استقيظ السوريون صباح يوم الجمعة الماضي على ارتفاع غير منطقي بأسعار السلع تراوحت بين 10 – 30% تبعاً للسلع، بينما وصل سعر ليتر زيت القلي إلى 4000 ليرة سورية وكان نصيبه الأكبر من الارتفاع.
وطال الارتفاع كل شيء تقريباً، من سكر ورز وسمنة وزيت وقهوة وشاي ومتة وصولاً إلى الملابس وغيرها من مستلزمات، ما جعلها كارثية على كثير من الأسر التي بات مدخولها الشهري لا يتحمل أي زيادة في الأسعار ولو كانت قرشاً واحداً، بحسب ما أكدته عدة أسر.
السبب الرئيسي لزيادة الأسعار في سوريا
وبينما عزا البعض موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة إلى تصريحات صدرت عن عضو مجلس الشعب التابع للنظام صفوان قربي يؤكد بها وجود دراسة لزيادة على الرواتب تصدر نتائجها خلال أيام، راح آخرون لتبرير ما حدث بأنه متعلق بارتفاع سعر الصرف حتى لامس هامش الـ 2500 ليرة قافزاً أكثر من 300 ليرة سورية خلال 3 أيام، مؤكدين أن الارتفاع بسعر الصرف سبق تصريحات قربي.
وحول سبب ارتفاع سعر الصرف المفاجئ، أكد بعض الخبراء، أنه دوري ويتكرر في كل عام بمثل هذا التوقيت ويستمر حتى نهايته لعدة أسباب منها، إعداد مشروع موازنة العام المقبل وتثبيت سعر صرف يناسب التضخم القادم، فكلما ارتفع سعر الصرف كانت تغطيتها أسهل بالليرات السورية.
وأقر المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في حكومة النظام مساء الأحد، الاعتمادات الأولية لمشروع موازنة 2021، بمبلغ قدره 8,500 مليار ليرة سورية في الشقين الاستثماري والجاري، مقارنة مع 4,000 مليار ليرة اعتمادات موازنة 2020، واعتمد الدعم الاجتماعي بـ3,500 مليار ليرة، موزعة على دعم الدقيق التمويني والمشتقات النفطية والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية وصندوق دعم الإنتاج الزراعي.
ومن أسباب رفع سعر الصرف بحسب الخبراء والذي يتم عبر أدوات المركزي سنوياً في الربع الأخير من كل عام، هو محاولة سد العجز بالميزانية الجارية بالليرات السورية عبر رفع سعر الصرف، إضافة إلى توجه النظام لجمع العملة الصعبة ودفع فواتير سنوية من محروقات وقمح، مشيرين إلى أن زيادة الرواتب أيضاً تتطلب مثل هذا الإجراء لأن حكومة نظام الأسد لا تملك أي موارد لتغطيتها سوى التلاعب بسعر الصرف.
تراجع عن زيادة الرواتب في سوريا
ونفى عضو مجلس الشعب صفوان قربي، في وقت متأخر من يوم الأحد، تصريحه السابق حول اقتراب زيادة أجور العاملين بعد اتهامات وجهت له بأنه السبب الرئيس وراء جنون الأسعار، قائلاً إن التصريحات التي نسبت إليه عن زيادة الرواتب تم نقلها "بشكل غير دقيق" بحسب زعمه، مضيفاً أنه كان يتحدث عن "دراسة مستعجلة لزيادة الرواتب، مع المطالبة أن تكون تلك الزيادة استثنائية ومختلفة عن السابق".
وأضاف القربي أنه في حال حصول الزيادة "من الممكن أن يكون هناك أثر على أسعار السلع في السوق ويمتص التجار الزيادة دون فائدة تذكر للمواطنين" بحسب تعبيره.
تخبط في قرار زيادة الرواتب في سوريا
ويرى خبراء الاقتصاد، أن حكومة الأسد متخبطة جداً إزاء اتخاذ قرار زيادة الرواتب، لعدم قدرتها على تغطيتها من ورادات حقيقية، وبالتالي أي زيادة قادمة قد تكون كارثية على الاقتصاد لزيادة السيولة في السوق وبالتالي انخفاض حاد بقيمة الليرة السورية بشكل سريع.
ويؤكدون أن الزيادة على الرواتب قد تأتي بعد رفع سعر الدولار وزيادة التضخم أكثر ثم إطفائه بضخ ما يوازيه من سيولة في السوق في أسلوب يزيد من تعقيد المشكلة على المدى الطويل، بينما الحل الأفضل بحسب أكثر من خبير اقتصادي، هو زيادة حجم الدعم وهامشه عبر البطاقة الذكية وزيادة سلة السلع الأساسية المدعومة.
ورغم عودة سعر الصرف للانخفاض نحو 200 ليرة نازلاً من 2500 إلى 2300 ليرة سورية، إلا أن الأسعار لم تنخفض، ولم تتدخل وزارة التجارة الداخلية على الأرض ولا بتصريحات رسمية حول الارتفاعات الأخيرة وسببها.
وتضمن البيان الوزاري الذي عرضه رئيس الحكومة حسين عرنوس يوم الأحد الماضي، وعوداً بتحسين الواقع المعيشي للمواطنين في سوريا، من خلال زيادة الرواتب والأجور وحوافز العاملين في الدولة وفق الإمكانيات المتاحة، بالإضافة للتصدي لارتفاع الأسعار والعمل على دعم سعر استقرار سعر الصرف وتوفير احتياجات المواطن الخدمية من ماء وكهرباء ومحروقات على حد سواء، على حد زعمه.
وكانت آخر زيادة على رواتب الموظفين العام الماضي، حين أصدر رأس النظام بشار الأسد مرسوماً تشريعياً بإضافة مبلغ 20 ألف ليرة سوريّة إلى الرواتب، بعد إضافة التعويض المعيشي المحدد وفقاً للمرسوم 13 لعام 2016، ولاقى المرسوم اعتراضاً واسعاً خاصة مع اقتطاع أكثر من نصف الزيادة كضرائب.