مع تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا، تدرس إسرائيل خيارات زيادة صادراتها من الغاز ونقله إلى أوروبا، في ظل رغبة الولايات المتحدة تقليل اعتماد حلفائها الأوروبيين على الغاز الروسي.
وذكرت مجلة "غلوبس" الاقتصادية أن إسرائيل والولايات المتحدة ودول في المنطقة ناقشوا الحلول المطروحة لإمداد أوروبا بالغاز في عدة اجتماعات إقليمية، بما في ذلك اجتماع "قمة النقب".
وكشفت المجلة "أن مسؤولين إسرائيليين كبار زاروا ثلاث دول في المنطقة ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لمناقشة الحلول المقترحة لنقل الغاز إلى أوروبا.
وتعد حقول الغاز الإسرائيلية في مياه المتوسط إحدى الحلول الأميركية لتعويض نقص إمدادات الغاز الأوروبية.
ووفقاً لـ "غلوبس"، لولا اتفاقيات "أبراهام" للتطبيع مع الدول العربية ما كان لهذه الاجتماعات أن تأخذ هذا الزخم.
وأشارت إلى أن الحاجة الملحة لتعويض نقص إمدادات الطاقة للأوروبيين أعادت واشنطن إلى مشاركة أكبر في دفع اتفاقيات التطبيع في المنطقة.
واشنطن تريد تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي
يأتي دعم الولايات المتحدة للتحركات السياسية التي، شهدتها المنطقة مؤخراً، والساعية لتشكيل حلف إقليمي يجمع الإسرائيليين والعرب، تعبيراً عن رغبة واشنطن في أن يعوض حلفاؤها الأغنياء بمصادر الطاقة نقص إمدادات الغار والنفط الروسي على خلفية الحرب التي يشنها بوتين على أوكرانيا.
يشار إلى أن روسيا تزود أوروبا بأكثر من 150 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، أي نحو 40% من استهلاك القارة، وفي حال قررت أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي، فقد وعدت الولايات المتحدة بنقل من 20 إلى 15 مليار متر مكعب من غاز البترول المسال سنوياً، ومن المفترض أن تضيف قطر من 20 إلى 30 مليار متر مكعب، ومن الدول خط "إيست ميد" المتعثر ومنها إسرائيل من 20 إلى 30 مليار متر مكعب ثلثه على الأقل من حقل ليفياثان الإسرائيلي البحري العملاق، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 12 مليار متر مكعب سنوياً.
وذكرت المجلة أن لدى إسرائيل خيارات عدة لنقل الغاز الطبيعي عبر مد أنابيب براً أو بحراً، عبر مصر أو سوريا أو العراق أو تركيا، إضافة لخيارات تسييل الغاز وشحنه بالناقلات البحرية.
وتعتبر الأراضي السورية إحدى الخيارات المطروحة أمام إسرائيل لنقل الغاز براً إلى تركيا ومن ثم أوروبا، بعد إتمام المرحلة الرابعة من "خط الغاز العربي" من حلب السورية إلى كلس التركية.
الخيار الأول.. خط غاز من العراق إلى تركيا
بحسب وكالة “رويترز"، ناقش مسؤولون إسرائيليون وأميركيون وأكراد من شمالي العراق مسألة نقل الغاز من كردستان العراق إلى تركيا ومن هناك إلى أوروبا.
وقالت "غلوبس"، نقلاً عن مصادر خاصة، إن دول الخليج شاركت في هذه المحادثات، وأن الإمارات طرحت أن يكون هناك خط أنابيب غاز من الخليج عبر العراق يُربط بالخط التركي، لنقل الغاز إلى أوروبا.
وتدعم إسرائيل محادثات هذا الخط إلا أنه حل طويل الأمد بالنسبة لكل المشاركين، فضلاً عن أن العراق بلد غير مستقر أمنياً.
خط بحري إلى تركيا
الحل الثاني المطروح على الطاولة هو نقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا عن طريق مد خط أنابيب تحت الماء من حقل ليفياثان البحري، مع زيادة إنتاج الحقل.
ومن مزايا هذ الخط، أن كلفة بناء مثل هذا الخط لمسافة نحو 550 كيلومترا تبلغ نحو 1.5 مليار دولار مقارنة بنحو 6 مليارات دولار لخط أنابيب "إيست ميد" من إسرائيل عبر اليونان إلى أوروبا.
ويمثل هذا الخط أكثر الخيارات الحيوية والاستراتيجية لتركيا، وكان مطروحاً على طاولة نقاش الرئيسين التركي والإسرائيلي في أنقرة الشهر الماضي، إلا أن الأتراك غير مستعدين لتمويل هذا المشروع.
وأشارت "غلوبس" إلى أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، الذي تشهد بلاده تقارباً مع تركيا، قد يكون هو الممول لهذا الخط.
وقالت المجلة الإسرائيلية إن عودة أنقرة إلى حضن الدول المعتدلة أمر قد يشجع أبو ظبي على مساعدتها، في ظل تقارير إعلامية تتوقع أن ترسل تركيا سفيراً إلى القاهرة في الأشهر المقبلة.
خط بري عبر سوريا إلى تركيا
وأضافت أن هناك حلا آخر عبر تركيا هو خط أنابيب بري أقصر بكثير وأقل كلفة يمر عبر سوريا.
وهو خط أنابيب يبلغ طوله 60 كيلومتراً يربط من خط أنابيب الغاز في سوريا (من حلب) إلى كلس التركية.
وخط الغاز في سوريا هو جزء من شبكة إقليمية تعرف باسم "خط الغاز العربي"، أسست قبل عقدين، ومن المفترض أن ينقل هذا الخط الغاز من مصر إلى لبنان مروراً بسوريا والأردن، بموجب خطة أميركية لإنقاذ لبنان من الانهيار.
وتعد الوصلة بين حلب وكلس هي المرحلة الرابعة من "خط الغاز العربي".
ويصطدم هذا الخيار بعوائق جيواستراتيجية أمنية، لأن سوريا دولة منقسمة وغير مستقرة، وتقول "غلوبس" إن نظام الأسد سيجد صعوبة في تبرير نقل الغاز الإسرائيلي عبر الأراضي السورية إلى تركيا.
تسييل الغاز وشحنه بالناقلات البحرية
كما أن لدى إسرائيل حلين آخرين هما من خلال تسييل غاز حقل ليفياثان ونقله إلى أوروبا. الأول هو إنشاء خط أنابيب غاز من الحقل البحري إلى منشآت التسييل في مصر ومن هناك إلى أوروبا في ناقلات شحن بحرية أو عبر "الخط العربي" بعد إيصاله إلى تركيا.
وبحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإن تل أبيب والقاهرة تجريان محادثات حول هذا المشروع إلا أنهما لم تحرزا تقدما بعد.
الخيار الثاني يعد أكثر استقلالية ويقوم على إنشاء إسرائيل لمصانع تسييل غاز بحرية عائمة بالقرب من الحقول.
في حين يبقى أسرع الحلول الذي تدرسه إسرائيل أيضاً لنقل الغاز إلى أوروبا، هو نقل الغاز الطبيعي المضغوط من الحقل البحري مباشرة، وليس غازا مسالا، إلى أوروبا، وهي عملية تختصر الوقت والجهد، ولا تتطلب إنشاء مصانع تسييل.