تتبع الحكومة الألمانية سياسة "الكيل بمكيالين" في التعامل مع القضية الفلسطينية، وتتخذ موقفًا منحازًا لإسرائيل، بالإضافة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تستهدف الفلسطينيين المقيمين على أراضيها ممن يؤيدون القضية الفلسطينية.
الجانب الحكومي "يكيل بمكيالين"
وطالب المستشار الألماني، أولاف شولتس، اليوم الخميس، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بإدانة هجوم حماس على إسرائيل بشكل واضح، واصفا صمته حتى اللحظة بـ "المعيب"، في حين لم يأت على ذكر المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال بالفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأيام الماضية.
وقال شولتس في خطاب أمام البرلمان "أين الإدانة الواضحة من قبل السلطة (الفلسطينية) المستقلة ورئيسها محمود عباس للعنف الإرهابي؟".
وبرر شولتس لإسرائيل ما ترتكبه من مجازر بقوله "لإسرائيل الحق في حماية نفسها ومواطنيها من الهجمات البربرية وملاحقة المهاجمين".
وأضاف "أمن إسرائيل هو شأن دولة بالنسبة لألمانيا، وهذا ينطبق بشكل خاص في الأوقات الصعبة مثل هذه، وسوف نتصرف وفقًا لذلك".
من جانبها، دانت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، هجمات "حماس" على إسرائيل ووصفتها بأنها "همجية".
الاتهامات جاهزة "معاداة السامية"
وقال شولتس كل من يدعم منظمة إرهابية مثل حماس يرتكب جريمة جنائية"، بالإشارة إلى الفلسطينيين في ألمانيا.
وأعلن أيضاً أنه سيتم حظر جماعة "صامدون" الفلسطينية التي تتخذ من برلين مقراً لها، والتي تدعى "شبكة التضامن مع الأسرى".
وأضاف "نادٍ مثل صامدون الذي يحتفل أعضاؤه بالهجوم الإرهابي الأكثر وحشية (في إسرائيل) في الشارع محظور في ألمانيا"، واصفاً ذلك بالـ "مقزز" وغير الإنساني، مشيراً إلى أن ذلك يتناقض مع كل القيم التي يلتزمون بها كدولة.
وأكد "لن نقبل الكراهية" وأضاف: "نحن لا نتسامح مع معاداة السامية".
وكان مارتن هيكل، رئيس بلدية حي نويكولن، قد ندد سابقاً بما وصفه بـ "تمجيد رهيب لحرب رهيبة"، في تصريحات لتلفزيون فيلت.
ودعا الحكومة إلى حظر ما وصفه بـ"الدعاية الإرهابية المثيرة للاشمئزاز" من جانب "صامدون"، بعد توزيع هذه الجماعة عقب عملية طوفان الأقصى في 7 من الشهر الجاري، الحلويات على المارة احتفالاً بـ "انتصار المقاومة".
بينما لم يدن أو يتطرق لذكر الأسرى الفلسطينيين، أو الضحايا من النساء والأطفال وسياسة الأرض المحروقة التي اتبعتها إسرائيل في غزة.
منع الوقفات المناصرة لفلسطين
على صعيد الوقفات التضامنية، لم تسمح ألمانيا بالمسيرة التضامنية مع فلسطين المقرر عقدها في برلين أمس، لأسباب "تتعلق بالأمن العام"، واتهمت "مبادرة فلسطين" ألمانيا في اتخاذ قرارها بـ “العنصرية".
وجاء في البيان الذي أصدرته شرطة برلين: "إن المسيرة التي ستقام في مناطق مختلفة من برلين تضامناً مع فلسطين، والوقفات حول الموضوع نفسه، وكل الفعاليات التي تحل محلها محظورة على أساس أنها تشكل تهديداً للأمن والنظام العام".
وذكر البيان أن الشرطة أبلغت منظمي المسيرة بالموضوع، وكانت منصات مختلفة مؤيدة للفلسطينيين مثل "فلسطين تتحدث" و"لجنة العمل الفلسطينية" قد دعت سابقاً إلى تنظيم مظاهرات في برلين.
