استعاد الفيلق الثالث العامل في الجيش الوطني السوري يوم أمس الثلاثاء عدداً من مقاره في بلدتي كفرجنة وقطمة بريف حلب الشمالي، بعد أسابيع من خسارتها لحساب "هيئة تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها، كفرقتي "الحمزة"، و"السلطان سليمان شاه".
وعاد الفيلق الثالث إلى مقاره بموجب اتفاق أبرمه مع الجانب التركي، عبر المجلس العسكري الاستشاري، المؤلف من وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وقادة فيالق الجيش الوطني السوري.
اتفاق يستفز "تحرير الشام"
بدأت آليات "الفيلق الثالث" بالدخول إلى بلدتي كفرجنة وقطمة مساء يوم أمس، بالتزامن مع بدء الإعلام الموالي لـ "هيئة تحرير الشام" حملة إعلامية على الفيلق، تتهمه بخرق الاتفاقيات السابقة.
وقال مصدر في الفيلق الثالث، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، إن عودتهم إلى المقار داخل كفرجنة وقطمة تمت بالاتفاق والترتيب مع الجانب التركي فقط، دون أن يكون لـ "هيئة تحرير الشام" أي دور في الملف.
وأضاف المصدر أن الاتفاق مع الجانب التركي استفز هيئة تحرير الشام، ودفعها لاستنفار قواتها في مدينة عفرين، بالتعاون مع فرقة "السلطان سليمان شاه"، في محاولة لإفشال الاتفاق.
وتذرعت "تحرير الشام" بعدة أمور في محاولة لعرقلة تنفيذ الاتفاق، منها اتهام الفيلق الثالث باستفزاز قواتها، من خلال رفع علم الثورة السورية على "الحاجز الرباعي" وسط بلدة كفرجنة، ونشر فيديوهات للفيلق على نطاق واسع من داخل البلدة، وهو أمر يظهر الهيئة بموقف ضعيف أمام عناصرها.
ومما أثار غضب "تحرير الشام" دخول قادة من الفيلق الثالث إلى كفرجنة وقطمة، ممن يعتبرون بالنسبة لها "غير مرغوب بهم"، مثل علاء سقار الملقب "أبو الحسنين"، وجمعة الجبلي.
انتشار يعقبه انسحاب لـ "تحرير الشام"
نشرت "هيئة تحرير الشام" في الليلة الماضية عناصر لها على "الحاجز الرباعي" في بلدة كفرجنة، وسط تدقيق كبير على البطاقات الشخصية للمارة، سواءً كانوا عسكريين أو مدنيين.
وتزامن ذلك مع نشر الجيش التركي قوات له على طريق "كفرجنة - عفرين" لمنع قوات "هيئة تحرير الشام" أو الفصائل المتعاونة معها من التقدم باتجاه كفرجنة.
وبحسب المصدر، فإن الاتفاق على عودة الفيلق الثالث إلى مقاره محسوم مع الجانب التركي، ولا تسطيع "تحرير الشام" إفشاله عبر حشودها العسكرية، معتبراً أن استنفار الهيئة يهدف إلى "حفظ ماء وجه قيادة تحرير الشام أمام عناصرها، لكونها سترضخ لأوامر الجانب التركي، رغم خسارتها عشرات العناصر خلال المعارك مع الفيلق الثالث في محيط كفرجنة في شهر كانون الأول الماضي"، حسب وصفه.
ولفت المصدر إلى أن الفيلق الثالث ثبّت وجوده داخل مقاره التي عاد إليها، مؤكداً أن الجانب التركي حذّر تحرير الشام من أي تصعيد، كما أنه أجبر عناصر الهيئة على إخلاء الحاجز الرباعي في كفرجنة، والانسحاب باتجاه مدينة عفرين.
المواجهات بريف حلب
وتأتي هذه الأحداث امتداداً للاقتتال الذي بدأ بين "الفيلق الثالث" من جهة، وهيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه وحركة نور الدين الزنكي وأحرار الشام من جهة أخرى، في الريف الشمالي لحلب، في 11 تشرين الأول الماضي، على خلفية هجوم الفيلق الثالث على مقار لـ "فرقة الحمزة" في مدينة الباب بريف حلب، بعد التأكد من تورط قادة في الفرقة بقتل الناشط الإعلامي "محمد عبد اللطيف أبو غنوم" وزوجته.
وتدخلت "تحرير الشام" حينذاك لمؤازرة فرقة الحمزة، وهاجمت - بمساندة فرقة السلطان سليمان شاه (العمشات) - مقار الفيلق الثالث في غصن الزيتون، وبذلك اشتعلت شرارة المواجهات التي استمرت لنحو أسبوع، ثم انتهت بتدخل تركي، أعقبه اجتماع مع فصائل الجيش الوطني في غازي عنتاب التركية لوضع أسس جديدة لإدارة المنطقة.
وتنص مخرجات اجتماع غازي عنتاب على تشكيل مجلس عسكري تحت سقف وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وتسليم الحواجز للشرطة العسكرية، وتسليم جميع المعابر الداخلية إلى جهة يتم تحديدها لاحقاً، وإعادة هيكلة الشرطة العسكرية، وحل كل أمنيات الفصائل وإفراغ سجونها، وعدم التنسيق مع جهات أجنبية إلا من خلال الحكومة المؤقتة، وكف يد المجلس الإسلامي السوري ولجان الصلح عن الفصائل، وإخلاء المدن والمناطق السكنية من القطع العسكرية، وتشكيل مجموعة استشارية من الضباط في وزارة الدفاع.