ظهرت الخلافات التركية – الروسية مجدداً بعد تفجير إسطنبول، الأسبوع الفائت، الذي دفع تركيا إلى تنفيذ ضربات جويّة ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"حزب العمال الكردستاني" في سوريا والعراق، عبر عملية أطلقت عليها "المخلب_السيف".
وتتالت التصريحات التركية عقب عملية "المخلب-السيف" التي انطلقت، مساء السبت الفائت، وكان آخرها تلك التصريحات، تعليق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على العملية العسكرية قائلاً: إنّ "روسيا لم تلتزم باتفاقية سوتشي بشأن إخراج الإرهابيين من المنطقة".
روسيا تعلّق على عملية "المخلب_السيف"
قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إنّ روسيا تؤيّد دائماً "الحلول التفاوضية"، في ما يتعلق بالعملية الجوية التركية "المخلب-السيف" شمالي سوريا والعراق.
وبحسب وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"، أمس الأحد، أوضح "بوغدانوف" أن "موسكو تفضل دائماً المفاوضات في ما يتعلق بهذا الأمر، وتؤيد وجود اتصالات أكثر بين جميع البلدان المشاركة في جهود التسوية، خاصة مع الجانب التركي".
— تلفزيون سوريا (@syr_television) November 20, 2022
الخلافات الروسية – التركية طفت على السطح من جديد وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت أنقرة قد أبلغت موسكو بشأن عمليتها قال "بوغدانوف" إن تركيا "تخطط للعملية منذ فترة طويلة وتتحدث عنها"، من دون تأكيد إبلاغها بالعملية، مشدّداً على "ضرورة إيجاد حل سياسي والتحدّث على أساس مقبول للجميع، مع الأخذ في الاعتبار أن الأهم هو الاعتراف المتبادل بالسيادة والسلامة الإقليمية بين سوريا وتركيا".
وبالتزامن مع التصريحات التركية-الروسية، كشف المتحدث باسم وفد المعارضة السورية المشارك في اجتماعات أستانا أيمن العاسمي أن "الجولة 19، الثلاثاء والأربعاء المقبلين، ستناقش مستقبل عمل اللجنة الدستورية ومصير منطقتي تل رفعت ومنبج التي تسيطر عليهما قسد، شمالي سوريا.
وقال "العاسمي" في تصريحات صحفية إن "مسار أستانا أهميته للسوريين بنفس أهميته لـ تركيا أيضاً، لهم أهداف في هذا المسار والكل يسعى إلى تحقيقها، تركيا حقّقت قسماً كبيراً مما هدفت له وهو إبعاد الإرهاب عن أراضيها وهو حقها وحق أي دولة".
أهم المواقع التي استهدفها القصف التركي؟
القصف الجوي التركي، استهدف بحسب وسائل إعلام مقربة من الإدارة الذاتية، مدينة عين العرب (كوباني)، وتحديداً طريق جرابلس في الطرف الغربي وتلة مشتنور في الطرف الجنوبي للمدينة، إضافةً إلى منطقة "كانيا كوردا" وقرية "حلنج" شرقي عين العرب.
كذلك قصفت الطائرات التركية قريتي "بيلونية وشيخ عيسى" في ريف تل رفعت، وقلعة شوارغة قرب عفرين شمال غربي حلب، وصومعة ضهر العرب شمال شرقي ناحية "زركان" في ريف الحسكة، ما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً على الأقلّ، ستة منهم ينتمون إلى "قسد"، وستة لقوات النظام السوري، في حين قالت وكالة "نورث برس" إن 10 عناصر من قوات النظام قتلوا وأصيب آخرون، بغارات تركية استهدفت قرية الشوارغة شمالي حلب.
— Levent Kemal (@leventkemaI) November 19, 2022
الباحث في الأمن والسياسات بـ"مركز جسور للدراسات الاستراتيجية" فراس فحام قال لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ المواقع التي استهدفتها الضربات التركية في سوريا، مكوّنة من غرف عمليات ومستودعات أسلحة في ريفي حلب والحسكة، وبعض تلك المواقع فيها انتشار عسكري مشترك لـ"قسد" والنظام السوري.
"قسد" ترد على القصف التركي
قتل وجرح عدد من الأشخاص، ظهر اليوم الإثنين، بقصفٍ متجدّد لـ"قسد"، على مدينة قرقميش - الحدودية مع سوريا - جنوبي تركيا.
