أتمت تركيا وروسيا يوم الأربعاء الفائت تسيير دورية مشتركة على كامل الجزء المتفق عليه من الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4، وفقاً لاتفاق موسكو في الخامس من آذار. فيما يمكن اعتباره خطوة عملية أولى لإعادة فتح الطرق الدولية في سوريا والتي ضغطت روسيا في اتجاه ذلك منذ اتفاق سوتشي في أيلول 2018.
تعرف على بنود اتفاق سوتشي وأبرز محطاته
ورغم عودة القصف الروسي على شمال غرب سوريا بعد استهداف الدورية بالسيارة المفخخة، وبالأخص الغارات الروسية على مدينة الباب شمال شرقي حلب، إلا أن الهدوء النسبي في إدلب ومحيطها ما زال قائماً بعد اتفاق الخامس من آذار، فيما يبدو أن موسكو تركّز على إكمال الدوريات المشتركة وفتح الطرق الدولية، حيث تسارع الخطى لإنعاش اقتصاد النظام في وقت يبدو فيه تحقيق حسم عسكري غير ممكن نظراً للوجود العسكري التركي الكبير.
الطريق الروسي إلى M5 وM4
كانت أولى التحركات العسكرية للنظام وحلفائه للوصول إلى الطريق الدولي M5، في أواخر العام 2017، عندما شنّت هجوماً واسعاً على ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ووصل النظام إلى مطار أبو ظهور في 21 كانون الثاني 2018، حيث التقت 3 محاور في المطار هي: محور أبو دالي شمال شرق حماة، ومحورا جبل الحص والحاضر بريف حلب الجنوبي.
وتوجهت قوات النظام وروسيا إلى الغوطة الشرقية منذ منتصف شباط 2018، لتبدأ الحملة العسكرية بالتقدم البري في الثالث من آذار 2018، وتنتهي في السابع من نيسان بعد مجزرة كيماوي دوما، ومن ثم سيطرة النظام على كامل الغوطة الشرقية في الخامس عشر من نيسان بعد 3 اتفاقات تهجير إلى الشمال السوري.
الأحداث والتطورات الميدانية في سوريا خلال عام 2018
ومنتصف شهر أيار 2018، أعلنت قوات النظام السيطرة - بشكل كامل - على ما تبقى مِن ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، بعد خروج آخر دفعة مِن المهجّرين، ضمن اتفاق "تهجير" فرضه النظام وروسيا على "لجنة التفاوض عن شمال حمص وجنوب حماة"، جاءت بعد حملة عسكرية "شرسة" على المنطقة.
وبدأت الحملة العسكرية على الجنوب السوري وتحديداً محافظة درعا في شهر حزيران 2018، وانتهت باتفاق مصالحة وتهجير إلى الشمال السوري في السادس من تموز 2018. ونصّ الاتفاق بين فصائل الجنوب وروسيا على تسليم السلاح الثقيل ودخول الشرطة العسكرية الروسية، وأن يستلم "النظام" جميع النقاط الحدودية مع الأردن بما فيها معبر نصيب مع الأردن.
بدأت قوات النظام هجومها على منطقة خفض التصعيد الرابعة في الثامن من أيار 2019، بالسيطرة على بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، ومن ثم بلدة قلعة المضيق المجاورة وصولاً إلى مدينة خان شيخون في 22 آب 2019، ليكون الريف الحموي بالكامل تحت سيطرة النظام.
وبدأت قوات النظام مرحلتها الثانية في معركة إدلب من ريفها الشرقي في أواخر تشرين الثاني 2019، ووصلت إلى مدينة معرة النعمان في 29 كانون الثاني الفائت 2020، ومن ثم أكملت تقدمها وصولاً إلى جنوبي مدينة سراقب.
وكانت المرحلة الثالثة في السيطرة على مدينة سراقب، وحصل ذلك في ليل السادس من شباط تطويقها من 3 جهات، وانسحاب الفصائل العسكرية منها، وذلك تزامناً مع تقدّم النظام في ريفي حلب الجنوبي والغربي.