كما فرقت مظاهرة في 8 من الشهر الجاري كانت تهتف لفلسطين، واعتقلت العديد من الأشخاص الموجودين بها.
حيث تظهر مقاطع مصورة اعتداء الشرطة على المتظاهرين، بينما لم تتدخل بالطريقة نفسها عند تنظيم مظاهرة داعمة لإسرائيل في مدينة برلين نفسها.
اعتقال شبان بزعم اعتدائهم على تظاهرة مؤيدة لإسرائيل
وأمس الأربعاء، اعتقلت السلطات الألمانية شابين سوريين بتهمة الاعتداء على رجل ألماني خلال تظاهرة مؤيدة لإسرائيل في مدينة كيمنتس الألمانية.
وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية أن الشبان كانوا يشاركون في تظاهرة (غير مرخصة) مؤيدة لفلسطين، بالتزامن مع وجود أخرى (مرخصة) مؤيدة لإسرائيل.
وزعمت الصحيفة أن ثلاثة شبان بينهم اثنان من الجنسية السورية -يبلغان من العمر (17 و20 عاماً)- انتزعوا أحد الأعلام الإسرائيلية من امرأة مسنة، ثم اعتدوا على رجل ألماني يبلغ من العمر (55)، في أثناء وجوده في المكان.
معلم ألماني يصفع طفلاً فلسطينياً في برلين
وفي مقطع انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأثار غضباً واسعاً في الأوساط العربية، يظهر معلم في مدرسة وسط برلين، وهو يهاجم ويصفع طالباً فلسطينياً عمره 15 عاماً، بعد رفعه علم فلسطين بساحة مدرسته.
وقالت الشرطة في بيان لها تبرر فعل المعلم، "رفع طالب ملثّم علم فلسطين داخل ثانوية، فطلب منه معلم إنزاله، رفض الطالب ونطح المعلم، ردّ المعلم بصفعه على وجهه، ليركل التلميذ المعلم في بطنه".
حظر نشاطات داعمين للقضية الفلسطينية قبل "طوفان الأقصى"
ولم يأت التضييق والانحياز الألماني للجانب الإسرائيلي، عقب عملية طوفان الأقصى فقط، بل قبل ذلك أيضاً، في 4 من الشهر الجاري، فرضت السلطات الألمانية، حظراً سياسياً على الناشط الفلسطيني مصعب أبو العطا، لمدّة شهر، ومنعته من ممارسة وتنظيم أنشطة داعمة للقضية الفلسطينية وتضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال، وهددته بسحب إقامته.
وكانت السلطات قد رفضت منح تراخيص لفعاليات مؤيدة لفلسطين في العاصمة برلين، آخرها إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية في أيار الماضي، وذلك بتأييد من المحكمة الإدارية الإقليمية في برلين.
وسبق ذلك، منع الشرطة الألمانية تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بمناسبة يوم القدس في نيسان الماضي، خوفاً من ترديد هتافات معادية للسامية.
"طوفان الأقصى"
وتعتبر عملية "طوفان الأقصى"، تصعيداً غير مسبوق لـ فصائل المقاومة الفلسطينية، منذ سنوات طويلة، حيث اجتاحت خلالها "كتائب القسّام" العديد من المناطق التي تحتلها إسرائيل واخترقت حصنها المنيع المعروف بـ “غلاف غزة".
وأسفرت العملية حتى الآن، عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي وإصابة الآلاف وأسر العشرات، خلال خمسة أيّام هي أعنف ما شهدته "إسرائيل"، منذ "حرب تشرين الأول/ أكتوبر" عام 1973.
وردّاً على الطوفان، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، وخلالها نفّذت طائراته مئات الغارات الانتقامية على قطاع غزة، ما أدّى إلى مقتل 1055 فلسطينياً وآلاف الجرحى، فضلاً عن دمار كبير في الأبنية السكنية.