ينصح خبراء أميركيون أن تمضي الولايات المتحدة قدماً خلال الحرب الروسية على أوكرانيا في ثلاثة طرق على نحو متوازٍ إنسانياً وعسكرياً ودبلوماسياً أي أن تستمر في مساعدة الشعب الأوكراني، مع تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا حتى تكون عقبة أمام إنجاز المهمة الروسية أو الاستماع لأي مبادرة توافقية أو وساطة لحل الأزمة، لأنه من منظورهم أن ما يجري في أوكرانيا هو حرب روسية أميركية في المقام الأول.
وعندما يواجه الروس صعوبة أكبر في السيطرة على أوكرانيا أو تغيير رئاستها وحكومتها، من جراء الدعم الأميركي، فإنهم سيكونون أكثر مرونة في التفاوض بشأن تسوية ما، ما دام الوضع على الأرض يرسم خطوط الحلول السياسية في أي مكان.
مع بداية الحرب الروسية انقسمت الآراء وتعددت السيناريوهات وكنت مع الرأي القائل إنها حرب طويلة طالما بدأت لكنها لن تفضي إلى حرب عالمية ثالثة خاصة أن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أن بلاده لن تخوض حرباً ضد روسيا في أوكرانيا، لأن "المواجهة تعني نشوب حرب عالمية ثالثة وهو أمر ينبغي أن نسعى لتفاديه"، لكن بعد وقوع ما يخشاه من دعم صيني لروسيا وطرق جديدة لتمويل الحرب واستقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعداداً غير معلومة من "متطوعين" من بينهم سوريون طحنتهم الحرب في بلادهم رغم أنهم مع النظام، بينما يهربون إلى مرتب شهري باسم الولاء لـ "قائدهم المفدى" وحليفه الروسي. ومهما تحدث البعض عن عدم فائدتهم خلال هذه الحرب أو التقليل من إمكاناتهم، إلا أنني أعتقد أن هذه الأعداد قد تغير قليلاً من المعادلة من خلال دفعها إلى الخطوط الأمامية في حروب شوارع، ما يفرض على الأميركيين تغيير استراتيجيتهم في الحرب.
ربما في كل الأحوال لن يؤدي هذا التغيير إلى زيادة التدخل الأميركي في أزمة أوكرانيا حتى لا يزيد من احتمال نشوب مواجهة مباشرة بين روسيا من جهة، والناتو من جهة ثانية، لأن هذا الأمر ستكون له تبعات كارثية في حال حدوثه، كما أن فرض منطقة حظر طيران في الأجواء الأوكرانية، من أجل كبح جماح روسيا، سيكون بمثابة خطوة أو إعلان نحو الحرب النووية وهو أمر لا يريده الجميع، خاصة أن موسكو قبل نحو أسبوع من البدء بالهجوم على أوكرانيا أجرت تدريبات قالت إنها كانت مقررة أصلاً، على أنظمة إطلاق الأسلحة النووية الخاصة بها كما هاجمت القوات المسلحة الروسية منشآت نووية في أوكرانيا واستولت عليها، وأجرت من جديد قوات روسية تمرينات إطلاق أسلحة نووية تحت مسمّى "روتينية" لتبقى المخاوف من هذه التهديدات الروسية بأشكال مختلفة لأنه لا يعلم أحد متى يرى بوتين، الذي اتفق الجميع على استبداده ودكتاتوريته في قراراته، أنه يجوز له استعمال الردع النووي لأن وجود الدولة الروسية معرض للتهديد ولأن قدرة الردع النووي لروسيا في خطر فيشرعن بذلك حربه النووية المفتوحة ويحاول من منطق "علي وعلى أعدائي" إجبار خصومه على الاستسلام رغم كل المخاطر والتداعيات.