كيف سيطر النظام على 2000 كم مربع وما هي خسائره؟ (تسلسل زمني)
توجهت معارك النظام بعد السيطرة على مدينة سراقب وبلدات تقع شمالها، وتلة العيس بريف حلب الجنوبي؛ على الطرف الغربي من الطريق الدولي لتسيطر في العاشر والـ 11 من شباط على بلدات جزرايا وكفرحلب وميزناز والكماري والبرقوم وقناطر والبوابية.
أما المرحلة الرابعة والأخيرة فجرت بعد انسحاب من فصائل المعارضة من معظم مناطق ريف حلب المتصلة مع الطريق الدولي .M5
وبخلاف المسار العسكري الطويل للسيطرة على M5، استطاعت روسيا إعادة فتح الطريق M4 من خلال اتفاق موسكو في الخامس من آذار بين أردوغان وبوتين، والذي ركّز صلبه على تسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي M4 من محيط مدينة سراقب وحتى عين الحور في ريف اللاذقية الشمالي.
مسار الطرق الدولية في سوريا
M1: يمتد من حمص إلى اللاذقية، ويلتقي مع الطريق M5 شمالي وجنوبي مدينة حمص ليشكل قوساً ومتحلقاً غربياً حول المدينة، ويتجه غرباً مع الحدود اللبنانية الشمالي ويمر من بلدة تلكلخ وصولاً إلى الساحل ليتجه شمالاً نحو مدينة طرطوس ثم بانياس وجبلة حتى اللاذقية حيث يلتقي بالطريق M4. ويبلغ طوله 174 كم.
M2: أوتستراد دمشق – بيروت، يلتقي مع الطريق M5 في كفرسوسة جنوبي العاصمة دمشق ويتجه غرباً نحو الصبورة ومن ثم الديماس وجديدة يابوس وصولاً إلى معبر المصنع مع لبنان. ويبلغ طوله 38 كم.
M4: يبدأ من معبر اليعربية مع العراق في محافظة الحسكة ويتجه غرباً إلى جنوبي مدينة القامشلي ومن ثم إلى تل تمر ليصبح من تل تمر الخط الفاصل بين قوات سوريا الديمقراطية وروسيا من جهة والجيشين التركي والوطني السوري من جهة أخرى وفق اتفاق تشرين الأول 2019 بين روسيا وتركيا عقب عملية نبع السلام شرقي الفرات.
ومن تل تمر يستمر الطريق غرباً بشكل مواز للحدود التركية وجنوبها بحوالي 30 كم، وصولاً إلى عين عيسى شمالي الرقة والتي تعتبر الزاوية الجنوبية الغربية لحدود منطقة عملية نبع السلام. ويستمر الطريق باتجاه صرين التابعة لمنطقة عين العرب شرقي محافظة حلب حيث تكون السيطرة هنالك مشتركة بين قسد وقوات النظام التي أدخلتها الأولى إلى عين العرب ومنبج بعد عملية نبع السلام، ويعبر الطريق الدولي M4 نهر الفرات من جسر قره قوزاق وصولاً إلى منبج ويبقى في مناطق سيطرة النظام وقسد حتى منطقة العريمة، ليدخل بعدها ضمن مسافة 24 كم، في منطقة سيطرة الجيش الوطني ويمر من جنوبي مدينة الباب بالقرب من خط النار بين قوات النظام في تادف والجيش الوطني في الباب.
وعند قرية دير قاق جنوب غربي مدينة الباب، يدخل الطريق M4 في مناطق سيطرة النظام شرقي مدينة حلب ويمر من جنوبي المدينة الصناعية في الشيخ نجار إحدى أكبر المدن الصناعية في سوريا، ومن ثم يدخل مدينة حلب عن طريق الباب.
