تمكن كادر طبي في أحد مستشفيات محافظة إدلب، من إنقاذ حياة طفل ولدته أمه مبكراً، إذ تعتبر هذه الحالة هي الأولى من نوعها في مستشفيات شمال غربي سوريا بعد أن كان يتم تحويل مثل هذه الحالات إلى المستشفيات التركية مما يعرض حديثي الولادة لخطر فقدان الحياة من جراء عمليات النقل وإجراءاتها المعقدة والطويلة.
وأنقذ مستشفى "شفق" التخصصي للأطفال والنسائية في مدينة معرة مصرين بريف إدلب الشمالي، الطفل خالد في الـ 22 من أيار الفائت والذي كان يعاني من عدم اكتمال نمو الرئتين، كونه وُلِدَ قبل إتمام حمل والدته به تسعة أشهر، وهو ما يسميه الطب بالـ"خديج".
وقال الدكتور "علاء برهوم" مدير مشفى شفق لموقع تلفزيون سوريا: وصلتنا أم بحالة إسعافية طارئة، وتم اكتشاف انفكاك المشيمة خلال الشهر السابع من الحمل مما اضطر الكادر الطبي على أثرها إلى أن يجري لها في المستشفى عملية قيصرية إسعافية، وتحويل المولود إلى قسم العناية المركزة للأطفال، والذي اكتشف أنّ المولود لم يكتمل نمو رئتيه بعد وأنه ولد في الشهر السابع من الحمل (خلال الأسبوع الحملي الثلاثين).
وأضاف الدكتور: "على الفور قام الكادر الطبي في المستشفى بتقديم الرعاية الصحية والإنعاش القلبي الرئوي للمولود، وإعطائه دواء (سورفكتانت) المخصص لإنضاج الرئتين لدى الأطفال الخدج، وهو دواء يتم حقنه في الأنبوب الواصل للرغامى ومنها للرئتين، فيعمل على توسيع الحويصلات الرئوية كي تساعد في نضج الرئتين، وإتمام عملية التبادل الهوائي الصحيح.
وأوضح الدكتور علاء البرهوم أن هذا دواء (سورفكتانت) لم يكن متوافراً في شمالي سوريا وعملت منظمة شفق حديثاً على تأمينه، وهو علاج باهظ الثمن حيث يصل ثمن الإبرة الواحدة منه إلى أكثر من 400 دولار أميركي، حيث عكست نتائج مرضية جداً إثر استخدامها، ووفرت عناء الإحالة إلى المشافي التركية التي تستغرق غالباً عدة ساعات قد تصل إلى يوم كامل ليتم قبولها، وبسبب تأخير القبول تقل نسبة الاستفادة من الحقن مما يعرض حياة الكثير من الأطفال للفقدان أو التسبب بإعاقات دائمة من جراء نقص الأكسجة عند الولادة، إذ يفقد الدواء الساعات الذهبية لإعطائه للمولود مما يخفف فاعليته والاستفادة منه.
وأخيراً افتتح مستشفى شفق وحدة العناية المشددة المجهزة بـ 6 حواضن للأطفال ومنافس وأجهزة سباب وجهاز غازات ودم وشوارد وأشعة، ويستقبل المستشفى حالات خارجه أيضاً.
أسباب الولادة المبكرة ومخاطرها
وبحسب القابلة القانونية "رهف الجع" فإن من أهم أسباب الولادة المبكرة لدى الأطفال هو حمل الأم بتوأم، أو إصابتها بأحد الأمراض المزمنة كعدم انتظام ضغط الدم والسكري، أو أنها تعاني من التهابات أو أمراض أو تشوهات في الجهاز التناسلي، كما أنّ العامل النفسي يلعب دوراً في توقيت الولادة، وعادة ما تسبب الولادة المبكرة مخاطر على الأم كتعرضها لحالة نزيف مما يستدعى إجراء عمل جراحي.
أما مخاطرها على المولود، ففي حال كانت الولادة قبل الأسبوع السادس والثلاثين من الحمل فقد يتعرض المولود لنقص الأكسجة الحاد، مما يستدعي نقل الخديج إلى أجهزة حاضنات مخصصة وتقديم الرعاية اللازمة والفائقة وتدارك أي تأثيرات وأعراض جانبية فور حصولها، إضافة إلى مراقبة سلامة الأم ورعايتها في كل مرة تحمل بها.
نحو 1900 طفل حديث الولادة دخل تركيا عبر باب الهوى منذ 2020
وقدّم المكتب الطبي لمعبر باب الهوى الحدودي شمالي إدلب إحصائية لموقع تلفزيون سوريا، يظهر فيها أن 1237 طفلاً حديث الولادة عبروا تجاه المشافي التركي لتلقي العلاج خلال العام 2020 الفائت، في حين عبر 640 طفلاً منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية مايو/أيار الفائت الذي وثق خلاله عبور 127 طفلاً حديث الولادة.
وأظهرت دراسات طبية أن الأطفال الخدج يعانون انخفاض الوزن عند الولادة، وصعوبة في التنفس بسبب عدم نضج الرئتين، أو أعضاء غير ناضجة بشكل كاف وتلوث يهدد الحياة، كما أن الأطفال الذين يولدون في وقت مبكر من الحمل تزيد لديهم مخاطر التأخر في التعلم واضطرابات النمو والمشكلات السلوكية، ونسبة ضعيفة منهم قد يتعرضون لإعاقات دائمة كالضمور الدماغي أو شلل جزئي أو نقص في النمو.
وبحسب تقرير سابق أعده المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، في 17 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016 والذي اعتمدته المنظمة يوماً عالمياً للأطفال المبتسرين، فإن نحو 180 ألف طفل يموتون سنوياً بسبب الولادة المبكرة، أي ما يشكل نسبة 20% إلى عدد الولادات الإجمالي، في حين رصدت البيانات الواردة من سوريا أن نسبة 18% من عدد الولادات الإجمالي يتعرضون للوفاة بسبب الولادة المبكرة ومضاعفاتها.