icon
التغطية الحية

الأدوات الكهربائية في سوريا أصبحت رفاهية.. صيف حار وبيوت فارغة

2023.06.19 | 15:54 دمشق

تحولت الأدوات الكهربائية في سوريا إلى رفاهية بسبب ارتفاع أسعارها وانقطاع الكهرباء.
تحولت الأدوات الكهربائية في سوريا إلى رفاهية بسبب ارتفاع أسعارها وانقطاع الكهرباء
دمشق ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

فلنتخيل منزلاً خالياً من الأدوات الكهربائية، ولسنا نتحدث هنا عن جميع الأدوات بل تلك التي يعتبر وجودها ضرورياً كالبراد والغسالة والفرن والمروحة أو المكيف، لا يمكن أن يكتمل أي منزل دون وجود هذه الأدوات، أو يبقى منزلاً قيد التأثيث لا يصلح للاستقرار بعد، الآن يمكننا أن نعتبر هذا الخيال واقعاً مع كل ما يؤدي له من نتائج تستهلك وقتاً وجهداً كبيرين كالغسل على اليدين أو تعفن الطعام وانتهاء صلاحيته بأقل من يوم أو عدم القدرة على تحمل الحر الشديد، جميع هذه النتائج كافيه لأن تحول الفرد لشخص غاضب طوال الوقت، لا يشعر بالاستقرار وحاجاته الأساسية مفقودة، هذا ما يشعر به السوريون اليوم، ولو استثنينا من يمتلك هذه الأدوات من وقت سابق فعلى الأقل هنالك فئة الشباب المقبلون على الزواج يعانون من الصعوبة في الحصول على هذه الأدوات، كيف يتدبر هؤلاء الشباب أمرهم ضمن الارتفاع الهائل في أسعارها وما البدائل عن ذلك.

ضرورة أم رفاهية؟

يشهد سوق الأدوات الكهربائية في سوريا ارتفاعاً كبيراً في الأسعار حوّل هذه الارتفاع اقتناء الأدوات الكهربائية إلى رفاهية ليست في متناول أكثرية الشعب السوري، قد يبدو أن انقطاع الكهرباء لأكثر من عشرين ساعة يومياً قد قلل من أهمية هذه الأدوات لكن ذلك لا يشكل سبباً لغيابها من المنازل فالبعض أصبح يستخدم البطاريات في منزله للإنارة وتشغيل هذه الأدوات، وتجهيز منزل بكل هذا تكلفته بأقل تقدير عشرون مليون ليرة سورية، فما الذي يفعله السوريون ليحصلوا عليها؟ يقول "سعيد" لموقع تلفزيون سوريا، وهو شاب يستعد لزواجه بعد أشهر "كنت محظوظاً نوعاً ما فقد اشتريت الأدوات الكهربائية لمنزلي منذ أعوام عندما كان سعر الصرف يبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية، وقد كلفتني هذه الأدوات في ذلك الوقت سبعة ملايين ليرة هذا ليس رقماً بسيطاً لكن الآن تضاعفت الأسعار ثلاث مرات".

اعمل أعواما لتشتري غسالة 

سبعة ملايين ليس مبلغاً بسيطاً، فأي سوري يحتاج العمل لأعوام كي يحصل عليه لكنه يبدو بسيطاً جداً إذا ما تجولنا في الأسواق اليوم، فالغسالة من نوع الحافظ "أوتوماتيك" عشرة كيلو وحدها يبلغ سعرها خمسة ملايين وخمسمئة وخمسين ألف ليرة، وغسالة الهاي لايف خمسة ملايين وأربعمئة وخمسين ألف ليرة سورية، بينما يبلغ سعر الغسالة "نصف أوتوماتيك" مليونا وستمئة ألف سعة سبعة كيلوات من ماركة الأنوار ذات الغطاء الزجاجي أما تلك التي غطاؤها بلاستيكي فسعرها مليون وأربعمئة ألف ليرة سورية.

والبرادات شهدت هذا العام أيضاً ارتفاعاً في أسعارها، حيث أصدرت الشركة العامة للصناعات المعدنية بردى مؤخراً لائحة جديدة بأسعار البرادات ذات التبريد العالي والانفيرتر، ليصل سعر البراد قياس 24 قدم ثلاثة ملايين وسبعمئة وعشرة آلاف، والبراد 16 قدم ثلاثة ملايين وأربعمئة ألف والبراد 22 قدم ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف، ويزيد السعر في حال كان لون البراد فضيا خمسين إلى مئة ألف ليرة ليرة لكل نوع، أما البراد 12 قدم فيبلغ سعره مليونين وسبعمئة ألف ليرة، والبراد انفيرتر 22 قدم ثلاثة ملايين وثمانمئة وأربعين ألف ليرة سورية، وحسب تصريح المدير العام للشركة المهندس علي عباس فإن سبب رفع الأسعار هو ارتفاع أسعار المواد الداخلة في عملية التصنيع والقطع الداخلية، معتبراً أن هذه الأسعار أقل من تلك المنتشرة في الأسواق.