ويخرج الطريق M4 من مدينة حلب بشكل مشترك مع الطريق M5، لينفصل عنه عند مدينة سراقب شرقي إدلب، ليتجه بعدها غرباً نحو مدينة أريحا في جبل الزاوية ومن ثم محمبل عند نهاية سهل الغاب من جهة الشمال، ويمر بعدها من جنوبي مدينة جسر الشغور ويدخل منطقة سيطرة النظام في محافظة اللاذقية عند قرية عين الحور ويكمل جنوباً حتى مدينة اللاذقية.
M5: الطريق الأكثر أهمية في سوريا ويربط شمالها بجنوبها، ينطلق من مدينة حلب ويمر من مدن سراقب ومن ثم معرة النعمان وخان شيخون في ريف إدلب الجنوبي ويدخل محافظة حماة عند مدينة مورك ويتجه جنوباً نحو مدينة حماة ويلتف شرقها ويدخل محافظة حمص عند مدينة الرستن ومن ثم تلبيسة. وعند مدينة حمص يلتقي مع الطريق M1 ويكمل جنوباً إلى حسية ومن ثم النبك ويصل إلى ما بين دوما وضاحية الأسد ويدخل منها إلى العاصمة دمشق.
ويلتقي الطريق M5 مع الطريق M1 في كفرسوسة ويكمل جنوباً وسط ثكنات قوات النظام جنوبي دمشق وشمالي درعا ويمر من ازرع وخربة غزالة ومن ثم صيدا وصولاً إلى معبر نصيب. يبلغ طوله 450 كيلومتراً.
التبادل التجاري مع دول جوار سوريا وإيرادات الترانزيت
يصعب تقدير إيرادات الحركة التجارية والنقل بالعبور (الترانزيت) لحكومة النظام قبل انطلاق الثورة السورية، ولذلك لغياب الإحصائيات الرسمية الشاملة، ولذلك لا بد من الاستعانة بإحصائيات دول الجوار لمحاولة تقدير الإيرادات المالية.
ويُعدّ معبر نصيب مع الأردن أحد أهم المعابر الحدودية في الشرق الأوسط، كونه يربط أوروبا بالخليج العربي عبر سوريا وتركيا ما يجعل البلدين الأخيرين مركزين رئيسيين في خطوط التجارة العالمية.
وبحسب دراسة لمركز جسور للدراسات، فإنّ الشاحنات التي غادرت سوريا إلى الأردن خلال عام 2010، عدا شاحنات الترانزيت، بلغ عددها نحو 4425 شاحنة، فيما سجلت الصادرات السورية في العام نفسه، من خلال هذا المعبر، 1100 مليون طن بقيمة قاربت 35 مليار ليرة، ووصل حجم المستوردات 1141 مليون طن بقيمة تُقدّر بـ 47 مليار ليرة، أي أن قيمة المبادلات التجارية للمعبر قاربت ملياري دولار وفقاً لسعر الصرف المعمول به في عام 2010. في حين وصل حجم الصادرات خلال عام 2014 وحتى تاريخ إغلاق المعبر في نهاية شهر آذار من عام 2015 إلى 340 ألف طن بقيمة 27 مليار ليرة سورية أي بهبوط بنسبة الثلث تقريباً عن عام 2010، وهبط حجم الواردات إلى 460 ألف طن بقيمة 78 مليار ليرة (الدولار يساوي 300 ليرة).
وذكر نقيب أصحاب السيارات الشاحنة الأردني، محمد خير الداود، في أواخر عام 2016 بأن ما يزيد على 150 شاحنة من نوع براد كانت تصدر إلى سوريا يومياً قبل إغلاق المعابر البرية في عام 2013، و50 براداً إلى لبنان وأوروبا الشرقية وتركيا (عبر سوريا)، في حين حدد موقع "الاقتصادي" السوري عدد الشاحنات التي كانت تعبر سوريا يوميًا بسبعة آلاف شاحنة.
