اتخذت إيران خطوة عملية في سياق التقارب مع الحكومة والجيش السوداني، بعد مضي ثلاثة أشهر على لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع نظيره السوداني علي الصادق في أذربيجان، الذي عبر من خلاله الجانبان عن الرغبة بعودة العلاقات إلى سابق عهدها كما كانت قبل عام 2016، والاستفادة من "فرص التعاون المشترك".
وأفادت مصادر أمنية خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، أن إيران أرسلت قبل أكثر من أسبوعين أول شحنة سلاح لدعم الجيش السوداني في مواجهته مع "قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
قلق سعودي من التحرك الإيراني
وقال مصدر على اتصال مع وزارة الخارجية السودانية لموقع "تلفزيون سوريا"، إن العلاقات بين السودان وإيران بالأصل متينة، وكان هناك تنسيق وتعاون لتسهيل وصول الدعم إلى حركات المقاومة الفلسطينية، لكن السعودية والإمارات اشترطتا على عمر البشير قطع العلاقات مع إيران مقابل العمل على رفع العقوبات المفروضة على السودان، ولذلك التزمت الخرطوم بموقف الرياض عام 2016 المتمثل بقطع العلاقات مع إيران إثر اقتحام السفارة السعودية في ظهران.
وأشار المصدر إلى وجود تغيرات في موقف الحكومة السودانية تجاه العلاقات مع إيران، خاصة بعد تقديم الإمارات الدعم لـ"قوات التدخل السريع" التي تحارب الجيش السوداني، وعدم اتخاذ السعودية موقفاً واضحاً والاكتفاء بمحاولة لعب دور الوساطة دون دعم الجيش الرسمي.
ولم يستبعد المصدر أن تتجه الحكومة والجيش مستقبلاً للاستعانة بروسيا أيضاً، في إطار البحث عن داعمين دوليين أقوياء.
وأكدت مصادر دبلوماسية عربية، أن السعودية تشعر بالقلق تجاه تحركات إيران الأخيرة، وأبلغت طهران باعتراضها على إرسال السلاح إلى الجيش السوداني، اعتبرت الخطوة تزيد من تأجيج النزاع، وتهدد جهود الوساطة السعودية، لكن طهران بررت موقفها بالاستجابة لطلب رسمي قدمته قيادة الجيش السوداني لها.
وفي حال تمكنت إيران من تأسيس نفوذ في السودان، ستعزز من وجودها في منطقة البحر الأحمر وعلى مقربة من مضيق باب المندب ممر العبور المهم لنسبة كبيرة من إمدادات النفط العالمية.
ويتزامن تقديم الدعم الإيراني للجيش السوداني، مع مساعٍ حقيقية من طهران لاستعادة العلاقات مع مصر أيضاً.
"حزب الله" يجند مقاتلين من سوريا للقتال في السودان
أفادت مصادر أمنية لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "حزب الله" اللبناني بات ينشط في الفعل بالحرب الأهلية في السودان لصالح الجيش السوداني، حيث يقوم مستشارون من الحزب بتأهيل قوات الجيش على حرب العصابات.
وأوضحت المصادر أن الحزب استقدم العشرات من المقاتلين الذين جندهم من سوريا إلى السودان من أجل الاستعانة بهم عند الضرورة.
ومن المتوقع أن يؤدي سلوك "حزب الله" الأخير إلى المزيد من تعقيد الأمور بين السعودية وإيران، حيث سعت الرياض منذ استعادة العلاقات مع طهران بموجب الوساطة الصينية، للضغط على طهران من أجل انسحاب قوات "حزب الله" من اليمن وسوريا، وتحولها إلى مكون لبناني على غرار باقي القوى، والكف عن الانخراط في نزاعات تضر بالأمن القومي السعودي.
وبدلاً من استجابة "حزب الله" وسحب مستشاريه العسكريين من اليمن، الذين يقدمون الدعم لجماعة "أنصار الله" الحوثية، سعى إلى التمدد أكثر في منطقة البحر الأحمر وزج بمستشاريه في الحرب السودانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة التقدم في ملفات أخرى خاصة سوريا، إذ أن التطبيع السعودي مع النظام السوري طفا على السطح إثر التقارب بين طهران والرياض، وكان من المفترض أن تتطور العلاقة بين الجانب السعودي والنظام إلى مستوى استعادة التمثيل الدبلوماسي المتبادل.