع أطفالهن مادة الكمون، أو النشاء المخلوط بالماء، عوضاً عن الحليب، بسبب فقدان المادة في المخيم، أو ارتفاع سعرها بشكل كبير في حال توافرت.
وذكرت منصة "حصار" المتخصصة بنقل أخبار المخيم، أن "فقدان حليب الأطفال، وسوء التغذية الذي تعانيه معظم السيدات في مخيّم الركبان، أجبر الأمهات على إيجاد بدائل لرضاعة أطفالهن، عبر اللجوء إلى مادة النّشاء المخلوط بالماء، أو عبر تخفيف حليب البقر بالماء حال توفّره".
وتعاني معظم الأمهات من حديثات التوليد، سوء التغذية بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية على المخيّم.
وبحسب المنصة، فإن الأمهات، يحاولن إيجاد البدائل في ظل فقدان حليب الأطفال، وغلاء أسعاره حال توفّره، إذ بلغ سعر العلبة الواحدة نحو 125 ألف ليرة سورية، وهي لا تكفي سوى ثلاثة أيام.
ونقل المصدر عن "أم يزن"، أنها لا تسطيع إرضاع طفلها، بسبب معاناتها من سوء التغذية، كما تجد صعوبة كبيرة في تأمين حليب الأطفال بسبب فقدانه من الأسواق.
"لا قدرة على شراء الحليب"
وأضافت "أم يزن": "أرضع طفلي النّشاء المخلوط بالماء، أو الكمون عوضاً عن الحليب، فحليب الأطفال مفقود في المخيّم، وليس لديّ القدرة على شرائه حال توفّره، بسبب الغلاء".
وتحدثت امرأة أخرى، أنها لجأت لإرضاع طفلها حليب البقر، بسبب اختلاف مكوّناته عن الحليب الصناعي وخشيتها من تسبّبه بمشكلات صحيّة، لكن بسبب فقدان حليب الأطفال من السوق، اضطرّت لخلط حليب البقر بالماء المقطّر.
ويبلغ سعر ليتر حليب البقر نحو 8 آلاف ليرة سوريّة، وهو لا يكفي لإرضاع طفل سوى يوم واحد، وهو ما يعني أنّ إرضاع الطفل حليب البقر يكلّف العائلة نحو 240 ألف ليرة سوريّة شهرياً.
وفي سياق متصل، تغيب "حفّاضات الأطفال" عن سوق المخيّم، ما أجبر النساء على استخدام البدائل القماشية لأطفالهن.
ونقلت المنصة عن ناشطين في المخيم، تأكيدهم خطورة الوضع الصحي والغذائي لأطفال مخيّم الرّكبان، والحاجة الملحّة لتدخّل عاجل لتوفير الحليب والغذاء الكافي للأمهات والأطفال في المخيّم، وإرسال مساعدات غذائيّة وصحيّة.
تظاهرات لقاطني المخيم
والأسبوع الماضي، تظاهر العشرات من قاطني مخيم الركبان عند الساتر الترابي على الحدود السورية الأردنية، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة، مطالبين بفك الحصار الذي يفرضه النظام السوري وخروجهم إلى مناطق شمالي سوريا، أو السماح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الأردن والعراق.
وناشد سكان المخيم، الواقع داخل المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي ضمن منطقة الـ55 كيلو، المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة لتحسين أوضاعهم المعيشية أو فتح طريق آمن من أجل الخروج إلى الشمال السوري أو إلى شرقي الفرات.
وحمل أطفال شاركوا في التظاهرة الاحتجاجية لافتات كُتب عليها عبارات "لا للحصار الروسي والإيراني"، "أنقذوا مخيم الركبان من الموت"، "لا يوجد طعام، لا يوجد دواء"، "نريد المشافي نريد أطباء نريد الدواء".
مخيم الركبان
يقع مخيم الركبان داخل المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، ضمن منطقة الـ 55 كيلو، التي تسيطر عليها قوات "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وتضم قاعدة التنف العسكرية.
وقدّر عدد سكان المخيم في عام 2018 بنحو 45 ألف نازح، تضاءل عددهم خلال السنوات الماضية ليصل إلى نحو 10 آلاف نازح، وفق إحصائيات غير رسمية.
وتُعرف عن المخيم أوضاعه الإنسانية الصعبة، والحصار المحكم الذي يحيط به، خاصة بعد إغلاق المنفذ الواصل إلى الأردن بضغط روسي، وإغلاق طريق الضمير من قبل قوات نظام الأسد والشرطة الروسية، فضلاً عن إغلاق جميع المنافذ لإجبار النازحين على الخروج إلى مناطق سيطرة النظام.