ويظهر التأثر الكبير في حجم الصادرات عبر المعبر من خلال رصد أرقام الصادرات والواردات الإجمالية في هذا الخصوص، فقد تناقصت الصادرات السورية إلى دول العالم بشكل ملحوظ بعد عام 2011، لتنخفض في عام 2012 عن العام الذي سبقه بواقع 71%، من 8 مليارات دولار إلى نحو ملياري دولار، ومن ثم حصل الهبوط الآخر بعد إغلاق معبر نصيب في عام 2015 لتهبط الصادرات من قرابة مليار دولار إلى نحو 843 مليون دولار، وواصلت الأرقام بالهبوط حتى أصبحت في عام 2017 نحو 686 مليون دولار، بحسب جسور للدراسات.
وينطبق الأمر نفسه على الواردات، والتي انخفضت في عام 2012 عن سابقه بنسبة 51% تقريباً، وهبطت في عام 2015 عن العام الذي سبقه بنسبة 27%، نتيجة لانخفاض حجم الواردات القادمة من الأردن، بما يعكس حجم الضرر الذي لحق بصادرات الأردن إلى سوريا بعد إغلاق معبر نصيب، وسلوك طرق أطول مسافة وأكثر كلفة.
أما الميزان التجاري فكان العجز فيه سمة عامة طوال الأعوام الماضية، نتيجة لانخفاض حجم الصادرات والواردات عمّا كانت عليه قبل عام 2011. وبلغ الميزان التجاري حده الأدنى في عام 2016 عند 3.964 مليارات دولار.
أما عن حجم التبادل التجاري مع تركيا قبل 2011، ومع تحسن العلاقات السياسية بين البلدين وانعكاس ذلك اقتصادياً بشكل متسارع، جرى التوقيع عام 2004 على اتفاقية التجارة الحرة، وتمّ الشروع بتطبيقها عام 2007، ومن ثم فُتحت الحدود بين البلدين أواخر عام 2009 من دون سمة دخول، فضلاً عن عشرات الاتفاقيات الاقتصادية الأخرى.
وفي تموز من عام 2010، التقى محمد ناجي عطري رئيس الوزراء السوري حينها مع محمد شمشيك وزير المالية التركي وتم الاتفاق على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتفعيل دور رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية بهدف بناء شراكات صناعية ومشاريع تنموية واستثمارية.
وبحسب وكالة أنباء النظام "سانا"، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين سوريا وتركيا ملياري دولار عام 2009 بزيادة مقدارها 200 مليون دولار عن عام 2008 وكان من المتوقع أن يترفع خلال ثلاث سنوات قادمة إلى 5 مليارات دولار.
تحضيرات النظام المسبقة للاستفادة من عودة الحركة التجارية
وتزامناً مع الاتفاقات الدولية بما يتعلق بطريقيM4 و M5، رفعت حكومة النظام في أيلول من عام 2018 رسوم الترانزيت عبر المعابر الحدودية البرية، ووضعت معادلة لحساب الرسوم الجديدة: وزن السيارة (القائم أو الفارغ) طن * المسافة المقطوعة (كم) * 10%، في حين كانت النسبة سابقاً 2 بالمئة فقط.
ولتشجيع الدول المجاورة على تصدير منتجاتها عبر الميناء السوري، حافظت حكومة النظام على الرسوم المستوفاة من الشاحنات القادمة عبر المنافذ البرية إلى البحرية وأبقتها 2% بدلًا من 10%.
وفي آب من العام الفائت، أعلنت حكومة النظام عن بدء تأهيل شبكة الطرق التي تربط المحافظات السورية ببعضها، إلى جانب الطرق الملحية التي سيتم تعديل 17 طريقاً منها إلى "طرق مركزية"، وذلك ضمن شبكة تمتد ما بين حلب وطرطوس واللاذقية، وصولًا إلى الريف الشرقي لحمص والجنوب.
