البث المباشر
سبق زيارة بشار الأسد الأسد لمدينة حلب استنفار أمني وخدمي تقوده الميليشيات الإيرانية ومسؤولو النظام المرتبطون بها في "مؤسسات الدولة"، كما عُزلت الأحياء الشرقية لمدينة حلب وأغلقت الطرق المؤدية منها إلى قلب المدينة.
وأدى رئيس النظام السوري بشار الأسد صلاة عيد الأضحى أمس السبت، في جامع الصحابي عبد الله بن عباس بمدينة حلب، مع رئيس مجلس وزرائه ووزير أوقافه ومحافظ حلب وأمين فرع "حزب البعث، خلف الشيخ محمود عكام عضو المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف.
وألقى الأسد خطابه بعد الصلاة وسط حشد من طبقة "الأسياد"، وهو تصنيف جديد للموالين ورد على لسان الأسد في كلمة له خلال جولته يوم وقفة العيد في المحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي، ويقابل "الأسياد" وفق التصنيف المستجد، طبقة "العبيد" وهؤلاء هم من دمر جيش الأسد والميليشيات الإيرانية والروسية منازلهم وأسواقهم في عشرات القرى والبلدات في ريف المحافظة، وفي أكثر من 60 حياً من أحياء المدينة في قسمها الشرقي، وقتل منهم الآلاف بالصواريخ والبراميل المتفجرة، بينما شرّد ما تبقى منهم وهم بمئات الآلاف خلال الهجمة الوحشية التي بقيت مستمرة في الفترة ما بين العام 2012 وحتى أواخر العام 2016.
صفحة "الرئاسة" في فيس بوك حذفت من خبرها المكتوب تصنيف الأسد الجديد، إلا أن التسجيل المصور المنشور في الصفحة، يظهر بوضوح ما يقوله في معرض الثناء على الموالين، والذم بالمعارضين.
وقال الأسد: "لا يمكن إلا أن نجري مقارنة بين مجموعات من الناس قَبِلوا أن يكونوا مخرّبين للوطن ولمنشآت الوطن ولمنشآت الشعب من أجل أوامر في نهايتها يوجد دولار مدفوع، كانوا عبيداً، مقابل أشخاص عمَّروها وكانوا سادة، وهم أنتم، وبين الأشخاص الذين نشروا الظلام في البلد، وبالمقابل أنتم تنشرون النور على مستوى البلد".
استنفار إيراني سبق زيارة بشار الأسد لحلب
بدأت التحضيرات لزيارة الأسد منذ بداية شهر تموز/يوليو الحالي، إذ شكلت غرفة عمليات برئاسة زعيم الميليشيا المدعومة من إيران "فيلق المدافعين عن حلب" الحاج صابر رامين (إيراني الجنسية) وبعضوية كل من المحافظ حسين دياب وزعيم ميليشيا "لواء الباقر" خالد المرعي، وزعيم ميليشيا "لواء القدس الفلسطيني" محمد سعيد، وزعيم ميليشيا "لواء زين العابدين" قاسم بري، ومدير أوقاف حلب محمد رامي العبيد، ومفتي حلب محمود عكام، ورئيس مجلس المدينة معد مدلجي، ورئيس غرفة التجارة عامر الحموي، وشخصيات أخرى من "حزب البعث" والفروع الأمنية بحلب.
وكشفت مصادر محلية متطابقة في حلب لموقع تلفزيون سوريا أن المديريات الخدمية التابعة لمجلس مدينة حلب، وعددها 10 مديريات خدمية استنفرت بكامل طاقتها منذ 1 تموز/يوليو، وهو ما أثار استغراب الأهالي، حيث بدأت حملة نظافة غير مسبوقة، والتي شملت كنس وغسيل الطرق الرئيسية والفرعية، وتنظيف الحدائق العامة ومنصفات الطرق وزراعة غراس حراجية، وتركيب رشاشات مياه للسقاية، وتمت صيانة وتشغيل أغلب الأحواض والنوافير والشلالات المائية ووضعها بالخدمة.
