لم تكن المرأة غائبة عن المشهد السوري منذ اندلاع الثورة في سوريا، لكنها لا تزال عصية على امتلاك مفاتيح حقوق التطبيع في التمثيل السياسي حتى مع مرور عشر سنوات على الحرب، لكنها ما زالت تحاول رغم العوائق والتحديات.
المجتمع السوري أحد التحديات
"المرأة غير قادرة على تحمل عبء العمل السياسي، وهذه من الأسباب التي يمكن إدراجها ضمن الثقافة السائدة بالمجتمع السوري"، بهذه الكلمات عبرت المحامية والعضو في "الهيئة السياسية في محافظة إدلب"، نصرة الأعرج لموقع تلفزيون سوريا عن أهم التحديات التي تواجهها المرأة في العملية السياسية.
وأضافت الأعرج أنه بالرغم من دخول المرأة السورية الساحة السياسية فإن الأمر يأخذ الطابع الشكلي فقط للعديد منهن.
وأرجعت ذلك إلى أن "مجتمعاتنا بشكل عام لا تؤمن كثيرا بالأدوار الإنمائية والإنتاجية للمرأة، بل تحصرها في الدور الإنجابي، والاجتماعي والتربوي في دائرة الأسرة المحلية بل والعربية أو العالمية حتى نكون منصفين وتزداد القضية تعقيدا حينما نعلم أن هذه الدول تتخطى وتتجاوز نصوص الدساتير التي سنتها وصدقت عليها في مسألة مساواة المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وتتجاهل أدوار المرأة المتزايدة و المتعاظمة".
وترى الأعرج أن المشكلة لا تكمن فقط في وجود قوانين أو التصديق على توصيات ومعاهدات دولية. بل المشكلة الأكبر تكمن في أنماط السلوك التقليدية والعقلية التقليدية السائدة والمسيطرة على البنيات الاجتماعية والتي تعتبر حتى الحديث عن موضوع وضعية المرأة وحقوق المرأة من الأمور التي لا تستحق الدراسة أو حتى الحديث، وفق قولها.
وتتابع "تبقى الإجراءات المنصوص عليها دستوريا أو قانونيا أو عرفيا كالمناصفة والتي تهدف إلى وجود تمثيلية حقيقية للنساء ليست هدفا في حد ذاتها بقدر ما هي وسيلة من أجل إتاحة الفرصة للمرأة لتولي مراكز القرار".
عوائق تحول دون المشاركة الفعلية
أما عن عوائق المشاركة السياسية فقالت الأعوج إنها متعددة ومرتبطة من جهة بالمجتمع نفسه،
ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية بالداخل ويظهر ضعف مشاركة المرأة في ضعف تمثيلها في الهيئات السياسية والحكومة والبرلمان والنقابات والأحزاب، وهو ما يجب العمل عليه.
ومع ذلك هناك عوامل عديدة تقف أمام وجود المشاركة الفعلية للمرأة منها التنشئة الاجتماعية والسياسية والتي عدت المرأة دائما وأبدا بأنها غير قادرة على اتخاذ القرارات المهمة أو الخوض في غمار السياسة، بحسب الأعوج، التي أضافت "كما أن أغلب الأحزاب السياسية لا تؤمن بالدور الحقيقي لها وبالتالي في توليها لمراكز القيادة لديها وتبقى أمينات الأحزاب أو رئيسات الأحزاب معدودة على رؤوس الأصابع".
الصورة النمطية للمرأة
وتعتقد الأعوج أنه وبرغم تغير الأوضاع نسبيا اليوم بالنسبة لبعض الأحزاب السياسية، فإن تولي المناصب السياسية ما زال يحكمه مبدأ الوساطة ويكون الاختيار من النخب المقربة لقيادات الأحزاب غالبا.
ومن جانب آخر، هو الصورة النمطية للمرأة داخل المجتمع السوري بشكل خاص لا تقتصر على موقف الرجل من المرأة فقط بل نجد أن المرأة نفسها تثق في أداء الرجل السياسي وفي قراراته وبالتالي التصويت له دون المرأة، وفق تعبيرها.
نسبة قليلة .. لكنها الأعلى!