وجاء تعديل التصنيف بموجب أحكام القانون 26 لعام 2006 المتعلق بشؤون تصنيف الطرق العامة وحمايتها، وبناء على اقتراح وزير النقل في حكومة النظام علي حمود، الذي سبق أن أعلن عن وجود خطة مستقبلية لتنفيذ طرق برية مأجورة، تفرض الحكومة عليها رسوماً من أجل تأمين الدخل اللازم، للمحافظة على حالة الطرق، ومواصلة عمليات صيانتها وتحسينها.
وتحدّث حمود، في كانون الثاني 2019، لصحيفة "البعث" التابعة للنظام، عن وجود مشاريع لبناء الطرق سيجري العمل عليها، مخصصة لمحوري شمال جنوب، وجنوب غرب، وسيتم استثمارها وفق مبدأ “BOT”الذي يسمح للشركة المستثمرة بعد استكمال بناء الطريق وتشغيله، أن تستفيد من عائدات التشغيل لمدة متفق عليها، تسلّمهُ بعدها لحكومة النظام.
ويرجّح محللون اقتصاديون أن تشارك شركات روسية أو إيرانية أو صينية في صفقات الاستثمار بما يتعلق بتعزيز الطرق البرية في سوريا، وخاصة بعد الحديث عن إعادة تفعيل طريق الحرير الصيني ومشاريع إيران بمد سكك حديدية تربط طهران بميناء اللاذقية على البحر المتوسط.
الجدوى الاقتصادية وقانون قيصر أبرز التحديات
يرجّح معظم المحللين الاقتصاديين أن تقتصر الجدوى الاقتصادية من فتح الطرق الدولية على حركة النقل بالعبور (الترانزيت)، والذي سبب توقفه ضرراً ليس لسوريا فقط وإنما لكل دول الجوار.
وأوضح جلال سلمي الباحث في العلاقات السياسية والاقتصادية لموقع تلفزيون سوريا بأن تركيا خسرت 35 -40 بالمئة من حجم صادراتها بعد الأزمات في العراق وسوريا، كما انخفض التبادل التجاري بين تركيا وإيران من 22 مليار دولار لعام 2015 إلى 5 مليارات دولار أواخر عام 2019، وذلك نتيجة العقوبات الصارمة على إيران.
ويعتقد سلمي بأن هذا الانكسار يدفع تركيا لأن تفعّل صادراتها إلى المنطقة العربية عن طريق سوريا، وقبل بداية الثورة السورية كانت تمر 30 بالمئة من الصادرات التركية عبر سوريا.
وبيّن سلمي بأن فتح الطرق الدولية أمام الشاحنات التجارية، سيساهم في زيادة فعالية الحركة التجارية والترانزيت، كونه سيخفف الأعباء والتكاليف الباهظة في طرق الشحن المعمول بها حالياً. حيث تضطر الشحنات التجارية للوصول إلى ميناء مرسين ومن ثم إلى قناة السويس في مصر وتتجه إما إلى ميناء العقبة في الأردن أو نحو مضيق هرمز وصولاً إلى الخليج العربي أو ميناء دبي.
ويستبعد الدكتور أسامة القاضي الخبير الاقتصادي ورئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، أن تعود الحركة التجارية عبر سوريا دون أن يكون هنالك حل سياسي وتوافق دولي كامل حول سوريا، مشيراً إلى إمكانية أن تشهد المنطقة في المستقبل القريب تبادلاً تجارياً في الحد الأدنى لا تستفيد منه تركيا كثيراً وإنما سيستفيد منه الطرف السوري المسيطر على المعابر أكثر.
وأضاف القاضي في حديثه لموقع تلفزيون سوريا بأن التبادل التجاري يمكن أن يتم بين التجار الأتراك ومؤسسات فردية سورية ليس للنظام علاقة بها، لأن قانون قيصر يحد من التعامل مع النظام فيما يتعلق بالطاقة وإعادة الإعمار والبناء، مؤكداً أن أي عقد مع حكومة النظام في سوريا سيندرج تحت عقوبات قيصر.
