يواجه السوريون في مناطق سيطرة النظام، تحدّيات جديدة يومياً، أبرزها تردّي الخدمات العامّة وارتفاع أسعار كلّ شيء، مع استمرار الفساد في ظل أوضاع معيشية واقتصادية صعبة تشهدها سوريا، منذ سنوات.
وفي هذا السياق، يشهد قطاع النقل البرّي تطورات مثيرة للجدل، حيث فرضت إحدى الشركات حديثة النشأة، شروطاً جديدة على كلّ شركات النقل البرّي، ما زاد من أعباء السفر على الأهالي وتردّي جودة الخدمات المُقدّمة لهم.
وبحسب مصادر خاصّة لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ قطاع النقل البرّي -كغيره من القطاعات- في مناطق سيطرة النظام، شهد تراجعاً كبيراً في أداء الخدمات المقدّمة للمواطنين، مع إنهاء بعضها أو تحويلها لخدمة مصالح معيّنة، وذلك عقب تدخّل شركة متنفّذة وتحكّمها في القطاع كاملاً.
شركة "طروادة" للنقل والشحن
وأوضحت المصادر أنّ شركة "طروادة"، التي يُقال إنّ (رامي أحمد عباس) هو مالكها الظاهر، وهو أحد رجال الأعمال المقرّبين من النظام السوري، فرضت سيطرتها الكاملة على خطوط النقل بين المحافظات السوريّة، خاصّة الخط الرابط بين دمشق وحلب.
وقالت إنّ مدينة حمص -مقر الشركة- أصبحت وباتت محطة إجبارية لجميع الرحلات، بغض النظر عن المسار الأقصر أو رغبة المسافرين، مضيفةً أنّ هذه الخطوة لا تصب في مصلحة المسافرين ولا تساهم في تحسين الخدمة.
وأشارت المصادر إلى أنّ شركات النقل قبل تدخّل "طروادة"، كانت توفّر خدماتها من دون دخول المدن الكبيرة مثل حمص، ما ساعد على تقليل وقت السفر واختصار مسافة الطريق، لكن بعد تدخّلها، فرضت إدخال مدينة حمص ضمن مسار الرحلات، ما ألغى ميزة السفر "المباشر" إلى المنطقة المحدّدة بالرحلة، وأدّى إلى زيادة وقت السفر وتكاليفه.
ونقلت المصادر -عن مسؤولين في شركة "طروادة"- أنّ هذا التغيير في مسار الرحلات، يهدف إلى تنشيط الحياة في مدينة حمص، بعد التهجير وعودة المهجّرين، الذين هجّرهم النظام السوري نفسه بعد قصفٍ ومجازر وحصار.
لكن هذه المبرّرات -وفق المصادر- لا تعكس الحقيقة بالنسبة للمسافرين، فعوضاً عن تحسين الخدمات المُقدّمة لهم، واجه الركّاب سوءاً في جودتها وارتفاعاً في الأسعار داخل كراج حمص، الذي يبدو أنه مستثمر من قبل متنّفذ آخر، وغالباً مرتبط بصاحب شركة "طروادة"، حيث يصل سعر عبوة ماء للشرب إلى 10 آلاف ليرة سوريّة، والدخول إلى الحمّام يتجاوز الـ2000 ليرة.
وتشير الشهادات -التي نقلتها المصادر- إلى أنّ شركة "طروادة" تتسم بسوء الإدارة، حيث تتجاهل ظروف تأخّر المسافرين في استراحة الكراج، حيث تغادر حتّى من دون ترك بطاقاتهم الشخصّية (الهويّات)، مّا يعرّضهم لمشاكل عند الحواجز الأمنية، فضلاً عن مقاعدها الضيّقة وبأسعار مُبالغ فيها، لا تلبّي توقّعات المسافرين الذين يدفعون مبالغ تفوق تسعيرة الـ"VIP" في شركات أُخرى، لكن يجدون أنفسهم في مواجهة معاملة دون المستوى.
وأكّدت المصادر أنّ بولمانات الشركات الأُخرى التي تحاول عدم الدخول إلى مدينة حمص من أجل توفير الوقت، تخضع للمخالفة، مشيرةً إلى أنّ شركة "الأمير" المعروفة بخطّها المباشر بين حلب ودمشق، أُلزمت "قسراً" بدخول مدينة حمص.
"طروادة" ورامي أحمد عباس
في مطلع شباط الماضي، نشرت شركة "طروادة" عبر حسابها في "فيس بوك"، شكوى قدّمتها إلى وزير الداخلية في حكومة النظام السوري، تشتكي بموجبها من شبكة تفرض الإتاوات على شركات النقل وفق عمليات "تشبيح وترهيب".
وبحسب معرّفات شركة "طروادة"، فإنّها أُسّست، في العام 2021، كشركة للنقل والشحن في سوريا، قبل أن تصدر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، القرار رقم /2827/، في 3 شباط 2022، والذي صادقت فيه على تعديل النظام الأساسي للشركة، حيث بات يحق لها "استيراد وتصدير المواد المسموح بها، وتمثيل الشركات والوكالات العربية والأجنبية، ودخول المناقصات والمزايدات، (إلى جانب نقل الركاب والمجموعات السياحية)".
وبالنسبة لمالك الشركة (رامي أحمد عباس)، لا يوجد الكثير من المعلومات المتوفّرة عنه، أكثر من أنّه ينحدر من محافظة حمص، فيما تشير صفحة الشركة على "فيس بوك"، إلى أنّه رشّح نفسه لانتخابات "غرفة تجارة حمص"، مطلع تشرين الأوّل الجاري.
يشار إلى أنّ شركة "طروادة" تعدّ نموذجاً يعكس مجدّداً صور الفساد المستشري في مناطق سيطرة النظام السوري، وسوء الإدارة حتّى في القطاع الخاص، الذي يتحكّم به متنفّذون مرتبطون بمسؤولي النظام.