أكدت أوساط سياسية أن التحضير جارٍ خلال الفترة المقبلة لعقد اجتماع رباعي، سوري ولبناني وأردني ومصري، لبحث سبل استجرار الغاز المصري إلى لبنان.
ونقلت صحيفة "الديار"، المقرّبة من "حزب الله"، عن مصادر سياسية سورية ولبنانية، أن مدير الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، يعمل مع الجانب السوري وبالتنسيق مع سفير حكومة النظام في بيروت، علي عبد الكريم علي، على تحديد موعد المؤتمر الرباعي.
وأشارت المصادر إلى أنه من المتوقع أن يعقد خلال أيام قليلة عقب اجتماع الوفد الوزاري اللبناني بالجانب السوري في دمشق، مضيفة أن الجانب السوري يعقد اجتماعات مع الجانب الأردني وينسق مع الجانب المصري بشأن استجرار الغاز.
ووفق المصادر السياسية، فإن حكومة النظام "ستبقى إيجابية مع لبنان، وإن نية المساعدة موجودة بشأن تأمين الكهرباء لولا نقص الفيول والحصار"، مؤكداً رفض النظام فكرة التفاوض مع الأميركيين في ملف العقوبات، في ظل الحديث عن وجود إذن أمريكي يسمح باستجرار الغاز إلى لبنان عبر سوريا.
وفي 19 من آب الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية أن الولايات المتحدة الأميركية وافقت على مساعدة لبنان على توفير الكهرباء عبر تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان.
وسيتم توفير الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية في لبنان من الأردن عبر سوريا عن طريق خط الغاز المصري، كما ستوفر الخطة الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن لتوليده إلى كهرباء إضافية يمكن نقلها إلى لبنان عبر سوريا.
وبحسب مصادر "الديار"، تحتاج مصر إلى نحو شهر حتى تتمكن من تزويد لبنان بحاجته من الغاز لأسباب تقنية تتعلق بجداول الإنتاج والبيع.
هل يخضع استجرار الغاز عبر سوريا لعقوبات "قيصر"؟
في سياق ذلك، قال السيناتور الديمقراطي، كريستوفر مورفي، خلال زيارته إلى لبنان، أول أمس الأربعاء، برفقة وفد من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، إن أي وقود يجري نقله عبر سوريا سيكون خاضعاً للعقوبات الأمريكية، ولكن واشنطن تبحث عن طريقة لإنجاز ذلك دون عقوبات.
في حين أشار السيناتور كريستوفر فان هولاند إلى أن "التعقيد كما تعلمون هو النقل عبر سوريا، نبحث عن سبل لمعالجة الأمر رغم قانون قيصر".
وطلب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من الوفد أن تكون هناك استثناءات تضمن حرية حركة الاستيراد والتصدير عبر الحدود البرية مع سوريا.
وأعلنت السفارة الأميركية في لبنان عن نية الإدارة الأميركية استثناء كل ما يتعلق باستجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان من مفاعيل قانون قيصر، إلا أنه لم يتم حتى اليوم تثبيت هذا الاستثناء.
وبحسب بيان الرئاسة اللبنانية فإن المفاوضات ما تزال مستمرة مع البنك الدولي لتمويل كلفة الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز.
أزمة المحروقات والكهرباء في لبنان
برز ملف الغاز المصري أول مرة منتصف تموز الفائت، عندما كتب سعد الحريري تغريدة على حسابه في "تويتر" قال فيها: "ذهبت إلى مصر لاستجرار الغاز المصري عبر سوريا واستطاع الأردنيون إقناع الأمريكيين بهذا الأمر.. #الله_يعين_البلد".
ولاحقا أوضح رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سعد الحريري، في مقابلة تلفزيونية أن الغرض من زيارته الأخيرة إلى مصر، في الـ 14 من تموز الفائت، ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هو الحصول على الغاز المصري في سبيل توفير نحو 50 أو 60 % من كلفة المحروقات في لبنان.
وقال الحريري حينها إنه تواصل مع الأردن وطلب منه إقناع الأميركيين بالموافقة على وصول الغاز المصري للبنان عبر الأردن وسوريا.
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية، شحّاً في مادة الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء، وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
كما يواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما يجبر معظم المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات الخاصة، التي تعوض نقص إمدادات الدولة.
وتراجعت تدريجياً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين.