icon
التغطية الحية

استبدال قسائم مالية بالسلل الغذائية.. هل هو تحسب لإغلاق باب الهوى أم حالة مؤقتة؟

2022.03.31 | 06:34 دمشق

imageonline-co-logoadded_13.jpg
إدلب - فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

توقف مؤخراً عدد من المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري عن تقديم السلة الغذائية الإغاثية للمحتاجين، واستبدلت قسيمة مالية بها تمكن المستفيد من شراء حاجياته من مراكز تسوق محددة تختارها المنظمة المسؤولة عن مشروع القسيمة التي تعرف بـ" قسيمة المول".

ويرى خبراء ومطلعون على سير العملية الإغاثية أن هذه الخطوة تمهد لنمط جديد من إيصال المساعدات للمحتاجين السوريين المهددين بإغلاق معبر باب الهوى في حال قررت روسيا استخدام الفيتو لإنهاء آلية المساعدات عبر الحدود، في حين يرى آخرون أنها آلية مؤقتة للتعامل مع التأثيرات الاقتصادية للحرب الأوكرانية على تركيا وتصدير المواد الغذائية.

وينظر المستفيدون من المساعدات الإنسانية لهذه الخطوة التي كان لها انعكاسات على السوق المحلية، بآراء مختلفة، حيث يعتبر قسم من المستفيدين أنهم الخاسر الأكبر في هذه العملية، التي طالبوا بتطبيقها منذ زمن، لكنها جاءت في التوقيت الخاطئ من وجهة نظرهم، كما أثر قرار الاستبدال على شريحة واسعة من محدودي الدخل غير المستفيدين من المساعدات الإنسانية في الشمال السوري.

يناقش موقع تلفزيون سوريا في هذا التقرير انعكاسات الاستبدال من وجهة نظر المنظمات الإنسانية ووجهة نظر المستفيدين وانعكاساته على السوق المحلية.

الاستبدال من وجهة نظر المنظمات الإنسانية

للمنظمات الإنسانية وجهة نظر في تفضيل مشروع القسائم حالياً رغم أنها عملت على مدار عقد كامل على توزيع السلال الغذائية ولم تفكر باستبدالها مطلقاً، وأبرز النقاط التي ارتكزت عليها المنظمات الإنسانية في تبرير آلية الاستبدال تتلخص فيما يلي:

  • آلية القسائم تمنح الحرية للمستفيدين باختيار السلع التي يحتاجونها وشرائها من البائعين المتاحين وبالكميات التي يرغبون في صرفها ضمن فترات متقطعة، مما يحفظ كرامة المستفيدين عند تلبية احتياجاتهم الإنسانية الرئيسية.
  • توفير المصاريف اللوجيستية المترتبة على شحن وتخزين وتوزيع السلال.
  • محتويات السلة الغذائية باتت روتينية بالنسبة للمستفيدين لكونها تتوزع بشكل شهري دوري مما بات يدفع كثيرا منهم لبيع أصناف لا يحتاجونها من محتويات السلة الغذائية لشراء مواد غذائية أخرى تحتاجها الأسرة فكانت الرغبة في إتاحة المجال أمام المستفيدين لشراء ما يحتاجونه بحرية أكبر.
  • السلة الغذائية صممت لتلبي الاحتياجات الغذائية الأساسية للأسرة لمدة شهر كامل، لكن ما يترتب على السلة الغذائية من تكاليف كبيرة من جراء الاستيراد والشحن والتخزين والتوزيع يؤدي لاقتطاع جزء من المبلغ المخصص للسلة كمصاريف لوجيستية، وأن عملية توزيع المبالغ المالية أو قسائم المول تعتبر أفضل للمستفيد لأن المستفيد يحصل على كامل قيمة القسيمة التي لا يقتطع منها مصاريف لوجيستية، وتكمن مصلحة المستفيد فيها.

خاطب موقع تلفزيون سوريا عددا من المنظمات الإنسانية التي عملت على استبدال قسيمة المول بالسلة الغذائية وأجمعت تبريراتها على الأسباب التي سبق ذكرها، كما أكدت تلك المنظمات على دراستها لحاجات المستفيدين قبل اتخاذ خطوة الاستبدال الأخيرة، بعد رفع المقترح لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا "OCHA" والموافقة عليه.

تحضيرات لمواجهة فيتو روسي محتمل

إلا أن مصادر مطلعة قالت لموقع تلفزيون سوريا إن قرار الاستبدال نابع من وجهة نظر الجهات الدولية المانحة، وهو متعلق بسعيها لضمان استمرارية إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها في شمال غربي سوريا في حال إغلاق معبر باب الهوى آخر المعابر الحدودية التي تستخدم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر آلية عبور المساعدات عبر الحدود المعمول بها منذ عام 2014 وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2156.