حملة نظافة حلب
الأحدث
وتركزت عمليات النظام وترحيل الأنقاض والقمامة في خطوط السير التي من المفترض أن يسلكها موكب الأسد داخل المدينة، بالإضافة إلى المدخلين الرئيسيين على طريق حلب-دمشق، وحلب-الرقة.
وأوضحت المصادر أن "المكتب الخدمي في ميليشيا "فيلق المدافعين عن حلب" والذي يمتلك أسطولاً لا بأس به من الآليات والمعدات الخدمية شارك في حملة مجلس المدينة، وأزالت الميليشيا معظم الرايات واللافتات من على مقارها وسط أحياء حلب القديمة وفي الأحياء الشرقية، وأزالت الكتل الإسمنتية من بعض الطرق الفرعية في أحياء قاضي عسكر وباب الحديد والشعار وطريق الباب والصاخور والعرقوب وغيرها.
وفي المقابل كثفت الميليشيا من انتشار حواجزها الأمنية في الأحياء الشرقية وعلى الطرق التي تصل القسم الشرقي بالأحياء الغربية، وفي المدينة القديمة وانتشرت في المنطقة أيضاَ حواجز مشتركة بين الميليشيات الإيرانية وفروع الأمن العسكري والسياسي وأمن الدولة.
وليلة الخميس/الجمعة، كان القنصل الإيراني بحلب في مقر "لواء الباقر" في حي البللورة في الأحياء الشرقية بحلب، وكان من بين الحضور المعمم آية الله عيد الصاحب الموسوي، وزعيم "فيلق المدافعين عن حلب" "الحاج صابر رامين" وقادة من حزب الله قادمين من بلدة نبل، وعددٌ من قادة الميليشيات الإيرانية بحلب.
القنصل بحلب
الأحدث
وشهدت مضافة زعيم الباقر خالد المرعي اجتماعاً أمنياً موسعاً ضم أيضاَ عدداً من رؤساء الفروع الأمنية، وخلال ساعات الليل شارك القنصل مجلسا تأبينيا في ذكرى مقتل الإمام الباقر نظمته ميليشيا "لواء الباقر".
وقدّم القنصل الإيراني خلال المجلس "سيف علي" لزعيم الباقر خالد المرعي، وألقى المعمم الموسوي كلمة جاء فيها: "أتوجه بالتقدير لمدينة حلب خاصة في الدفاع عن وطنهم وأرضهم وعرضهم وقيادتهم الحكيمة، وأدعو لتوحيد الصفوف وتأليف القلوب في مواجهة أعداء الانسانية والعروبة".
وأثنى "الموسوي على مواقف إيران وحزب الله بمواجهة المخططات العدائية للإسلام والمسلين، وللبشرية كافة"، وفي اليوم التالي كانت الميليشيات الإيرانية قد استنفرت كامل تشكيلاتها على طريق حلب - الرقة، أي قبل وصول الأسد بساعات إلى المحافظة قادماً من دمشق، وكانت محطته الأولى في ريف حلب الشرقي".
استدعاء قادة الميليشيات الإيرانية لدمشق قبل الزيارة
قالت مصادر عشائرية متطابقة في حلب لموقع "تلفزيون سوريا" إن "التحضيرات لزيارة الأسد بدأت منذ منتصف شهر حزيران/يونيو الماضي عندما استدعي قادة الميليشيات الإيرانية في حلب إلى دمشق، وكان ومن بين الذين تم استدعاؤهم إلى دمشق، عدنان عبد الوهاب الحمد عضو مجلس الشعب، وفضل بري، وشعبان بري عضو مجلس الشعب، وقاسم بري زعيم لواء زين العابدين، وقادة تشكيلات الباقر وفيلق المدافعين عن حلب، وبراء قاطرجي، وعدد من القادة في حزب الله.
وحضر اللقاء أيضاَ الشيخ فواز البشير ومحمد أمين الرجا، وسفير ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن عبد الله صبري.
