يشهد الجامع الكبير في مدينة إدلب عمليات ترميم تعد الأكبر منذ تشييده، وذلك بهدف إعادة العبق التاريخي إلى المسجد وإبراز جمال معالمه التي طمستها عمليات الترميم السابقة.
ويقع الجامع الكبير في الحي الشرقي الجنوبي من المدينة ويعد واحداً من أكبر مساجد إدلب حيث تبلغ مساحته دونماً وثلاثون متراً مربعاً.
تاريخ المسجد
انتشرت إشاعات وأقاويل ما يزال يتداولها بعضهم حتى الآن، والتي تقول إن المسجد الكبير كان كنيسة وتستند تلك الشائعات إلى وجود قبر لقديس مدفون فيه، لكن جميع المؤشرات والأبحاث التي أجراها المختصون والمؤرخون تنفي هذه النظرية، لكون المقام خارج المسجد ووجود مقبرة للمسيحيين قرب هذا المسجد.
أيضاً ظهرت إشاعات تفيد بأن المسجد يعود للعهد العثماني وهو في العصر الحديث، لكنها نفيت من قبل المختصين الذين نسبوه للعهد المملوكي الأخير بالاستناد إلى شكل القباب والمئذنة المثمنة التي تنتهي بقبة وليس بمخروط كما هو حال المآذن العثمانية، والتي تشبه أيضاً بشكل كبير مئذنة جامع الأطروش في حلب والذي يعود للعهد المملوكي الأخير.
معالم المسجد تعرضت للطمس
يقول عبد السلام الحمو مسؤول المباني في مركز آثار إدلب إن معالم المسجد طمست خلال عمليات الترميم السابقة وخاصة التي جرت في العهد العثماني وذلك بسبب إكساء الحرم من الداخل بالصبة البيتونية والكلس وأخيرا بالسيراميك في بعض أجزائه، في حين حافظت المئذنة والقباب على شكلها.
ويضيف الحمو بأن الحرم القديم يتكون من مجازين يحتويان على 12 قبة على شكل شفع متجاور في كل مجاز 6 قباب، وفي تسعينيات القرن الماضي أجريت له عملية توسعة وأضيف إليه مجاز ثالث فأصبح عدد القباب 18 قبة.
والمسجد مسجل في سجلات المباني الأثرية لدى المؤسسة العامة للآثار والمتاحف التابعة لوزارة الثقافة، ويعد "الحمو" أن تسجيله الأثري يضمن المحافظة عليه ويمنع اعتداء البناء الحديث على الجامع وحجب الرؤية عنه ومتابعة الأعمال الترميمية الحالية له.
وللمسجد مئذنة مثمنة الشكل يبلغ ارتفاعها 18 متراً تقوم دائرة آثار إدلب على إعداد مجسم ثلاثي الأبعاد للمئذنة لتوثيقها لدى المؤسسات الدولية المعنية بالتاريخ وبناء مجسم المئذنة بهذه التقنية يحتاج إلى أكثر من 800 صورة.
وأوضح إياد المصري مدير أوقاف إدلب أن للترميم أسبابا طبيعية تتمثل بمرور الزمن وما فعله من تغيرات على المسجد وبنائه، وأخرى بشرية تتمثل بالخراب الذي لحق بعض جدران المسجد بسبب تعرضه للقصف من قبل قوات النظام.
يسعى القائمون على عمليات الترميم الحالية لإعادة الروح التاريخية إلى المسجد وذلك بإزالة القشرة الإسمنتية والتعديلات المسيئة إلى شكله، مما يعيد إليه عبقه التاريخي ويبرز حجارته وزخارفه الجميلة والتراثية، ويبرز القباب والأقواس داخله.
واقترحت دائرة آثار إدلب إزالة الشمسية الموضوعة في ساحته وإعادة الفتحة السماوية إليها لتعود للمسجد أجوائه الروحانية.
وتتم أعمال الترميم عبر وزارة الأوقاف والدعوة والإرشاد في "حكومة الإنقاذ" وتحت متابعة وإشراف مديرية المتاحف والآثار ومركز آثار إدلب.