في حين تحدثت مصادر أخرى لموقع تلفزيون سوريا أن قرار الاستبدال سُرعت وتيرته بسبب صعوبة تأمين بعض محتويات السلة الغذائية بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وسعي تركيا البلد الذي يتم تعبئة السلال الغذائية الواصلة إلى شمال سوريا فيه كالزيت النباتي والطحين والبرغل بسبب ارتفاع أسعارها وسعي تركيا للمحافظة على هذه المواد في أسواقها المحلية.

للبحث وراء السبب الرئيس لاتخاذ خطوة الاستبدال وآلية الاستبدال راسل موقع تلفزيون سوريا مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي جان سوفانتو عبر الإيميل، لكنه لم يلقَ أيَّ رد.

المستفيدون: الخطوة جاءت في الوقت الخطأ ونحن نخسر دوماً

رصد موقع تلفزيون سوريا آراء عدد من سكان مخيمات الشمال السوري وتحديداً من الفئة التي كانت تستفيد من السلال الغذائية ثم تحولت إلى قسائم المول، حيث لُخصت الآراء المستطلعة بخيبة الأمل من اعتماد آلية الاستبدال في الوقت الحالي، حيث أفاد النازحون بأن الاستبدال كان مطلبهم منذ سنوات، لكنه في الوقت الحالي تحول إلى مشكلة إضافية لهم لعدة أسباب تتمثل في النقاط التالية:

  • انخفاض القيمة الشرائية للمبلغ الممنوح ضمن قسيمة المول، حيث تمنح معظم المنظمات الإنسانية مبلغ 60 دولارا أميركيا للأسرة الواحدة.
  • ارتفاع الأسعار في المحال التجارية التي تتعاقد معها المنظمات الإنسانية لصرف قسائم المول مقارنة بباقي المحال التجارية، وحصر صرف القسيمة في محال معينة يتسبب بخسارتهم قرابة العشرة دولارات عند صرف كل قسيمة.
  • فقدان كثير من الأصناف من المحال التجارية المخصصة لصرف القسائم بعد اليوم الأول من بدء عملية الصرف، وإجبار المستفيدين من القسائم على شراء سلع لا يحتاجونها بشكل رئيسي بأسعار مرتفعة أو بيع القسيمة لأصحاب المحال المخصصة لصرفها بأسعار متدنية لا تتجاوز الـ 50 دولاراً.
  • شكك بعض النازحين الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا بأن حصر صرف القسائم بمحال تجارية محددة يوحي بتعاون ربحي بين هذه المحال ومسؤولين في منظمات إنسانية، ما ينعكس سلباً على القيمة الشرائية للقسيمة.

محدودو الدخل غير المستفيدين من المساعدات تضرروا أيضاً

لم يقف الأمر عند خسائر النازحين وشكايتهم من ارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للقسيمة المالية البديلة عن السلة الغذائية بل تعداهم ليشمل شريحة واسعة من محدودي الدخل في الشمال السوري، حيث كان يعتمد كثير منهم على شراء المواد الغذائية الإغاثية التي يضطر النازحون لبيعها في السوق السوداء لشراء مواد غذائية وحاجيات أخرى لأسرهم، حيث كانت تباع المواد الغذائية الإغاثية بسعر أقل من مثيلاتها من المواد الغذائية في السوق المحلية وذلك لأنها تحمل لصاقات وعبارات تدل على أنها مواد إغاثية فالنظرة العامة لهذه المواد أن جودتها أدنى من غيرها لكونها لا تحمل أسماء ماركات معروفة كالزيوت والبقوليات الأمر الذي أدى لانخفاض أسعارها وإقبال محدودي الدخل فقط على شرائها، وتضرر هؤلاء بانقطاع هذه المواد الغذائية الإغاثية، وزيادة الطلب على المواد الغذائية غير الإغاثية وارتفاع أسعارها الكبير في اسواق الشمال السوري.

وتعتبر السلة الغذائية الإغاثية المصدر الرئيس لملايين النازحين والمهجرين قسراً في مخيمات الشمال السوري البالغ عددها أكثر من 1300 مخيم.

وكان مجلس الأمن قد جدد في تموز الفائت تفويض نقل المساعدات "لمدة ستة أشهر حتى 10 كانون الثاني 2022 عبر معبر باب الهوى، وتمديده لستة أشهر إضافية حتى 10 تموز 2022، بشرط تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا حول شفافية العمليات والتقدم المُحرز في إيصال المساعدات عبر الحدود وعبر الخطوط، ومدى الاستجابة للحاجات الإنسانية.