لكن "عضو اللجنة الدستورية في إدلب" هدى سرجاوي، ترى أن الصعوبات تتمثل بالنسبة القليلة لمشاركة المرأة فتجعل من الصعب أن تكون النساء كتلة مؤثرة وضاغطة، فمعظم النساء العاملات في الشأن السياسي مستقلات وهذا له جوانب إيجابية لكن العمل السياسي يعتمد على التحالفات والمحاصصات، وهذا يؤدي إلى التشتت.
ويقدر حجم تمثيل المرأة باللجنة الدستورية بنسبة ٣٠% وهي أعلى نسبة في مؤسسات المعارضة.
أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية في محافظة إدلب
ترى سرجاوي أن من أهم عناصر العملية الديمقراطية مشاركة النساء في الحياة السياسية فهي تعكس طبيعة النظام السياسي والاجتماعي في الدولة وبالتالي فإن ضعف الآليات والقوى الديمقراطية في المجتمع يسهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية ويسهم في تعزيز المشاركة بدفع قضية المرأة إلى أن تصبح قضية اجتماعية عامة وليست قضية على هامش قضايا المجتمع تعنى بها المرأة فقط.
وقالت إن "مشاركة المرأة في صنع القرارات على جميع المستويات تمكن النساء من الحصول على الحقوق وممارستها والمساهمة في إدارة وتوجيه المجتمع. لا سيما أنها قدمت تضحيات عديدة منذ انطلاق الثورة ودفعت الثمن الأكبر".
هل ينعكس دور المرأة إيجابا أم سلبا على المجتمع ؟
تؤكد سرجاوي أن مشاركة المرأة له أثر إيجابي على المجتمع فهي مؤشر على نمو وتعزيز مشاركة المواطن ومعيار لإعادة توزيع علاقات القوة بين الجنسين وتحسين آليات الممارسة الديمقراطية.
وأردفت "وجود المرأة في مراكز القوة والسلطة سيحقق المصالح المرتبطة بها وإبراز قضاياها والدفاع عن حقوقها والتسريع في إعطائها دورا حقيقيا في عملية التنمية للمجتمع بشكل عام. وكل ذلك يعود لما لهذه المراكز من تأثير في حياة المرأة".
لكن هبة بركات الناشطة السياسية في إدلب، ترى أنه لا يمكن وصف دور المرأة على المجتمع بـ الإيجابي أو السلبي، فالأمر لا يتعلق بماهية الدور إنما بمن يمثل هذا الدور، فهناك العديد من النساء السوريات كُنّ المؤثرات، وأبرز دليل على التأثير الإيجابي للمرأة على سبيل المثال، تنوع الأدوار والمناصب التي شغلتها في ظل الثورة السورية عمّا قبلها.
هل أصبح دور المرأة في الحرب ضرورة أم ترقية؟
فيحاء الشواش وهي إعلامية وناشطة سياسية، تقيّم دور المرأة بوصفه ركنا أساسيا في المجتمع فهو يحتمل الضرورة التي لا بد منها، وهو ترقية لدورها في المنطقة على كل الأصعدة.
وتضيف لموقع تلفزيون سوريا "قد أثبتت إمكانياتها في ظل الحرب ولم تستسلم وتغلبت على الظروف المحيطة، ولم تكن الحرب عائقا أمام الترقية على العكس، وكما ذكرت سابقا فقد أثبتت كفاءتها وتنوعت أدوارها في ظل الحرب أكثر مما قبل".
وفيما يتعلق بتدهور الوضع الإنساني وتأثيره على الوضع السياسي، أشارت الشواش إلى خطورة تدهور الوضع الإنساني وعجز المنظمات الإنسانية عن احتوائه بالمعايير الدنيا و هذا يؤثر سلبا بشكل كبير على الممارسة السياسية بل على العكس فهو يساهم في خلق بيئة عنيفة غير مستقرة أمنيا واقتصاديا، وفق قولها.
وعن تحمل المنظمات الإنسانية مسؤولية هذا التدهور، ترى الشواش أن أصل المشكلة سياسي نتج عنه تدهور إنساني، وأنه يجب إيجاد حل سياسي وهذا الحل يخلق استقرارا اقتصاديا و استقرارا أمنيا، وبالتالي يساهم في حل الأزمة الإنسانية.