هل ستستفيد المعارضة؟
وفي رده على سؤال موقع تلفزيون سوريا حول إمكانية أن تستفيد الحكومة المؤقتة من سيناريو فتح الطرق الدولي كون الجيش الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع فيها يسيطر على أجزاء من الطريقين M4 و M5؛ شدّد عبد المجيد بركات على أن الموقف الرسمي للمعارضة السورية هو مقاطعة النظام حتى اقتصادياً.
ومن غير المستبعد أن تعمل تركيا في حال عادت الحركة التجارية عبر سوريا، بطريقة تعود بالفائدة على حلفائها المحليين كما هو الحال في كردستان العراق حيث تمر منها كل الصادرات التركية. حيث سجّل البلدان تبادلاً تجارياً تراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار، بحسب ما كشف عنه سفين دزيي، المتحدث باسم حكومة إقليم كُردستان في تموز من العام الفائت، مشيراً إلى استمرار الجهود بين الحكومتين لرفع ذلك إلى 20 مليار دولار.
وتابع بركات "نحن في الائتلاف كجهة تشرف على عمل الحكومة المؤقتة والأذرع الخدمية في الداخل السوري، حذّرنا من أن يكون هنالك علاقة تجارية مع النظام".
واستدرك بركات "في حال حصلت اتفاقات دولية بين تركيا وروسيا حول الحركة التجارية، وهو أمر مستبعد حالياً، فستقتصر على حركة الترانزيت وربما سيكون في فترة لاحقة آلية رقابة من قبل الحكومة المؤقتة على هذه الحركة، وأيضاً رقابة دولية لضمان ألا تستغل هذه الخطوة للالتفاف على قانون قيصر"، موضحاً أنه لا مشكلة ضمن بنود القانون من دخول المواد الطبية والغذائية والمساعدات الإنسانية.
ويرى المستشار الاقتصادي التركي جلال بكار، أن طبيعة التدخل التركي في سوريا مخالفة للتدخل الروسي والإيراني، فإلى جانب الأهداف الاستراتيجية لأنقرة إلا أنها تعطي "قيمة مضافة" في الداخل السوري.
وتابع بكار في حديثه لموقع تلفزيون سوريا "عملت تركيا عملت على استقرار المنطقة عسكرياً في بداية الأمر وفرضت نفسها كلاعب أساسي لا بديل عنه في المنطقة ومع ارتفاع حائط الحذر العسكري والسياسي في المنطقة، استطاعت تركيا أن تقيم استقراراً ولو بشكل مبدئي، وهذا الاستقرار هو الجزء الأساسي في بناء أَي منظومة اقتصادية.
وشدّد المتحدث باسم الجيش الوطني السوري الرائد يوسف حمود على أن "قضية الجيش الوطني أبعد من الطرق الدولية ولا تنازل عن مطلب إسقاط النظام، ونعتبر أن روسيا دولة محتلة لا يمكن أن تتشكل معها أي علاقة حتى لو كانت اقتصادية".
وأشار الرائد حمود في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أن جزءاً كبيراً من الطريق الدولي M4 يقع تحت السيطرة الأميركية وأضاف "شاهدنا الصراع الناعم الروسي الأميركي شرقي الفرات عبر حواجز الجيش الأميركي ومطاردة الدوريات الروسية في الحسكة، فواشنطن لن تسمح لروسيا بلاوصول إلى العراق ومن ثم الخليج العربي عبر معابر اليعربية وغيرها".
وأوضح حمود بأن روسيا تركّز حالياً على الجزء الإدلبي من الطريق M4 لغايات سياسية وعسكرية وأمنية بعيدة عن الغايات الاقتصادية، لأن سيطرتها على الطريق الدولي M5 كاملاً لم يحقق لها فائدة مرجوة اقتصادياً حتى الآن، وتبقى النوايا الروسية الحقيقية وراء كل هذه الرهانات على أن تعيد كل المناطق إلى سيطرة حليفها الأسد وفرض شروط الحل السياسي وفقاً لطريقتها.