بدت جولة رئيس النظام السوري بشار الأسد في حلب مخططة بشكل مسبق، وقد اختير المشاركون في صلاة عيد الأضحى بعناية من قبل الفريق الديني الشبابي المرتبط مباشرة بالقنصل الإيراني بحلب، والفريق الذي يتزعمه على مستوى سوريا ابن وزير الأوقاف، عبد الله السيد، يتولى الإشراف على خلق طبقة من المشايخ الموالين للنظام، وهي مساع نجحت في حلب بشكل كبير بالتعاون بين الفريق وكل من مدير الأوقاف محمد رامي عبيد والمفتي محمود عكام المعروفين بولائهما المطلق للميليشيات الإيرانية.
ففي جامع عبد الله بن عباس في حي الفرقان الذي أقيمت فيه صلاة العيد التي حضرها الأسد مؤخراً، عُقدت في الفترة ما بعد العام 2016 عشرات الملتقيات، وألقى فيه وزير أوقاف حكومة الأسد محمد عبد الستار السيد محاضراته في التفسير الجامع التي كان يحضرها كل خطباء وأئمة المساجد والجوامع في المدينة وريفها، وحضر الاجتماع مجموعة كبيرة من الدعاة والداعيات والعاملين في الفريق الديني الشبابي.
جامع الفرقان حلب
الأحدث
عزل الأحياء الشرقية
وفي باقي محطات جولة الأسد في حلب والريف كان الحضور محددا بشكل مسبق من قبل غرفة العمليات المسؤولة عن تنظيم الزيارة، فالهاتفون وسط حلب القديمة التي قطعت أوصالها بالحواجز الأمنية "بالروح بالدم نفديك يا بشار" هم بالضرورة من التجار المحسوبين على غرفة التجارة وأعضاء حزب البعث وعناصر الميليشيات الإيرانية التي عزلت بدورها في يومي الزيارة، الأحياء الشرقية بشكل شبه كامل على باقي الأحياء وقلب المدينة التاريخي الذي تم تطويقه أمنياً بعدما أخلي من ساكنيه وهم قلة في بعض الكتل السكنية القديمة التي نجت من قصف النظام في وقت سابق.
سبق رئيس النظام السوري بشار الأسد في زيارة لحلب خلال السنوات التي تلت سيطرة النظام على الأحياء الشرقية رؤساء حكوماته، والعديد من اللجان الوزارية التي وعدت بإعادة الخدمات إلى الأحياء الشرقية، وتحدثت اللجان والوزراء عن خطط لإعادة تشغيل المناطق والمجمعات الصناعية، وغير ذلك من الوعود التي لم يجر تطبيقها، فعلى مقربة من الأسواق القديمة التي تجول الأسد وعائلته على أنقاضها ما تزال الأحياء الشرقية من دون خدمات أساسية، وزادت نسبة المعامل والورش الصناعية المتوقفة عن العمل في العرقوب والشقيف والشيخ نجار والراموسة، وزاد تحكم الميليشيات الإيرانية وأمراء الحرب المحسوبين عليها في معظم القطاعات الحيوية الصناعية والتجارية.
ويمكن القول إن بشار الأسد كان في ضيافة "فيلق المدافعين عن حلب" الذي يعتبر ذراعاً عسكرية للقنصل الإيراني، وممثلاً رسمياً ومظلة للميليشيات المدعومة من إيران في حلب التي قسمها إلى عدة مربعات أمنية، ويتمتع الفيلق بهيكلة تنظيمية وإدارية تمكنه من العمل المدني والعسكري، ويستفيد الفيلق وباقي الميليشيات الإيرانية من المنشآت الصناعية والحواجز التي يفرض فيها إتاوات على التجار والصناعيين، ولا يمكن لأي منشأة أو ورشة صناعية العمل من دون إذن قيادة المربع الأمني وبإشرافه، ويستفيد أيضا من المناطق المدنية من ناحية الاستيلاء على عقارات وأملاك المعارضين المهجرين عن المنطقة كما حصل في الأحياء الشرقية وفي الأرياف المحيطة.