إذا اعتمدنا هذه الأسعار مع غض النظر عن الزيادات التي يضيفها التجار، فكلفة غسالة وبراد من نوع جيد تصل لتسعة ملايين ليرة سورية، وهو مبلغ لا يستطيع أي مواطن تحصيله، في الوقت الذي لا يكفي راتب الموظف والأجور بشكل عام لتلبية الحاجات المعيشية الأساسية من طعام وشراب ومنظفات، وهذا يؤدي بكثيرين إلى العزوف عن اقتناء هذه الأدوات أو تقسيطها على مراحل وهذا الحل أيضاً ليس بمتناول الجميع فشروط المحال للتقسيط أصبحت معقدة وتحتاج لعقد وضمانة من الجهة التي يعمل لديها الفرد وغيرها من التفاصيل التي لا يستطيع الجميع تحقيقها.

يشعر "أيمن" بحيرة شديدة في اتخاذ قرار بخصوص حياته، فعند سؤاله عن رأيه بأسعار الأدوات الكهربائية وإن كان بمقدوره اقتنائها أجاب: "منذ ثلاث سنوات أعمل على جمع المال من عملي في تصميم الغرافيك، كنت قد بدأت العام الفائت بشراء الأثاث لمنزلي، ما ينقصني هو غرفة النوم والأدوات الكهربائية وقد جمعت ما يقارب الثمانية ملايين حتى الآن، وكلما قررت أن أشتري كهربائيات لمنزلي أتراجع بسبب الأسعار وأقرر أن أسافر خارج البلاد، لا أجد هذا منصفاً.. قضاء سنوات لشراء شيء بسيط".

ليس سهلاً وضع مبلغ كبير على أشياء تعتبر من أبسط الحاجات في حياة الفرد، ومن ثم الجلوس دون مال والانتظار لسنوات أخرى كي نحصل على مبلغ آخر نلبي به احتياجاتنا، أصبحت حياة السوري مقسمة إلى أجزاء كل جزء يستهلك سنوات من عمره وتحتسب قيمته بما يجمعه من مال وما يقتنيه، وإلا فلا قيمة لحياته، سنوات لاستئجار منزل وسنوات لتأثيثه، ثم سنوات أخرى للحصول على مال كاف للزواج وهكذا.

أسعار المكيفات والمراوح في سوريا

يرافق قدوم فصل الصيف في سوريا مشاعر سلبية ويردد الجميع جملة واحدة "الشتاء قاس لكننا نستطيع اللجوء للدفء بزيادة الملابس والحرامات، لكن في فصل الصيف ماذا نفعل لنتجنب الحر" يمتاز فصل الصيف في سوريا بأنه مرتفع الحرارة ويزيد المشكلة شكل العمارات في سوريا والعشوائية وعدم التنظيم والاكتظاظ فتقل المنافس وفرص التهوية ويزداد الحر، ولا يمكن بأي شكل التخلي عن المراوح والمكيفات في المنزل، وإلا يعجز الفرد عن النوم أو الجلوس، ومع بداية كل صيف تبدأ أسعار المراوح بالارتفاع والمبررات جاهزة دائماً من ارتفاع سعر الصرف إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وغيرها وكان قد توقف استيراد المراوح في سوريا منذ العام 2021، من أجل زيادة الإنتاج المحلي والتقليل من تأثير هذا الاستيراد على الليرة السورية، لكن أسعار المراوح والمكيفات بازدياد كل عام بسبب استيراد قطعها ومواد الإنتاج من الخارج حسب أصحاب المحال.

يبلغ سعر المروحة العادية شكل الدولفين ذات الحجم الصغير 350 ألف ليرة سورية والمتوسطة الحجم 650 ألفا والكبيرة 900 ألف ليرة، وهناك نوع آخر وهي مراوح عالية شكلها عادي تبدأ من 300 ألف للصغيرة إلى المليون وقد يزداد السعر حسب حجمها، في الوقت نفسه ونظراً لانقطاع التيار الكهربائي انتشرت المراوح التي تعمل على البطارية بالإضافة للكهرباء وتتراوح أسعارها بين 320 ألفا إلى مليون ليرة بحسب حجمها أيضاً، وهناك نوع آخر منتشر في الأسواق وهو مراوح صناعة يدوية، تتألف من محرك صغير وشفرات مروحية من البلاستيك دون حماية معدنية مثبتة على قاعدة من البلاستيك أو الخشب وأسعارها تبدأ من 150 ألفاً وتزداد بحسب الحجم.

أما المكيفات فيبلغ سعر المكيف 2 طن ماركة هاي لايف خمسة ملايين ليرة، والمكيف 1 طن ماركة الحافظ مليوني ليرة سورية.

في حين تبلغ أسعار المراوح في سوق الأدوات المستعملة بين 200 – 300 ألف ليرة بحسب الحجم والنوع، وحسب صاحب أحد محال الكهربائيات فإن الإقبال على شراء المراوح هو أكبر من الأدوات الكهربائية الأخرى، وغالباً ما يتم استهلاك الأرخص سعراً حتى وإن كانت جودتها أقل.

بشكل عام يشهد سوق الأدوات الكهربائية في سوريا ركوداً، ومعظم الزبائن هم من فئة أصحاب الأموال، بينما يكتفي معظم المجتمع السوري بتصليح ما لديه من أدوات إن تعطلت، وقد يستغني عنها نهائياً إن لم يستطع إصلاحها.