وكذلك أمس، لم يتأخر رد "قسد" على الغارات الجوية التركية التي استهدفت مواقعها في سوريا، إذ قصفت من مناطق سيطرتها في مدينة تل رفعت، قاعدة عسكرية تركية في ولاية كلّس الحدودية جنوبي تركيا.
وكانت "قسد" - بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز" - قد توّعدت بالرد على سلسلة غارات شنتها طائرات حربية تركية طالت أهدافاً مشتركة لـ"قسد" والنظام السوري، في شمال شرقي سوريا، قائلةً: إن "الهجمات التي شنتها القوات التركية لن تمر دون رد".
بالتزامن مع القصف الصاروخي لـ"قسد" على الأراضي التركية أرسلت قوات النظام السوري، اليوم الإثنين، تعزيزات عسكرية إلى مدينة عيسى شمالي الرقة، ووفق مصادر محلية فإن التعزيزات شملت رتلاً عسكرياً من "الفرقة 17" تحرّك من منطقة "تل السمن".
بحسب "فحام" فإن رد "قسد" هو "إشعار منها بأنها قادرة على أن ترفع التكلفة على تركيا في حال فكّرت بأن تستمر في هذه العمليات العسكرية وعمليات القصف الجوي، وخلق حالة من التوازن".
وحول المواجهة قال "فحام" إن التنظيمات الإرهابية تدرك بأنها غير قادرة على مواجهة الدول وجيوشها، خاصة إن كانت جيوشاً تمتلك تقنيات متقدمة، فلذلك تلجأ إلى عمليات صاروخية بعيدة المدى وعمليات تفجير في التجمعات السكانية لرفع التكلفة أو إيلام الطرف الآخر من أجل تأليب الرأي الشعبي، وإحراج الحكومة التركية مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية"، أو يمكن تسميته بالخيار الوحيد الذي تمتلكه "قسد".
استراتيجية "قسد" و "PKK" في عمليات التفجير
نفت "قسد" و"حزب العمال الكردستاني" عبر بيانات منفصلة، علاقتهم بتفجير شارع الاستقلال في مدينة إسطنبول، ورغم تأكيد الحكومة التركية في تحقيقاتها ضلوع "الحزب" بالتفجير، تبقى - بحسب "فحام" - رواية الحزب مشكوك فيها، باعتبار أنّ "طريقة تنفيذ العملية تتسق مع النهج أو الأسلوب الذي اتبعته قسد في كثير من العمليات التفجيرية شمالي سوريا، إذ باتت تلجأ إلى إغراء بعض الناس العاديين بالأموال، لتنفيذ عملياتها".
ويرى "فحام" أن "قسد" لا تلجأ إلى كوادر تابعين لها في تنفيذ مثل هذه العمليات، وبالتالي الأسلوب المتبع في العملية الإرهابية في إسطنبول تتناسق مع حقيقة مع أسلوب "قسد".
تلويح بعملية عسكرية برية تركية في سوريا
"من غير الوارد أن تقتصر المخلب–السيف" على عملية جوية فقط، التعليق التركي على العملية العسكرية يحمل بين سطوره نية تركيا شنّ عملية عسكرية برية، والتعليق هنا جاء على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكّد أن بلاده ستتخذ القرار والخطوة بشأن حجم القوات البرية التي ستشارك برياً في العملية العسكرية.
سلاح الجو التركي نفّذ ما لا يقل عن 44 غارة جوية بعمق 20كلم داخل الأراضي السورية، استهدفت النقاط المشتركة لـ"وحدات حماية الشعب" (المكّون الأساسي لـ"قسد") والنظام السوري، ووفقًا للتقارير الأولية التي أعلن عنها خلوصي أكار وزير الدفاع التركي كانت نتائجها تدمير 89 موقعاً وجرح وقتل عدد من عناصر "PKK" بينهم قيادات في جبال قنديل وآسوس وهاكورك شمالي العراق، وعين العرب وتل رفعت والمالكية والجزيرة شمالي سوريا".
وجاءت العملية ردّاً على التفجير الذي وقع في شارع تقسيم بمدينة إسطنبول غربي تركيا، ونفذته -وفق بيانات رسمية تركية- شبكة تابعة لـ"PKK"، حيث أودى التفجير بحياة 6 أشخاص وإصابة 81 آخرين، بينهم أطفال.